تساؤلات حول، حقيقة وحرب، التحالف العربي في اليمن؟
بقلم : د. اسماعيل صبري مقلد
أكاديمي مصري، استاذ علوم سياسية بجامعة اسيوط، دكتوراة في العلوم السياسية
يهمني مبدئيا أن أسجل أني لست ضد أي جهد عربي جماعي داعم لليمن في الحرب التي يخوضها اخوتنا اليمنيون لاسترداد دولتهم ومنع انهيارها وتقسيمها وللتأكيد علي هويتهم وانتمائهم العربي بعيدا عن كل ما يتعرضون له وما يزالون من تجاذبات واستقطابات طائفية ومذهبية تكاد تدمرهم وتقضي عليهم .
لكن أكثر ما يعنيني في هذه اللحظة , هو التساؤل حول حقيقة هذا التحالف العربي , أو ما يسمي كذلك , الذي ذهب الي اليمن منذ نحو عام ونصف وكما لو أنه قد حصل علي تفويض أو تكليف عربي أو دولي مسبق بالمهمة التي ذهب اليها من حيث تحديد هدفها وطبيعتها ومداها والأطراف المشاركين فيها .
وبرغم انقضاء كل هذا الوقت فان التحالف العربي لم ينجز المهمة التي فوض نفسه بها , وانما زادت الموقف الأمني والسياسي في اليمن تدهورا وزرعت من العوائق والعراقيل علي طريق التهدئة واستقرار الأوضاع في هذا البلد ما أصبح من المتعذر التغلب عليه واقتلاعه , وهو ما لم يعد سرا خافيا علي أحد داخل اليمن وخارجه .
لن أتحدث هنا عن الحوثيين ولا عن ظهيرهم الاستراتيجي الكبير الذي يقف وراءهم مساندا لهم بكل أشكال الدعم والمشورة , فلهذا الحديث موضع آخر فيما بعد .
لكن تركيزي هنا هو علي هذا الكيان العسكري الغامض المسمي بالتحالف العربي وما يثيره لدينا من تساؤلات مثل :
– ما هي حقيقة هذا التحالف بالضبط ؟
– ومن هم المشاركون فيه تحديدا وليس تخمينا ؟
– وما هي المرجعيات السياسية التي تأسس في اطارها حتي يأخذ الصفة العربية التي تم اطلاقها عليه , خاصة وأنه تأسس خارج نطاق الجامعة العربية ولم يتم تمريره عبر قنواتها التنظيمية المعروفة ؟
– وما هي آلياته المؤسسية في رسمه لسياساته وفي اتخاذه لقراراته , وهل تؤخذ هذه القرارات خارج سياق التشاور الجماعي لأعضائه , أي بقرارات منفردة في عاصمة عربية واحدة أم ماذا ؟
– وما هو حجم المشاركة النسبية لكل طرف , ومن قام بتحديدها , وعلي أي أساس تم ذلك ؟
– ثم هل تأسس هذا التحالف العربي علي ذمة الدفاع عن اليمن فقط , أم أن له التزامات دفاعية قومية تتجاوز اليمن الي غيره من الأقطار العربية التي تعيش ظروفا أمنية ربما أسوأ بكثير من تلك التي تمر بها اليمن كما هو الحال في سوريا ؟
– واذا كان هذا التحالف عربيا بحق , فلماذا لا يذهب ليقوم بدوره في ليبيا التي يفتك بها الارهاب ويدمرها كدولة عربية قابلة للحياة بكل ما يحمله ذلك من تهديد خطير للأمن القومي العربي وهو ما قد يصعب فيما بعد احتوائه ؟
– ولماذا لا يمد مظلته العسكرية الواسعة , ان كان تحالفا عربيا بحق , الي سوريا والعراق ليخفف من حدة التدخلات العسكرية الخارجية فيهما وهي التي فتحت أبواب جهنم عليهم ؟
– واذا كان هذا التحالف العربي الذي تقوده السعوديةهو البديل الأكثر واقعية لمشروع الدفاع العربي المشترك الذي كان مطروحا بقوة في العام الماضي وكانت السعودية نفسها وراء وأده واغلاق ملفه بتشكيكها في جدواه وعدم ملاءمة توقيته , فهل دلالة ما حدث هو أن هذا التحالف كان الأداة التي افتعلوها لقتل هذا المشروع واستبداله بمثل هذا الكيان الغامض غير المحدد الهدف أو الأجل ليتم تحريكه لأهداف معينة ووفق حسابات معينة خارج الجامعة العربية وبعيدا عن الأنظار حتي يحقق لأصحاب الفكرة الانفراد المطلوب بالدور المرسوم له ؟
لو أن هذا التحالف العربي قد تحرك في مسارات أخري في غير المسارات التي تحرك فيها , وبوضوح أكبر من هذا الذي نراه لربما كان لنا فيه رأي آخر .
هذا التحالف يثير من التساؤلات أكثر مما يقدم من الاجابات .