وضعنا الاقتصادي بين التشخيص وفرص النهوض ..
بقلم / حُميد منصور
قد يختزل البعض معنى الاقتصاد في الايرادات و الرواتب وهذا مفهوم قاصر .. لان الاقتصاد هو دورة الانتاج والاستهلاك والتي تحدد الحركه المالية وتبادل المصالح فيما بين فئات المجتمع و الدولة..
اما وضع الدورة الاقتصادية الحالي فهو قائم على استيراد الاحتياجات الاساسية للمجتمع في ظل انقطاع الموارد للدخل القومي واضمحلال مستوى الانتاج المحلي ..ولذلك فان الحركة الماليه في الدورة الاقتصادية كالتالي .. السيولة النقدية الاجنبية تذهب للخارج لتعود مواد استهلاكيه وهنا تنتهي الدوره الاقتصاديه ..في مقابل انقطاع الموارد العامه للدوله من النقد الاجنبي بسبب العدوان المباشر والحصار التجاري والحرب الاقتصادية بالقرصنة على الموارد المالية للدولة وهذا يهدد بالافلاس العام ..
الى جانب ذلك قام العدوان بتنفيذ مؤامره بعمل دوره مالية تبدا بذهاب العملة المحليه الى السوق السعودية لتعود مواد استهلاكيه لتقوم بدورها باتلافها او تخزينها لضرب الاقتصاد اليمني وبهذا يتم استنزاف الخزينة من النقد المحلي .. بالتزامن مع منع الدولة من طبع عمله جديده تغطي السوق ورواتب موظفيها وتساعد على استمرار الدوره الاقتصادية بشكلها الحالي..
موقع مشكله الرواتب في سلم الوضع الاقتصادي العام..
ان توفير الرواتب لاشهر او حتى لسنة ليس الا حلا مؤقت ولا يوقف مسار الاقتصاد نحو الانهيار والضغط بهذا الاتجاه مهما كانت المعاناة للموظف والمواطن وتوظيف تلك المعاناة لخدمة مسار الانهيار امر خطير جدا على الجميع دون استثناء ..
ولابد ان ندرك اننا جميعنا نعاني من اوضاع قاسية ولكن لن نركع ومصرون على الانتصار وهذا مادفعنا للتفكير الايجابي والمنطقي بالبحث عن البدائل والحلول لمساعدة انفسنا والتعاون مع القيادة للقيام بدورها ببالشراكة مع المجتمع للنهوض بالاقتصاد معالجات الاحتياجات بشكل متوازن واولويات مدروسه.
حتى ندخل في طرح الحلول لابد من رؤيه عميقه تتضمن وعي بخطورة الوضع والثقة بوعد الله وتفعيل الطاقات بالمستوى المطلوب و توظيف الامكانات المتوفره وهي كثيره وومكنة. لان امامنا بالفعل خيارات و معالجة وفرص حقيقيه وواقعية لتوفير اهم احتياجاتنا كمجتمع في هذه الظروف والتي تتمثل في الغذاء والملبس والدواء.. كنقطة انطلاق لتحريك عجلة الانتاج في دوره اقتصادية سليمة تسعى نحو النهضة الشاملة .
فالنهضات لا تنطلق من الابراج العاليه والاوضاع المرفهة كما يتصور البعض وانما تنطلق من الاوضاع الصعبه والمساكن الترابيه البسيطة وكل ما نحتاجه هو استراتيجية عملية بسيطة وعميقه تحرك المجتمع وتوظف الامكانات لتاسيس دورة اقتصادية سليمة ومغلقه تبدا من المتوفر والمتوفر كافي للتركيز على جانب الزراعة والثروة الحيوانية والصناعات الخفيفة ملبوسات وحرف يدوية ..
ان نجاح اي نظريات اقتصاديه يعتمد على همة القائمين وادراكهم لابعاد الوضع وقيمة العقل انطلاقا من الحكمة القائلة رُبَّ فكرة تعيل امةً.. و التي جسدتها القوه الصاروخيه بطريقتها رُبَّ فكرة تردع العدوان ..
لذا لابد من تبني عقيدة اقتصاد مقاوم ترتكز على قول الله تعالى: وان خفتم عيلة فسوف يغنيكم الله من فضله .. وهي تماثل العقيدة العسكريه واعدوا لهم ما استطعتم ..وكلاهما تحاكيان نفس الظرف والمرحلة ولكان لكلا منهما مساره..
ومن الاهمية بمكان بناء عقل اقتصادي جمعي بروحية ثورية مُبادِرة يتمثل في مركز دراسات اقتصادية يفرز ويدرس كل النظريات والتجارب والمعالجات الملائمة للامكانات المتوفرة وسقف الاحتياج والمدى الزمني في ضوء قاعدة اللامركزيه او المشاريع التعاونيه بين المجتمع والدوله ..
بالتوازي مع ذلك انطلاق حملات اعلامية ثقافية وتوعوية بالتعاون مع النخب والقوى والمكونات بهدف توجية وتحفيز المجتمع.
ياتي دور المجتمع والسؤال هنا ما مدى استعداده للتجاوب مع هذه المشاريع والمعالجات؟.. الجواب بكل ثقه من واقع ما نلمسه ونعيشه في حركة مجتمعنا ان الحافز الغريزي والقيم العصامية والنزعة للاعتماد على الذات محفزه بشكل كبير ومشجعة للتحرك في اتجاه تحقيق الاكتفاء الذاتي لاهم الاحتياجات الاساسيه …..وقد فشلت مؤامرة قتل تلك الروحيه والنزعه الغريزيه عبر المساعدات الغذائية الانسانية .
ختاماً أن ما ترتب عليه العدوان والحصار والحرب الاقتصادية من تداعيات سلبية وخطيرة على كل المجالات وخصوصاً الوضع الاقتصادي يمثل هذا اهم عامل يعزز فرص النجاح ويوفر البيئه المثالية لاستراتيجيات النهوض الاقتصادي ..واقراو تاريخ نهضات الامم.