الحلقة المفقودة في ثورة التغيير
من يعتقد أن هناك من يعارض الثورة أو يمكن أن يقف حائلا?ٍ بينها وبين النجاح فقد جانب الصواب وامتطى صهوة التجني في الخطاب . التغيير حلم , والثورة هدف ندعو له ونحث الخ?ْطى في سبيله , واقفين تحت لوائه . عندما انطلقت شرارة التغيير المنادية بإصلاح النظام سياسيا?ٍ واقتصاديا?ٍ واجتماعيا?ٍ ب?ْوركت هذه الشرارة , وع?ْد??ِت خطوة جريئة ومهمة احتشد الناس حولها من كل الأطياف يؤازرونها ولسان حالهم يقول وبمرارة : لقد سئمنا الفساد الذي أتخم الكروش وتمادى الفاسدون في غي??هم وضلالهم معتقدين ألا حساب سيطالهم , أو حتى أن يوما?ٍ سيأتي وقد طفح المجتمع المغلوب على أمره بالق?ِر?ِف? من ألاعيبهم واستغفالهم واستهبالهم طوال هذه السنوات الطوال من سواد تاريخهم , مؤمنين أنهم قد ساهموا بشكل مباشر أو غير مباشر في نمو فسادهم وانتفاخ كروشهم الم?ْت?خ?ِم?ِة بثروات البلاد دون حسيب?ُ أو رقيب?ُ . فساد?َ ن?ِخ?ِر?ِ كافة مفاصل الدولة , يسرح ويمرح في ظل قانون م?ْغ?ِي??ِب?ُ رغما?ٍ عنه , وهيئات وأجهزة أ?ْعد??ِت للرقابة والمحاسبة فشك??ِلت تمويها?ٍ وغطاء?ٍ للفاسدين , وقضاء?َ ي?ْت?ِلاعب به ذات اليمين وذات الشمال , ونفوذ?َ ما ف?ِت?ئ?ِ يمارس الظلم والبغي والعدوان بكل أشكاله وصوره , وفقراء?َ مستضعفون ي?ْع?ب?ِث?ْ بحقوقهم في كل اتجاه , ومطالب ص?ْم??ِت الآذان عن سماعها . ط?ْو?ي?ِت? صفحات الإصلاح ون?ْش?ر?ِت أبسطة الفساد فتصاعدت أبخرته حتى أزكمت أ?ْنوف المانحين الدوليين وأصابت المجتمع اليمني بالصرع . الثورة?ْ على الفساد ومطالب الإصلاح كانتا القش??ِة التي قصمت ظهر الفاسدين وفتحت آفاق التغيير والبناء , وكسرت حاجز الخوف , وأوقظت عقولا?ٍ أ?ْريد لها أن تظل في س?ْبات . الثورة الثالثة : الثورتان التونسية والمصرية مث??ِلتا عامل الإحساس والإستجابة وبداية الإنفتاح على مطالب الجماهير وإرادة الشعب فقد??ِم الرئيس المبادرة الأولى والتي باركها العلماء وتم رفضها , وأتت المبادرة الثانية في قمة الروعة لو تلقفتها المعارضة وقوى الثورة , ثم جاءت الثالثة تتويجا?ٍ لضغوط الثورة فأعلن الرئيس موافقته على النقاط الخمس التي تقدم بها المشترك م?ْق?ِد??م?ِا?ٍ تنازلات لم تكن تخطر على بال أحد من اليمنيين , لكن المعارضة تمادت في ابتزازها مستغلة الشارع . ومع التنازلات تم إلغاء نسبة من ضريبة المرتبات , وأعفي طلبة التعليم الموازي من رسوم الدراسة , وتم إحياء مرحلة – غابت قسرا?ٍ لسنوات – من إستراتيجية المرتبات والأجور , وأ?ْعلن عن خطوات حثيثة للإصلاح واجتثاث الفساد ومحاسبة الفاسدين . كل ذلك دفع الناس لإطلاق مسمى الثورة الثالثة على هذه الحركة الاحتجاجية السلمية فلولاها ما تحققت المطالب , إنها فعلا?ٍ تستحق براءة اختراع في الإصلاح وانتزاع الحقوق بشكل حضاري وسلمي نال إعجاب العالم رغم الأذى الذي ت?ْس?ِب??ب?ْه?ْ لساكني الأحياء المجاورة لساحات الاعتصام . الرفض بداية الدفع نحو المجهول : حين تم الالتفاف على براءة الثورة من الحزبية والتسييس خ?ِف?ِت?ِ بريقها وتلاشى ضوئها , وتحولت من ثورة إصلاح ومطالب مشروعة وحقوق مسلوبة إلى ثورة مماحكات حزبية ومناكفات سياسية وحسابات مصلحيه وتصفية حسابات قبلية وعقائدية , وإفراط في التعنت والابتزاز مما ق?ِل?ِب?ِ موازين التفاعل الجماهيري والالتفاف الشعبي والزخم الإيجابي الذي لم يكن أحد?َ ليتوقعه و?ِو?ِض?ِع?ِ علامات استفهام وتعجب وتساءل الناس : • أين براءة الثورة ونقاؤها ?
• ألا ي?ْشكل التعنت والرفض وإغلاق باب الحوار سابقة خطيرة قد تقذف البلد نحو المجهول الذي لا ت?ْحمد عواقبه ?
• هل هذه ثورة مطالب إصلاحية أم تصفية حسابات لا ناقة للشعب فيها ولا جمل ?
• كيف ي?ْغلق باب الحوار الذي لا ي?ْغلق مادام على وجه البسيطة كائن حي يعقل ? أعتقد جازما?ٍ أن الثورة قد تم استغلالها استغلالا?ٍ سيئا?ٍ ح?ِر?ِف?ِ مسارها الس??ِوي فتحولت إلى :
تهديد بالدخول إلى غ?ْرف النوم !
بذاءات وشعارات وهتافات وتصرفات لا أخلاقية !
تماد?ُ في الخروج عن الوعي وتغييب العقل والمنطق !
محاسبة ومحاكمة كل من ف?ِك??ِر?ِ في إصلاح مسار الثورة واتهامه بالعمالة والتجسس وأنه مدسوس من الأمن القومي !
عمليات نهب وسلب لعدد من المعسكرات والمنشآت والأملاك العامة والخاصة والسيطرة على مدن ومحافظات أ?ْلصقت بالثورة حقا?ٍ أو باطلا?ٍ ! حقائق اختراق واندساس شو??ِهت صورة الثورة !
المطالبة بالإسقاط بدل الإصلاح وارتفاع سقف المطالب حتى بلغت حد??ِ المستحيل أو بعيدة المنال !
تغييب شبه كامل للعقل والمنطق ! الحقيقة الم?ْر??ِة : أثبتت التداعيات التي ترافق الثورة وما آل إليه حالها بأن??ِا لا زلنا نعاني نقصا?ٍ كبيرا?ٍ من الوعي , وأن??ِا لسنا مهيئين أحزابا?ٍ ومنظمات وقوى جماهيرية وأفرادا?ٍ لقيادة ثورة ت?ْفضي لدولة مدنية حديثة لأن??ِا لم نصل بعد إلى نصف درجة الوعي التي يمتلكها شباب التغ