هكذا ….. يرحل !!!
إنقسمت اليمن وحصل الإنفصال أخيرا .. وصارت اليمن معسكرين .. معسكر ميدان التغيير ومعسكر ميدان التحرير … أما معسكر ميدان التغيير الرافض للحوار والمطالب برحيل النظام الفاسد ورمزه علي عبد الله صالح والحزب الحاكم .. ومعسكر التحرير المؤيد للنظام ورموزه .. والداعي إلى الإجتماع حول طاولة الحوار ….
معسكران متضادان يجمعهما الرغبة ويفرقهما الرصاص الحي .. وجثث القتلى والجرحى …
يجمعهما الرغبة في حل شفرة الإرتباط .. فالأول يسعى إلى فك الإرتباط – ليس فك الإرتباط الذي كان يدعوا إليه أبناء الجنوب ولكنه فك إرتباط بين النظام والشعب – فيما يسعى الثاني إلى تعزيز الإرتباط ببقاء الشعب تحت سلطة النظام ورمزه ” صالح ” ….
ولو تأملنا الثورات السابقه لو جدنا أن ثورة تونس طالبت النظام بالرحيل .. وثورة مصر دعت إلى إسقاط النظام .. وثورة ليبيا تأخذ حقها بقوة الذراع من نظام مصاب بجنون العظمة .. وفي اليمن ثورة تندرج تحت علامتي تعجب وإستفهام كبرى ?!…..
الوضع لا تخطئه العين .. هناك حيث المطالبة بالتغيير .. ميدان يجمع بين كل تلك التراكمات السياسية التي فرضت نفسها على الساحة .. وصار الجمع هناك خليطا بين أوراق من الماضي فتحت من جديد .. لتعلن ساعة الحساب ….
فالإشتراكي يريد الثأر من النظام .. لما تجرعه من ويلات حرب صيف 94 م التي جعلت النظام يلقي به عاريا على قارعة الطريق منبوذا يحمل عار الإنفصال .. والحزب الناصري.. الذي كان له سجالات عدة مع النظام قبل الوحدة وبعدها .. نراه يقلب دفاتره القديمه نافثا عنها تراكمات الغبارإثر تهميش النظام لدوره في الساحه …
والشيعة .. الذين شعروا انهم خسروا الكثير في مواجهة دامية مع النظام في حرب أكلت الاخضر واليابس ..وأن الفرصة للثار تقدم إليهم اليوم على طبق من ذهب .. ودون إراقة قطرة دم واحدة ..
وهناك أبناء الجنوب الذين كانت دعواتهم للإنفصال تزداد يوما بعد يوم .. مع يقينهم من إصرار النظام على تهميش دورهم في الحياة السياسية والإجتماعية .. وقد أتتهم الفرصة السانحه ليصبح لهم الدور الاعظم في إدارة عجلة السياسة في اليمن من جديد…
وأخيرا .. الإصلاح الذي كان الشريك الأقوى في السلطة وفي إنقاذ البلد من ويلات الإنفصال في94 م …الحزب الإسلامي بأجنحته الأصوليه .. يتخلى بعد ذلك إثر إقصائه عن السلطة بعد إنتخابات نيابية يدعي أنها كانت مزورة فيما يدعي النظام أنها كانت نزيهة .. يتخلى بعد كل ذلك عن أجنحته الأصولية .. ويتجه نحو تسييس الحزب فقط .. بعيدا عن الأصولية الدينية التي كانت منهاجه في بداية تأسيسه في اليمن .. ويبدأ في التفكير جديا في تعزيز موقفه السياسي في المشهد الحالي بالبحث حول سبل ترك خلافاته وإختلافاته القديمه مع الإشتراكيين .. وصنع تحالف مشترك قد يقض مضجع النظام ويقضي على أحلامه في الإستقرار .. وتثبيت دعائم الحكم .. وقد لقي هذا التحالف في حينه إستهجانا شديدا من غالبية ابناء اليمن لما يعرفونه جيدا عن الحزب الإشتراكي واياديه الملوثة بدماء الأبرياء من أبناء هذا البلد …..!
هذا داخل معسكر التغيير الذي يمتد تأثيره إلى جميع محافظات الجمهورية …
أما معسكر التحرير .. فيقف فيه النظام وكل من له مصلحة مع النظام .. أو يخشاه .. وكذا رموز الفساد ممن يسميهم شباب التغيير ” البلاطجة ” … كما يدخل تحت مظلته كل أولئك الذين يكرهون شخص حميد الأحمر ويرون فيه شيخ قبيلة يتعامل مع الشعب من باب حق التملك واولوية الأحقية .. وهناك من يحملون شيئا من الوفاء من وجهة نظرهم ل” صالح ” وذلك لما قدمه لليمن خلال ال33 عاما .. ومواجهته لأزمات اليمن بالحكمة وعدم إستخدام العنف إلا في الضرورات ..
أين يكمن الحل فعلا .. هل في شغل الشوارع وقطع الطرقات وصنعاء ليست بذلك الإتساع الذي يسمح بالمزيد من الإختناقات المرورية .. أم في إزعاج ساكني البيوت وفيهم كبار السن والمرضى .. ومن يعود من عمله منهكا .. أم في تعطيل مسيرة العمل اليومية للكثيرين بحجة خلع النظام .. وقد يخلع .. وقد لا يخلع .. لقد أدرك النظام حقيقة ماحصل في تونس ومصر .. وتدارك المسالة وأحتل المساحات التي من الممكن أن تكون متنفسا للثورة .. ورتب اوراقه لبقاء الوضع على ماهو عليه وعلى المتضرر اللجوء للقضاء ….!!
ولولا تلك الهفوات التي إرتكبها صالح وخانته حكمته فيها لكان الوضع بالكامل لصالحه فعلا .. لكنه يصر دائما على أن يظهر للجميع متحدثا رسميا بإسم نفسه ونظامه .. مما يعرضه للكثير من الهفوات .. التي تجعل الأمر سهلا بالنسبة لشباب التغيير …
البلد رزح طوال فترة حكم صالح تحت رحمة الجوع والفقر رغم ثروات البلد المستغلة لصالح النظام وأعوانه .. ولم تسهم نداءات الشعب .. وكتابات الصحف واحاديث وسائل الإعلام في جعل صالح على مدى 33 عاما يغير من سياساته الإقتصادية ويعمل جاهدا على النهوض بالمستوى المعيشي لأبناء بلده .. في ذات الوقت الذي يعيش فيه وزراؤه المتخمون بالثروة أعلى خط الثراء على