المعارضة اليمنية قدمت للأميركيين ضمانات بمكافحة «القاعدة» إذا تغي?ـر النظام
لم يستسلم الرئيس اليمني علي عبد الله صالح للاحتجاجات المتواصلة المطال?بة بإسقاط نظام حكمه كما استسلم الرئيسان المخلوعان بن علي وحسني مبارك? ولكنه عمد وهو يخوض معركة البقاء على رأس السلطة في مواجهة أحزاب المعارضة ومئات الآلاف من الشباب المعتصمين في ميدان?ِي التغيير والحرية وفي أغلب المحافظات اليمنية? إلى استخدام العديد من الأوراق التي ت?ْكسبه التعاطف القبلي الداخلي وتجلب له الدعم الإقليمي والدولي. في الدرجة الأولى? كان الرئيس علي عبدالله صالح يتطل?ع إلى الفوز بدعم خليجي – أميركي? غير أن التعاطف والدعم اللذين فاز بهما في فترات سابقة لم يتأت?يا له هذه المرة.
وعلى مدى شهرين? عقد الرئيس اليمني – الذي بدا وحيدا?ٍ في هذه المعركة – العشرات من اللقاءات? وألقى عددا?ٍ كبيرا?ٍ من الخطابات? وخلال الفترة الممتدة من مطلع شباط (فبراير) وحتى آخر الأسبوع الأول من آذار (مارس)? عقد صالح أكثر من 30 لقاء? بينها لقاء وحيد مع أساتذة جامعة صنعاء وطلابها? وآخر?ْ مع اللجنة الدائمة لحزب المؤتمر الشعبي العام (الحاكم)? ولقاء ثالث مشترك مع مجلسي النواب والشورى? ورابع مع قادة القوات المسلحة والأمن? ولقاء يتيم مع مجموعات من الشباب الموالين له? في حين عقد أكثر من 25 لقاء مع رجال القبائل اليمنية? الذين يتم جمعهم من مختلف المحافظات.
ويركز الرئيس صالح في هذه المواجهة على القبائل اليمنية? للحصول على دعمها له. ويأتي اهتمام صالح بالقبائل على حساب الفئات الاجتماعية الأخرى? كالمثقفين والشباب والسياسيين? وحتى منتسبي الأمن والجيش? لعدم ثقته بهذه الفئات? وللدور الكبير للقبيلة في اليمن? وتأثيرها في الحياة السياسية اليمنية? وسهولة التأثير عليها وإقناعها بالمبررات التي يكرر الرئيس طرحها بشكل شبه يومي? باعتبار أن أغلب رجال القبائل الذين يتم حشدهم لمقابلة الرئيس وإعلان تأييدهم له ووقوفهم إلى جانبه? يعتمدون بشكل رئيسي للحصول على المعلومات ذات الصلة بالشأن اليمني? على التلفزيون الرسمي? الذي ينقل وجهة نظر السلطة.
ويرى مراقبون أن العشرات من الخطابات الرئاسية التي ألقيت خلال الأسابيع الثمانية الماضية? حملت المضمون ذاته? من أول خطاب ألقاه صالح وحتى آخر خطاب له? ويقولون إن الرئيس حرص في كل الخطابات على توجيه رسالتين بدرجة رئيسية: الأولى للداخل اليمني? والأخرى للمحيط الإقليمي والدولي? فيعمد في تلك الموج??ِهة إلى اليمنيين إلى إثارة مخاوفهم من تفاقم الاحتجاجات ومن الاستجابة لمطالب المعتصمين وأحزاب المعارضة? التي تهدف إلى زعزعة الأمن والاستقرار وإشعال حرب أهلية مدمرة? وتهيئة الأجواء لانفصال جنوب اليمن عن شماله? وإتاحة المجال للحوثيين للسيطرة على محافظة صعدة (شمال البلاد)? وتأسيس دولة ترتكز على النظام الإمامي الذي حكم شمال اليمن قبل ثورة سبتمبر (أيلول) 62? بل وبلغ الأمر بالرئيس حد??ِ اتهام المعارضة بالتسبب في أزمة الغاز المنزلي المنعدم في الأسواق? وارتفاع أسعار المواد الغذائية.
أما رسالته للمحيط الإقليمي والدولي? فإلى جانب تخويف الخارج من سيطرة التيار الإسلامي على الحكم بعد سقوط نظامه? والتأثيرات التي ستسببها اليمن في دول المنطقة إذا ما انهار النظام الحاكم? يركز الرئيس كثيرا?ٍ على تنظيم «قاعدة الجهاد في جزيرة العرب»? باعتباره يمثل خطرا?ٍ كبيرا?ٍ على المصالح الغربية والأميركية في المنطقة والعالم? مستندا?ٍ في ذلك إلى المخاوف الأميركية التي تعاظمت خلال السنوات الأخيرة الماضية? ويعبر عنها المسؤولون الأميركيون بشكل دائم? بحيث ارتفعت خلال الأزمة السياسية الراهنة في اليمن درجة?ْ هذه المخاوف لدى الإدارة الأميركية? التي تحرص على أن تكون حاضرة في أي تسوية سياسية في البلاد.
ومع تدهور الأوضاع في اليمن خلال الأسابيع الأخيرة? عب??ِر وزير الدفاع الأميركي روبرت غيتس? عن خشيته من أن تؤدي الاضطرابات في اليمن إلى تحو??ْل انتباه البلاد عن مكافحة تنظيم القاعدة? الذي ي?ْع?ِد? في نظر غيتس «الجناح?ِ الأكثر نشاطا?ٍ? وقد يكون الأكثر?ِ عنفا?ٍ في «القاعدة»? ويتحرك انطلاقا?ٍ من اليمن». ويرى غيتس في مقابلة بثتها قناة (اي بي سي) الأميركية أواخر?ِ شهر مارس آذار? أن سقوط الرئيس اليمني سيطرح مشكلة فعلية للولايات المتحدة في مكافحة تنظيم القاعدة? حيث تخشى أميركا? التي كانت تتعاون مع الرئيس صالح وأجهزة الأمن اليمنية في مكافحة الإرهاب? من عدم تعاون النظام الذي سيخلف صالح معها في حربها ضد الإرهاب? خاصة مع سماح السلطات اليمنية الحالية للقوات الأميركية بتنفيذ عمليات عسكرية ضد عناصر القاعدة داخل الأراضي اليمنية وتبن??ي هذه العمليات نيابة عن أميركا? إضافة إلى سماح صالح للإدارة الأميركية بفتح أربعة مراكز لمكافحة الإرهاب في كل من مأرب وشبوة وأبين وحضرموت? وبكادر أميركي.
الرئيس اليمني? الذي يدرك منذ فترة بعيدة حجم المخاوف الغربية والأميركية خصوصا?ٍ من تنامي نشاط «القاعدة» في اليمن? يعمل على تعميق هذه المخاوف