لماذا أرادوه (عدواناً) و ليس (حرباً) ؟!
بقلم الشيخ / عبدالمنان السنبلي:
لقد بات في حكم المجمع عليه عند معظم الخبراء الإستراتيجين و العسكريين على مستوى العالم من أنها لو كانت فعلاً (حرباً)، لكانت طلائع القوات اليمنية اليوم قد وصلت إلى مشارف الرياض، و لهذا فقد أرادها السعوديون و تحالفهم منذ البداية أن تكون عدواناً مباشرا !
فما هو الفرق يا تُرى بين مفهومي العدوان و الحرب ؟ و لماذا إختارت السعودية إستراتيجية العدوان دون الحرب ؟
ببساطة شديدة فإن (الحرب) كمفهومٍ هي تلك الحالة التي تندلع فيها شرارة المواجهة الأولى بين دولتين على سبيل المثال او أكثر بعد أن أتم كل فريقٍ ترصده و إستعداده و اخذ كامل إحتياطاته اللازمة لمواجهة الآخر، بينما (العدوان) كمفهومٍ أيضاً هو أن يترصد فريقٌ ما او أكثر بعد ان يتم كامل إستعداده بصورة غاية في السرية بفريقٍ آخرٍ يأمن جانبه أو يكون منشغلاً عنه فيباغته على حين غرة منه بضرب و تدمير معظم مقدراته و تجهيزاته العسكرية الروتينية مما قد يشل حركته فيسهل على المعتدي إبتلاعه و النيل منه في فترةٍ و جيزةٍ و ذلك كما حصل للعرب من قبل العدو الإسرائيلي في ما عرف بنكسة حزيران ! حيث تمكن الصهاينة بعدوانهم ذلك في فترةٍ وجيزةٍ خمسة أيامٍ فقط من تدمير معظم القدرات الهجومية و الدفاعية لجيوش أربع دولٍ عربية و يجتاح من الأراضي العربية ما مجموعه يعادل اراضي دولةٍ منها او يزيد !
من هنا فإن السعوديين و لعلمهم المسبق بحقيقة جيشهم الكرتوني الهش و الذي لن يصمد كثيراً في حال إندلعت حربٌ مباشرة بينه و بين الجيش اليمني و هو في حالة الإستعداد و الترصد المسبق، فقد خططوا و قرروا تنفيذ هجوم مباغت و مفاجئ ضد الجيش اليمني و هو في حالة إسترخاء تام مستغلين إمتلاكهم لأحدث أنواع المقاتلات الحربية المدعومة لوجستياً من قبل الأقمار الصناعية الأمريكية و الإسرائيلية نتج عن ذلك تدمير كامل للقدرات الجوية و الدفاعية الجوية اليمنية الأمر الذي جعل الأجواء اليمنية تصبح مسرحاً لعربدة الطائرات السعودية و الإماراتية و غيرها من طائرات حلفاءهم !
يتضح ذلك من خلال النية المبيتة و الإستعداد السري الذي سبق هذا العدوان بثمانية أشهر بحسب سفير المملكة في واشنطن يومها (عادل الجبير) الذي قال في بدايته انهم يعدون له منذ ثمانية اشهر بالإضافة إلى تجهيز و تهئية الجبهة الموالية لهم في الداخل اليمني. طبعاً كل ذلك كان يحدث دون علم الجيش اليمني او حتى أدنى توقعٍ منه بإمكانية حدوث مثل هكذا أمر و ذلك لإنعدام المبررات و الدوافع الموجبة لذلك على الاقل في نظر اليمنيين !
إلا أنه و على الرغم من إعتماد السعودية و حلفاءها لنظرية العدوان هذه، فقد إستطاع الجيش اليمني المسنود باللجان الشعبية ان يفرغ هذه النظرية من محتواها و يمتص الضربة الأولى التي عوّل عليها العدو و يتمكن من جره إلى حرب إستنزافٍ طويلةٍ شارفت على إكمال عامها الثاني .
من هنا يمكن للمرء ان يتخيل ماذا لو كانت الحالة اليمنية السعودية حرباً مكتملة العناصر و الاركان و لم يفأجئ السعوديون اليمنيين بعدوانهم المباغت و تحييد سلاح الجو اليمني عن المعركة ؟! كيف سيكون حال الحرب الآن خاصةً و أن الجيش اليمني و برغم ظروف العدوان و إفتقاره إلى الغطاء الجوي قد أصبح اليوم على تخوم مدنٍ سعوديةٍ كبرى ؟!