السعودية تعلن الحرب على “أهل السنة والجماعة”
شهارة نت – تقرير :
حالة من الجدل أَثارها مؤتمر “من هم أهل السنة والجماعة” الذي عُقد في دولة الشيشان في الفترة من 25 إلى 27 أغسطس 2016، وشارك فيه شيخ الأزهر أحمد الطيب، والشيخ علي جمعة مفتي الديار المصرية السابق، ووفد كبير من مشيخة الأزهر، في حين لم يتم دعوة الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين وهيئة كبار العلماء في السعودية ومنظمة التعاون الإسلامي وغيرها من المؤسسات الدينية، المحسوبة على السلفيين وجماعة الإخوان.
وشهدت الأيام الماضية هجومًا واسعًا من مشايخ السعودية على مؤسسة الأزهر ومشايخه، خاصةً بعد توصيات المؤتمر التي استبعدت السلفيين وغيرهم من الجماعات المتشددة من مظلة أهل السنة والجماعة وقد جاء في كلمة الوفد الأزهري التي ألقاها شيخ الأزهر أن “مصطلح أهل السنة والجماعة، حسب منهج التعليم بالأزهر، إنما يُطلق على أتباعِ إمام أهل السُّنَّة أبي الحسن الأشعري، وأتباع إمام الهدى أبي منصور الماتريدي، وأهل الحديث، ولم يخرج عن عباءة هذا المذهب فُقَهَاء الحنفيَّة والمالكية والشافعية والمعتدلين من فقهاء الحنابلة، وهذا المفهوم بهذا العموم الذي يَشمَلُ علماء المسلمين وأئمتهم من المتكلمين والفقهاء والمحدِّثِين وأهل التصوف والإرشاد، وأهل النحو واللغة أَكَّدَهُ قُدماء الأشاعرة أنفسهم منذ البواكير الأولى لظهور هذا المصطلح بعد وفاة الإمام الأشعري، ثم هو ما استقرَّ عليه الأمر عند جمهرة علماء الأمة عبر القرون التالية، وهذا هو الواقع الذي عاشته الأمَّة لأكثر من ألف عام، حيث عاش الجميع في وحدةٍ جامعةٍ استوعبت التعدُّد والاختلاف المحمود، ونبذت الفرقة والخلاف المذموم”.
الأشاعرة في مواجهة السلفيين
وزادت حدة الهجوم على الأزهر ومشايخه في ظل ما نُسب للشيخ علي جمعة من قوله بصورة مباشرة وصريحة نص فيه على كون “السلفيون” ليسوا من أهل السنة والجماعة، وعلى الجانب الآخر اعتبر شيوخ السلفية السعوديين المؤتمر صنيعة غربية لهدم الإسلام مؤكدين على أن الاشاعرة ومن تبعهم من الفئات الضالة.
وفي هذا السياق قال محمد السعيدي أستاذ الفقه في جامعة أم القرى ” هذا مؤتمر تآمري على العالم الإسلامي وعلى المملكة العربية السعودية بشكل خاص، يقع ضمن العديد من التحركات الغربية لقتل كل مظاهر يقظة الشعوب الإسلامية إلى حقيقة دينها، وإعادة العقل المسلم إلى حضيرة الخرافة وتسلط الأولياء (المزعومين) وسدنة القبور وعقيدة الجبر على حياة الناس وعباداتهم”.
وقال الداعية السعودية عادل الكلباني معلقًا على مشاركة مشايخ الأزهر في المؤتمر “الأفواهَ التي نُطْعِمُها تعُضُّنا، ولكنّا لا نتَّعِظ، وليكن مؤتمر الشيشان منبِّها لنا بأنَّ العالَمَ يَجمع الحطبَ لإحراقنا!”.
ودعا الكاتب السعودي محمد آل الشيخ، إلى ترك السيسي يواجه مصيره بسبب مشاركة مؤسسة الأزهر في مؤتمر الشيشان قائلاً: “مشاركة شيخ الأزهر بمؤتمر غروزني الذي أقصى المملكة من مسمى أهل السنة يحتم علينا تغيير تعاملنا مع مصر فوطننا أهم ولتذهب مصر السيسي إلى الخراب”.
وقال الأكاديمي السعودي محمد عبد الله العزام ” مكافأة شيخ الأزهر للسعودية على مشاريعها الضخمة في الأزهر التحالف مع بوتين لطردها من العالم الإسلامي”.
وردًا على هذا الهجوم السلفي والإخواني قال الشيخ اليمني وأحد المشرفين على المؤتمر الحبيب على الجفري”مفهوم أهل السنة يسع كل من احتكم إلى قواعدهم في تلقي الكتاب والسنة رواية، والاختلاف حول الدراية هو خلاف تحت مظلة أهل السنة، وتكمن ضرورة تحرير مصطلح أهل السنة في تبرئته من أدعياء السنة الذين استباحوا الدماء وكفروا أهل القبلة”، وأكد على أن هدف المؤتمر كان استعادة مصطلح أهل السنة من مختطفيه.
تجدد الصراع
هذا الصراع على من يمثل أهل السنة والجماعة ليس بجديد فهو ضارب الجذور في التاريخ الإسلامي وقد زادت حدة هذا الصراع خلال الثلاثة قرون الماضية مع دعوة الحركة الوهابية في السعودية، ففي منتصف القرن العشرين أصدر الشيخ محمد بن صالح العثيمين رسالة في شرح عقيدة أهل السنة والجماعة، وكذلك فعل الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز وهما من أبرز شيوخ الوهابية وتعد أعمالهما بمثابة ” مانيفستو” للجماعات السلفية بمختلف تواجهاتها وخلال هذه الشروح والكتب احتكرا مصطلح أهل السنة والجماعة على الحركة السلفية الوهابية باعتبارها الفرقة الناجية في الإسلام، وهو ما أجج الصراع من جديد بين مختلف الطوائف الإسلامية وخاصة في ظل حدة الصراعات السياسية في المنطقة العربية التي يستخدم فيها الدين كفاعل رئيسي.
وسطية الإسلام
بعيدًا عن التراشق والصراع على من يمثل أهل السنة والجماعة فقد أصدر المؤتمر مجموعة من التصويات المهمة والتي تعكس الرؤية الوسطية للإسلام، وتؤكد على قيم العدل والرحمة والتسامح، وترفض العنف ونشر الكراهية والاعتداء على حريات البشر، ومن أبرز هذه التوصيات زيادة الاهتمام بقنوات التواصل الاجتماعي وتخصيص ما يلزم من الطاقات والخبرات للحضور الإيجابي في تلك الوسائط، إنشاء مركز علمي بجمهورية الشيشان لرصد ودراسة الفرق المعاصرة ومفاهيمها وتشكيل قاعدة بيانات موثقة تساعد على التفنيد والنقد العلمي للفكر المتطرف، واقترح المجتمعون أن يحمل هذا المركز اسم “تبصير”، عودة مدارس العلم الكبرى والرجوع إلى تدريس دوائر العلم المتكاملة التي تخرج العلماء والقادرين على تفنيد مظاهر الانحراف الكبرى، وضرورة رفع مستوى التعاون بين المؤسسات العمية العريقة كالأزهر الشريف والقرويين والزيتونة وحضرموت، بالإضافة لضرورة فتح منصات تعليمية للتعليم عن بعد لإشاعة العلم الآمن، وتوجيه النصح للحكومات بضرورة دعم المؤسسات الدينية والمحاضن القائمة على المنهج الوسطي المعتدل والتحذير من خطر اللعب على سياسية الموازنات وضرب الخطاب الديني ببعضه.
نقلا عن موقع البديل