احتجاجات السودان تلاحق البشير
شهارة نت – الخرطوم :
تشهد دولة السودانية حالة من الغليان الشعبي ضد الرئيس عمر البشير، بعد الإجراءات الاقتصادية التي اتخذتها الحكومة مؤخرا، فبعد تطبيق العصيان المدني بالعديد من المناطق السودانية في شهر نوفمبر الماضي، يواجه البشير حزمة جديدة من الغضب قد تربك حساباته السياسية.
وكان معارضون في السودان دعوا لـ”عصيان مدني” جديد في 19 ديسمبر الجاري احتجاجا على قرارات حكومية بالتقشف ورفع أسعار بعد المواد والسلع، واعتبروا أن احتجاجات الشهر الماضي كانت ناجحة، لكن السلطات ردت بالسخرية والتهوين من قيمتها.
ودعا ناشطون عبر مواقع التواصل الاجتماعي إلى العصيان، واستجاب لهم عدد من الأحزاب السياسية والحركات المسلحة المعارضة، ما يشير إلى منحنى أقوى للعصيان المقبل عن سابقه، الذي لاقى استجابة شبابية، لكنه افتقر للتنظيم؛ إذ لم يكن هناك رابط تنظيمي بين أصحاب الدعوات والقاعدة الشعبية المشاركة، كما أن أحزاب المعارضة لم تنخرط بشكل فاعل من خلال تعبئة أنصارها.
ولجأ ناشطون معارضون، في الدعوات المقبلة، إلى وسائل التواصل الاجتماعي (تويتر وفيسبوك وواتساب) خلال الأسابيع الماضية للدعوة إلى العصيان عبر البقاء في المنازل يومي 19 و20 ديسمبر – ذكرى إعلان استقلال البلاد- لتكون خطوة بديلة للتظاهر بالشوارع.
وبرر الداعون للعصيان اللجوء إلى هذا الأسلوب بتجنب العنف الذي رافق احتجاجات شعبية حاشدة في 2013 عندما طبقت الحكومة خطة تقشف مماثلة، وأسفرت الصدامات بين الشرطة والمتظاهرين حينها عن مقتل 86 شخصا، وفق بيانات رسمية، في حين تحدثت المعارضة عن مئتي قتيل.
يبدو أن الرئيس السوداني أكثر توجّسًا هذه المرة عن ذي قبل، وبدا ذلك جليًا في خطابه المتلفز أمس، أمام حشد من مدينة كسلا شرق السودان، حيث قال “سمعنا خلال الأيام الماضية من ناس يتخفون خلف الكيبورد، دعوة إلى إسقاط هذا النظام”، في إشارة إلى استخدام وسائل التواصل الاجتماعي لتنظيم الاحتجاجات.
وأضاف البشير مخاطبا معارضيه “إذا أردتم إسقاط النظام واجهونا مباشرة في الشارع، ولكني اتحداكم أن تأتوا إلى الشارع، نعلم أنكم لن تأتوا لأنكم تعلمون ما حدث في السابق”، مؤكدا أن “هذا النظام لا يمكن إسقاطه بواسطة الكيبوردات”، ملوحا باستخدام القوة لمواجهة التحركات والمظاهرات التي تسعى قوى المعارضة تنظيمها، مذكرا باحتجاجات سابقة شهدت أعمال عنف راح ضحيتها عشرات من السودانيين.
قدر ناشطون نسبة الاستجابة لدعوة العصيان المدني الشهر الماضي بما بين 30% و40%، لكن الحكومة أكدت أن الاستجابة كانت معدومة، حتى أن الرئيس عمر البشير علق على العصيان بأنه “فشل بنسبة مليون في المئة”، ويعول الكثير من النشطاء السودانيين على العصيان المدني وقدرته على إزاحة البشير من المشهد السياسي.
في المقابل، قلل آخرون من أهمية العصيان المدني الجديد، ويرون أن ما لم يتم حسمه من البداية في إشارة للعصيان السابق، لن يتم حسمه الآن، فكل الأحزاب المعارضة ظهرت مؤيدة للعصيان، لكن أغلب السوادانيين يتخوفون من عدم تأهيل الأحزاب لتولي المناصب بعد العصيان.
الجدير ذكره أنه بعد إعلان الحكومة عن حزمة من القرارات الاقتصادية مطلع الشهر الماضي، خرجت تظاهرات محدودة، فرقتها قوات الأمن، ما دفع السودانيون لتبني فكرة العصيان المدني، احتجاجا على سياسات الحكومة الاقتصادية التي أدت إلى ارتفاع أسعار الدواء والوقود، بعدما خسر السودان أهم مصدر للعملة الصعبة “النفط” بعد انفصال الجنوب عن الشمال، إذ تتركز كل حقول النفط في جنوب السودان.