امرأة تجاوزت السبعين عاما?ٍ تحلم بزيارة ابنها في عيد الأم
على الرغم من اقراري بعجزي الدائم في اختيار ما يليق بهذه الأم الصابرة ? من كلمات وفاء?ٍ لها واحتفاء?ٍ بها في يومها \” عيد الأم \” ? إلا أنني أجتهد في اختيار بضع كلمات لأعبر من خلالها عن حبي لتلك العجوزة وتقديري لها ولدورها ? وتعاطفي معها ومع كافة أمهات الأسرى اللواتي ينتظرن عودة أبنائهن. \” امرأة عجوزة \” تجاوزت السبعين عاما?ٍ من عمرها ? تسكن مخيم جباليا شمال قطاع غزة وتحلم بزيارة ابنها الأسير في عيد الأم بعد انقطاع بدأ قبل خمسة عشر عاما?ٍ ? فيما حكايتها مع المعاناة والحرمان كانت بدأت فصولها قبل ذلك بعقد من الزمن ? حين اختطف الإحتلال نجلها وزج به في سجونه ? فتنقلت معه ما بين السجون باختلاف أسمائها وأماكنها ? وأصبحت أسيرة دون أن ت?ْعتقل ? فذاقت مرارة السجن والحرمان وقسوة السجان وبشاعة جنود الإحتلال على الحواجز المنتشرة على طول الوطن وعرضه . ولم تكن زياراتها مقتصرة لإبنها الأسير ? بل تبنت العديد من الأسرى العرب ? وأنا شخصيا التقيت ببعضهم في الجنوب اللبناني وحم??ِلوني ملايين السلامات لها ? فيما اليوم تبحث عن من يتبنى ابنها في ظل حرمانها من زيارته منذ قرابة خمسة عشر عاما?ٍ .. \” امرأة عجوز \” تعالت على أمراضها وآلامها ? واستمرت في عطائها رغم هموم الحياة وقساوتها ? وك?ْبر سنها ? ففاقت بعطائها ونضالاتها شبان ومؤسسات ? وحجزت لها مكانا?ٍ دائما?ٍ في الإعتصام الإسبوعي امام مقر الصليب الأحمر بغزة والتي هي من المؤسسات له? وهي كذلك دائمة الحضور والمشاركة في كافة الفعاليات والمسيرات الداعمة للأسرى والمطالبة بحريتهم . وكثيرة هي الألقاب التي أطلقت عليها واستحقتها عن جدارة ? \” عميدة أمهات الأسرى \” ? \” أم الأسرى \” \” ناطقة باسم الأسرى \” عضو لجنة أهالي الأسرى \” ? انها الحاجة المسنة \” ابراهيم بارود \”. \” أم ابراهيم بارود \” تستحق أن ت?ْكرم اليوم بالشكل الذي يليق بها وبصبرها وعطائها ? فهي حاضرة أينما حضرت قضية الأسرى ? واذا حضرت \” أم ابراهيم \” حضرت قضية الأسرى بكل ما يعني ذلك من معاني ? فهي خير من مث??ِل الأسرى وتحدث عنهم وعن معاناتهم ? بلغتها البسيطة ولهجتها العامية الأقرب والأسهل للوصول الى القلوب والعقول . ويضيف فروانة في مقالته : وحكاية \” الحاجة أم ابراهيم بارود \” هي واحدة من آلاف الحكايات والقصص التي نسجتها وشكلتها أمهات الأسرى ? تلك الحكايات التي ت?ْذرف لها الدموع وتعتصر القلوب لها ألما?ٍ وحزنا?ٍ ? وهي واحدة من الأمهات الفلسطينيات اللواتي حرمن من زيارة أبنائهن وتقدم بهن العمر ? وهي تخشى الرحيل الأبدي وأن تواري الثرى قبل أن ت?ْكحل عينيها برؤية ابنها \” ابراهيم \” الذي سيتمم عامه الخامس والعشرين في الأسر بشكل متواصل في نيسان / ابريل القادم . حكاية الحاجة \” أم إبراهيم \” التي تقطن مخيم جباليا شمال قطاع غزة ? مخيم الثورة والإنتفاضة ? بدأت فصولها قبل ربع قرن ? ولم تنته? بعد ? فنجلها \” ابراهيم \” اعتقل في التاسع من نيسان / ابريل عام 1986 ? وكان عمره أنذاك ( 23 عاما?ٍ ) فيما اليوم يبلغ من العمر ( 48 عاما?ٍ ) وي?ْعتبر سابع أقدم أسير فلسطيني من قطاع غزة . و سلطات الاحتلال لم تكتف? باعتقال نجلها وزجه في سجونها ? بل سعت لمعاقبة ذويه والإنتقام من والدته العجوزة ? لتفاقم من معاناتها دون مراعاة لتقدم سنها ? فمنعتها من زيارته منذ العام 1996 لـ ( خطورتها الأمنية )? يا للسخرية .. امرأة تجاوزت السبعين عاما?ٍ من عمرها تشكل خطرا?ٍ أمنيا على سلطات الإحتلال ? ( لا ) بل ومنعتها أيضا?ٍ من السفر عن طريق معبر رفح لآداء فريضة الحج خلال السنوات الأولى من انتفاضة الأقصى . \” أم ابراهيم \” لا تزال تنتظر السماح لها بزيارة ابنها أو حتى سماع صوته والإطمئنان عليه ? والأهم من كل ذلك بأنها تنتظر عودته بفارغ الصبر قبل الرحيل الأبدي . فذات مرة قالت لي ( بأنني أحسب ما تبقى له بالأيام والساعات .. وأنتظر عودته سالما?ٍ على أحر من الجمر ? وأخشى الرحيل قبل لقائه ). \” أم ابراهيم \” منعت من زيارة ابنها وسلب الإحتلال حقها المشروع في رؤيته منذ خمسة عشر عاما?ٍ ? لكنه لم ولن يستطع سلب أحلامها وآمالها وحقها في الدفاع عن الأسرى وحريتهم المشروعة ولم يستطع منعها من المشاركة في الإعتصامات والفعاليات ? و لم ينجح أيضا?ٍ في تقييد حركة لسانها وانطلاق كلماتها الجريئة والمؤثرة ? وهي لا تزال الأكثر حضورا?ٍ ومشاركة في الفعاليات المساندة للاسرى. \” أم ابراهيم بارود \” ماضية بخطوات واثقة نحو مستقبل مشرق ? وحرية لا بد وأن تتحقق فلك ولعموم أمهات الأسرى مليون سلام وتحية ? فأنتن قادة العز والفخار وتيجان الأمة ? وكل عام وأنتن بألف خير ?