هل إستعادة شرعية رئيس استقال وغادر بلاده منذ (18) شهرا أغلى من حياة شعب.. وكيف يُغطي إعلام (التحالف) أحداث اليمن.. ولماذا القرار(2216) مقدس؟
بقلم / عبدالكريم المدي :
حينما تغيب الأخلاق على إعتبارأنها المهد الذي نشأت عليه الحضارات الإنسانية ، علينا أن لا نتفاجأ بالانحطاط الذي وصل إليه العالم والأنظمة التي تتغنّى بقيم الحرية والديمقراطية وحقوق الإنسان، ومعها قنوات أخبارية شهيرة تُمولها هذه الدولة الخليجية أو تلك ممن والتي تُغطي أحداث اليمن والجرائم التي تحدث فيه بطريقة مخزية ومعيبة.
وخذوا لكم ، على سبيل المثال لا الحصر ، أنه وفي الوقت الذي قتلت فيه طائرات التحالف السعودي في اليمن خلال ساعات يوم واحد/ (يوم الثلاثاء 9أغسطس 2016 خمسين شخصاً ) معظمهم نساء وأطفال في مصنع العاقل للبطاطا بالعاصمة صنعاء وفي مديريات المخادير وقطابروصعدة ونهم في محافظات صعدة وصنعاء وإب وربمامثلهم جرحى ، تأتي تلك القناة وتُغطي فقط ،بحرقة شديدة خبرا كُتب له عنوان عريض أسفل الشاشة يقول: ( إصابة نساء وأطفال في تعز جرّاء لغم زرعته مليشيا الحوثي والمخلوع صالح ) ولم يكن ينقص المذيعة والمراسلة التي كانت تتحدث من محافظة تعز ،إلى أن تذرفا الدمع المدرار على خلفية ذلك الخبر الصاعق، المشكوك أصلا في صحته ، ولمن تابع القناة وتغطية ذلك الخبر تحديدا سيدرك ما أقوله تماما ، لأن غياب الروح والمهنية وهدف إبعاد المشاهد من أحداث وضحايا كُثر تمزق مشاهد أشلائهم المحترقة نياط القلب ، يظهران من خلال مفردات الخبر وأسلوب تناوله.
أنا هنا لا أنتقد أبدا تغطية خبرية لحادث أصيب أوسقط فيه ضحايا مدنيون في أي مكان كان، والمبدأ الثابت الذي أؤمن به هو إدانتي لأي قتل للمدنيين ،في أي منطقة من المناطق، ومن قِبل أي طرف كان ، لكن الذي يُحير الأذهان ويُثير التساؤلات،هو غياب المهنية ومحاولة التغطية على جريمة كبرى حدثت بحق أناس مدنيين بالفعل في مكان آخر، ولم تعرها هذه الفضائية أي إنتباه أو تكلّف نفسها بالتطرُّق إليها ولو بكلمة واحدة لأجل خاطر أهالي الضحايا وشعارها الدائم .
وهنا يكمن الشاهد في الأمر،وهنا – أيضا – تسقط قيم المهنية والإنسانية ،وتتجلى الفضيحة والإستهانة بدماء الأبرياء والكيل بمكيالين ،و هنا تموت الأخلاق والضمائر وتغيب الضوابط وشرف الرسالة والرجولة ، وهنا يعيش بكل أريحية فيروس الإعلام الموجه ،الذي يقدم نفسه كمعول هدام للتعاييش ونبتة شيطانية للطائفية والتحريضي،وهنا تُغرزُ الكراهية مخالبها وتطغى إزدواجية المعايير على ما سواها من الأشياء ؟
أقول هذا الكلام وأنا أقرب لتعز مذهبيا وربما جغرافيا، وأقول هذا الكلام وأنا مواطن يمني بقدرما عانى ويُعاني بشكل أو بآخر من هذه الممارسات والأجندة، بقدرما يدينها ويدين أي إنتهاكات وتصرفات غير مسؤلة ،تصدر عن أي طرف كان من اطراف الصراع المحلي والخارجي.
ما يجري بحق اليمن واليمنيين والكثير من شعوب المنطقة إنما هو عار على من يتبناه ويدعمه ويسوق له ، عار على العروبة ، وأداة للنيل من الدين وقيم الإنسانية والسلام والتعاييش ..
وما يجري بحق الشعب اليمني – أيضا – جدير بأن تتساقط لأجله حكومات وتنهارأنظمة وتغلق منظمات وهيئات أممية ودولية ،،وما يجري بحق اليمنيين كفيل بإغلاق مؤسسات وإمبراطوريات إعلامية وشركات علاقات عامة ومصادرة أموالها وتحويلها لمصحات نفسية ومراكز أعادة تأهيل لضحايا دعاة الفتن ومكتشفي القتلة ومذلّي الشعوب.
وما يحدث الساعة بحق أطفال اليمن وسوريا إدانة واضحة لكل المتواطئين مع القتلة وتجار الحروب ودعاة الفوضى والطائفية وداعمي الإرهاب..
وما جرى ويجري في اليمن وسوريا والعراق وليبيا إدانة كاملة وكافية لتحويل سماسرة بيع الأسلحة وعبيد المال وأصحاب الشركات الغربية العابرة للحدود ،القاهرة للشعوب الصانعة للسياسات والقرارات إلى المحاكم والمشانق .
اليمن يُذبح منذُ عام ونصف العام تحت مبرر القرار (2216) ، هذا القرار المجنون الذي لم يكلف الغرب الديمقراطي نفسه للسؤال عن الجدوى منه ومدى صحته وإمكانية تطبيقه وهل شروط ومناخات التطبيق كشروط ومناخات الفترة التي صدر فيها، وأيهما أهم، هل تطبيقه وتحويل ثلث اليمنيين إلى لاجئين وثلثهم إلى مرضى وقتلى وجرحى ، والثلث الأخير إلى محبطين وميليشيات ومستعدين للإنتقام ممن يعتبرونهم خصوما وأعداء ولو كانوا في أقصى الأرض..
هل يسمعنا أحد منكم ، يا عرب ، يا مجتمعات عالم الديمقراطية تواضعوا قليلا،إلتفتوا إلى ما يجري في هذه الجغرافية المنسية التي صارت ساحة لصراعات محلية وإقليمية وعدوان خارجي..
حتى وإن سلمنا جدلا إن إنقلابا ما حدث هنا، وإن هناك رئيسا شرعيا قدم استقالته قبل عام وثمانية أشهر وغادر البلاد قبل عام ونصف العام ، هل يبرر هذا ما يجري للملايين الذين يتم قصفهم وحصارهم وتمزيق بلدهم وتهجيرهم وسلب آدميتهم ولا يحرك فيكم كل هذا حتى شعرة واحدة ، أو تشعر ضمائركم بوخزة..المرضى يتكدسون ويموتون في مطار صنعاء وطواريد المستشفيات اليمنية التي لم يعد بها حتى أسطوانة أكسجين ، فيما تغمض أميركا والأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي والجامعة العربية ومنظمة التعاون الإسلامي عيونها وتصمّ آذانها وكأن الذي يجري هنا خارج كوكب الأرض، أو أن هذا الشعب فائض عن الحاجة ومصدر لأمراض الطاعون.
الخلاصة :
هل سأل عاقل ومسؤل عربي أو غربي نفسه ، عن السر الذي يقف وراء ما يجري في اليمن ولماذا لم تُمارس ضغوط حقيقية لمصلحة الشعب اليمني ، لوقف العدوان وتقريب المسافات بين الفرقاء؟ ولماذا لم تُثار تساؤلات من قبيل : لماذا اليمن فقط ؟ ولماذا لم تُطبق – مثلا – القرارات الأممية حول فلسطين والبالغ عددها (38) قرارا ومنها 🙁 القرار رقم 242 الذي صدر في العام 1967 نتيجة لاحتلال إسرائيل الضفة الغربيةو مرتفعات الجولان و غزة و سيناء ، وقد الزم حينها إسرائيل بالانسحاب من الأراضي التي احتلتها ) وإلى اليوم لم يحدث منه شيء أو يتضامن أحد مع الشعب الفلسطيني ، أو يغار على رمزية ومكانة الأمم المتحدة وقرارتهاأي طرف أو قائد عربي يشعر بنخوة عروبية حياله أحد كما يشعر بها تحالف العرب اليوم تجاه القُطر اليمني مهد العروبة الأول ومنبعها الأوحد ؟
لن أضيف شيئا ،سأدع الإجابة وتكملة ما فاتني لكم ..!
* كاتب يمني
* رأي اليوم