قراءة تحليلية لبيان سفراء الدول الــ 18 بشأن المجلس السياسي .. قاطرة الأزمات المتأخرة
شهارة نت – تحليل :
على غرار المواقف المرتبكة للنظام السعودي في تعاطيه الهستيري مع التحولات المتسارعة للأزمة اليمنية، بدا بيان سفراء الدول الـ 18 الراعية للتسوية السياسية في اليمن الصادر اليوم ماضيا في الطريق ذاته باعلانه مواقف متأخرة لا قيمة سياسية لها وسعت فقط إلى خلط الأوراق بعدما اعلن ان اتفاق تشكيل المجلس السياسي” اجراء غير دستوري.
ورغم سخرية الخبراء القانونيين والدستوريين من الموقف المعلن لسفراء الدول الــ 18 تجاه المجلس السياسي ، إلا أن دوائر سياسية وديبلوماسية اعتبرت ما جاء في بيان السفراء موقفا متأخرا لحدث قديم صيغ في وقت مبكر قبل الاجتماع الذي دعت اليه السعودية لمجموعة السفراء في جنيف، ولم يتسوعب التطورات المتسارعة في الداخل اليمني.
ولم تعلن الأمم المتحدة أو مجموعة السفراء أو السعودية عن المشاورات التي جرت في جنيف خلال الأيام الماضية بحضور وفد سعودي رفيع المستوى والمبعوث الأممي اسماعيل ولد الشيخ وممثل عن المخلوع هادي، ما جعل بيان سفراء الدول الــ 18 الصادر اليوم اشبه بخروج من المخبأ، حيث عبروا في البيان عن “قلقهم حيال إعلان تشكيل المجلس السياسي الأعلى بناء على الاتفاق الموقع الشهر الماضي بين حزب المؤتمر الشعبي العام، وأنصار الله وحلفائهم من القوى السياسية المناهضة للعدوان السعودي.
بيان سعودي متأخر
بسبب الصيغة السعودية للبيان والتي بدت متأخرة كثيرا عن التطورات السياسية المتسارعة في الداخل اليمني، والتي شهدت في ابرز تجلياتها انعقاد جلسات للبرلمان وتصويته بالاغلبية لصالح منح الثقة للمجلس السياسي والاطاحة بالفار المطلوب للعدالة وعبد ربه منصور هادي وحكومة عملاء الرياض وما تلاها من بيانات تأييد شعبي واسع لهذه القرارات، تجنب سفراء الدول الــ 18 التعرض التعرض للمستجدات المتسارعة في الداخل اليمني ما اضطر النظام السعودي إلى طرح مسودة البيان القديم الذي بدا اشبه بقاطرة متأخرة على الطريق السريع.
استنادا إلى ذلك اعاد البيان سفراء الدول الــ 18 التي تشكل الدول الخليجية الست الاعضاء في مجلس التعاون وبريطانيا واميركا وفرنسا وتركيا ومصر حوالي ثلثي قوامها انتاج ما طرحه الفار هادي ومطابخ تحالف العدوان في رسالة سابقة وجهها إلى البرلمان، حيث أكدوا أن ” تشكيل المجلس السياسي ” عمل احادي الجانب وغير دستوري” معتبرين توقيع حزب المؤتمر وانصار الله وحلفائهم من القوى السياسية المناهضة للعدوان على اتفاق تشكيل المجلس ” يجعل البحث عن حل سلمى لأزمة اليمن أكثر صعوبة” فضلا عن اعتبارهم ” هذه الأعمال لا تفيد سوى في المزيد من الانقسامات في اليمن ولن تعالج مشاكله السياسية والاقتصاد والأمنية التي تسبب هذه المعاناة المنتشرة في أرجاء البلاد”.
ذرائع المرجعيات ..
رغم صدر بيان سفراء الــ 18 بعد سبعة أيام من القرارات السياسية التاريخية للبرلمان اليمني الصادرة بالاغلبية، لا يبدوا أن سفراء الــ 18 تجاهلوا قرارات البرلمان التي تكتسب شرعيتها من شرعية الدستور اليمني النافذ والانتخابات، لكنهم تجنبوا الخوض في هذه التداعيات والاكتفاء بالتعاطي مع القضايا القديمة السابقة لجلسات البرلمان، وهو ما فسر مطالبتهم القوى السياسية اليمنية ” الالتزام بمرجعيات الحل السلمى المتمثلة بمبادرة دول مجلس التعاون الخليجية وآليتها التنفيذية ومخرجات مؤتمر الحوار الوطني وقرارات الأمم المتحدة ذات العلاقة بما في ذلك القرار رقم ٢٢١٦، وهي المرجعيات التي جعلتها قرارات البرلمان في خبر كان.
ويشار في ذلك إلى مصادقة البرلمان بالأغلبية منح الثقة للمجلس السياسي الأعلى كسلطة شرعية عليا لادارة شؤون الدولة وفقا للدستور النافذ والاطاحة بشرعية هادي وحكومة الرياض وفرضه واقعا جديدا يتجاوز المبادرة الخليجية التي صادق عليها في وقت سابق إلى شرعية أكثر قوة تستند على الدستور اليمني النافذ.
وتجنب سفراء الدول الــ 18 الخوض في التداعيات الجديدة تزامن وفقا لصيغة البيان مع تجنبهم الخوض في مجازر العدوان السعودي وتصعيده العسكري واستهدافه المدنيين في المدارس والمستشفيات والذي افصحت الكثير من دول العالم عن مواقف مناهضة له، ما جعل بيان السفراء يذهب للتعبير عن القلق حيال ما سماه “العنف المتزايد في اليمن” ودعوته لجميع الأطراف تنفيذ قرار وقف ا لنار بصورة فورية التعامل بمسؤولية مع جهود المبعوث الخاص للأمم المتحدة “.
واستنادا إلى مضامين البيان يمكن التأكيد أن جولة المشاورات السرية احادية الجانب التي اداها النظام السعودي في جنيف فشلت كليا في الخروج بصيغة تعيد الاطراف إلى طاولة المفاوضات، بعدما وجدت نفسها في دوامة متسارعة من التطورات السياسية سبقت بكثير الجهود الدولية المتعثرة للحل السياسي.
اضيف إلى هذا الفشل محاولة النظام السعودي تدارك التداعيات بالابقاء على وفد المفاوضات اليمني في مسقط بعدما اضطرت إلى فرض حظر على حركة الطيران المدني لعرقلة عودته إلى اليمن، قبل أن تسارع اليوم بارسال المبعوث الأممي اسماعيل ولد الشيخ إلى مسقط للتفاوض على جولة مشاورات ثالثة والذي واجه الآخر معظلة كبيرة بعدما استبق رئيس المجلس السياسي الأعلى صالح الصماد خطوة ولد الشيخ بقراره المعلن في التظاهرة المليونية في ميدان السبعين اليوم عدم التعاطي مع ولد الشيخ قبل أن تنفذ الأمم المتحدة تعهداته باعادة وفد المفاوضات الوطني إلى صنعاء