شباب على قارعة الطريق..
ماذا بعد???.. هانحن نتجاوز منتصف مارس.. يوشك الشهر الثالث أن يلج دون أن ترجح كفة المراهنين على السقوط حتى اليوم.. لم تستجب قوى المشترك لنداءات العقل والحكمة وقراءات المنطق? كمريض أصيب بجلطة دماغية أدخلته في غيبوبة وعي? وح?ْم?ى تبلد وفقدان حاسة الإدراك وحس المسئولية? وعمى البصر والبصيرة? لا يبدي أي نوع من الاستجابة مع أي نوع من العلاج.
لم تستجب لمن يدعوها إلى مغادرة الأحياء المكتظة بسكانها في قلب العاصمة وترك أهالي المنطقة وشأنهم لتعود حياتهم إلى طبيعتها.. وما يعنيه ذلك من مفاقمة للعناء وتعميق للعداء وتكريس للفوضى واستدراج إلى الفتن!
لم تستجب لحجم الانقسام البشري الكبير بين الطرفين وعدم ايمان قطاع واسع من الشعب بعدالة مطلبها.. وما يعنيه ذلك من فقدانها للإجماع الشعبي الذي يفترض أن يمنحها شرعية دستورية ومشروعية انقلاب.
لم تستجب لمبادرات الوحدة الوطنية وتنازلات التسامح والأخوة? بل لم تبادر حتى من تلقائها لتقديم أية خارطة واضحة كي نتبين معالم الطريق القادم? ونتجنب محنة وطن على مشارف كارثة? ومجتمع على شفير هاوية? وأعباء سفينة توشك على الغرق!
لم تقرأ السيناريوهات المصرية والتونسية جيدا?ٍ.. لم تتعمق في فهم أسبابها وسبر أغوارها ووعي خصوصياتها التي لا تشبه اليمن.. ظنت أن ركوب موجتها فقط يوصلنا لبر الأمان.. أوهمت الناس بأن المستقبل يكمن في اقتناص اللحظة الراهنة التي لا تتكرر.. في حين لا مستقبل ولا أمان- عندما ينفلت عقال الحكمة في بلد الحكمة!
لم تفهم الدرس الليبي- حين وقع في فخ الانقسام وجنون الانتقام.. ولا الدرس البحريني- حين آل إلى فخ الطائفية والتدخل الخارجي? ولا أصاخت السمع حتى إلى الصوت الجزائري حين فضل تحكيم العقل- كي لايكرر انفلاتا?ٍ سبق أن تجرع مرارته قبل سنوات خلت!
هي تعلم علم اليقين أن تحديات المرحلة أكبر من طموحاتها الانقلابية وسيناريوهات المصير المجهول والمستقبل الغامض.. ومع ذلك تصر على تصعيد الأوضاع المتصاعدة اصلا? وتعميق الانقسام على ظهر سفينة لا تحتمل المغامرة.. تجرجر فئات مختلفة من الناس للركوب معها- كأنما سفينة نوح تحشد من كل زوجين اثنين- لتوهم نفسها بأن الشعب كله معها- أحزاب ومستقلين? شباب وكبار? حوثي وقاعدي? وحدوي وانفصالي? حتى جزء من قبائل مدججة محسوبة على الإخوانجية? في حين لا تقوم في كل هذا التحشيد سوى بإثقال السفينة وتحميلها أكثر مما تحتمل? لتمضي بها وسط خضم مضطرب يتهيأ لطوفان عارم من فتنة?ُ وفوضى لا عاصم اليوم من أمرها إلا بوحدة وطنية تنقذ الجميع من الغرق!
ألا ب?ْعدا?ٍ لقوى المشترك.. أشتات متنافرة من التوجهات والإيديولوجيات.. تناست عداواتها وثاراتها? وحتى رؤاها المتناقضة وطموحاتها المتصادمة? لتلتقي فقط حول مطلب وحيد- إسقاط النظام وهدم البناء على ساكنيه لتجر الشعب المنقسم إلى مزيد من التصدع والصراع.. وما أسهل أن نهدم!
تبـ?ت يد?ْ المشترك وتب.. ما أغنى عنه ماله وما كسب.. بعضه قيادات تتقلب في نعيم الثروة والوجاهة ورفاهية القصور? تحفها مواكب الصوالين والمرافقين? وتحرسها القبائل المدججة بالسلاح والمحازق? تزايد على القوم بمشروع حداثة!!.. والبعض الآخر أحزاب تسبح في خيالات الوصول وأحلام اليقظة- تجتمع في الظلام لتتقاسم ثمار “ثورة”.. في حين تمر بالمعتصمين مرور الكرام لتوقع كشف حضور ليس إلا.. ثم تنصرف إلى غير رجعة لتتركهم لأقدارهم.. كأنما تقول “منا المال ومنكم الدم”.. كأنما تنتظر السلطة والجاه على طبق من ذهب.. ? غير مبالية بمعاناة شباب على قارعة الطريق? ضحايا يتحملون سياط الشارع ليل نهار? يواجهون سهام الفتنة بصدور عارية ? وتضربهم شمس الاعتصام وجحيم الخيام ? وثنائية الجوع- والجعجعة.. في معركة خاسرة لن ينتصر فيها أحد.. ولا خاسر بفضلها غير الوطن!