نص الاحاطة الأممية المقدمة لمجلس الامن حول المفاوضات اليمنية
شهارة نت – الكويت :
قدم المبعوث الدولي الى اليمن اسماعيل ولد الشيخ امس الثلاثاء احاطة الى مجلس الامن الدولي حول اخر المستجدات في سير المفاوضات اليمنية الجارية في الكويت والوضع العسكري والانساني في اليمن.
وقد ولد الشيخ خلال جلسة مجلس الامن الدولي المنعقده امس الثلاثاء خارطة طريق لحل الازمة اليمنية …مشيرا الى انه سيلسمها الى طرفي النزاع خلال ايام لدراستها.
نص الاحاطة
اشكركم على هذه الفرصة لإحاطة مجلس الأمن حول تطور محادثات السلام اليمنية ومسار السلام في اليمن.
أقدم هذه الإحاطة اليوم من الكويت بعد شهرين على انطلاق مشاورات السلام والتي تميّزت أجواؤها بالإيجابية حيناً والحذر أحياناً، كما شهدت تطورات في العديد من الأحيان وركودا في أحيان أخرى.
لقد لاحظنا في الفترة الماضية إجماع الطرفين على ضرورة التوصل إلى حل سلمي ينهي النزاع في اليمن. وقد اجتمعت الأطراف وجهاً لوجه في جلسات عديدة وأجمعت على وجود أرضية مشتركة صلبة يمكن البناء عليها. كما تم إطلاق سراح مجموعات كبيرة من الأسرى والمعتقلين والأطفال، وفسح وقف الأعمال القتالية المجال للمنظمات الإنسانية لإيصال المساعدات إلى مناطق لم تكن تصل إليها من قبل.
تطرق المشاركون إلى أكثر المواضيع دقة وحساسية في جلسات مصارحة لم يجروها من قبل، وتخلل جداول الأعمال مقترحات مطوّلة عن المرحلة السياسية المقبلة، كالانسحابات العسكرية والترتيبات الأمنية وتسليم السلاح، بالإضافة إلى مواضيع سياسية شائكة وسبل تحسين الوضع الاقتصادي والإنساني وإطلاق سراح السجناء والمعتقلين.
وبعد محادثات مكثفة مع الطرفين استمعت خلالها بتمعّن لوجهات نظر المشاركين ومخاوفهم، تقدمت بمقترح لخارطة طريق تتضمن تصورا عمليا لإنهاء النزاع وعودة اليمن إلى مسار سياسي سلمي. يتضمن هذا التصور إجراء الترتيبات الأمنية التي ينص عليها القرار 2216 وتشكيل حكومة وحدة وطنية تعمل على إعادة تأمين الخدمات الأساسية وإنعاش الاقتصاد اليمني.
كما تتولى حكومة الوحدة الوطنية، بموجب هذه الخارطة، مسؤولية الإعداد لحوار سياسي يحدد الخطوات التالية الضرورية للتوصل إلى حل سياسي شامل، ومنها قانون الانتخابات وتحديد مهام المؤسسات التي ستدير المرحلة الانتقالية وإنهاء مسودة الدستور. ومن الضروري أن يضمن هذا الحوار السياسي مشاركة النساء والشباب وكذلك القوى السياسية في الجنوب. وأشير هنا إلى أن خارطة الطريق تنص على ضرورة إنشاء آليات مراقبة وطنية ودولية لمتابعة ودعم تطبيق ما ستتوصل إليه الأطراف من اتفاقيات.
“
تقدمت بمقترح لخارطة طريق تتضمن تصوراً عملياً لإنهاء النزاع وعودة اليمن إلى مسار سياسي سلمي
” لقد تعاملت الأطراف بشكل إيجابي مع المقترح، وإن كانت لم تتوصل بعد إلى تفاهم حول كيفية تزمين وتسلسل المراحل: متى يأتي تشكيل حكومة الوحدة الوطنية، وماذا لو نفذ بند ولم ينفذ الآخر؟ هذه تساؤلات ومخاوف لا بد من التطرق لها بحكمة وترو حتى يأتي الحل شاملاً وكاملاً ومبنياً على أسس صلبة وثابتة. وأنا أعوّل على دعم الدول الأعضاء في المنطقة وفي هذا المجلس الكريم لتحفيز الأطراف على تخطي الفوارق والعمل على تقوية الأرضية المشتركة وإبراز حسن النية. إن اليمن حاليا على طريق السلام، ولكن كل خطوة ناقصة وكل يوم يمر دون الوصول إلى إتفاق يزيد من معاناة اليمنيين.
سيدي الرئيس:
لا يزال وقف الأعمال القتالية الذي بدأ العمل به في 10 إبريل/نيسان ساريا في عدة مناطق في اليمن، ولا يزال دور لجنة التهدئة والتواصل ولجان التهدئة المحلية جوهريا في تهدئة وردع الخروقات الحاصلة. إلا أن هذه اللجان لم تتمكن من إيقاف خروقات خطيرة كان أبرزها قصف سوق شعبي في تعز في 4 يونيو/حزيران أدى إلى مقتل ثمانية عشر مدنياً وسقوط عشرات الجرحى، هذا بالإضافة إلى خروقات لا يمكن تجاهلها في مأرب والجوف وتعز والمنطقة الحدودية مع المملكة العربية السعودية. وإنني لأطلب منكم الضغط على الأطراف لاحترام التزاماتها بوقف الأعمال القتالية واحترام القانون الإنساني الدولي وحماية المواطنين.
ويقوم فريق عملي بدعم من المملكة العربية السعودية والاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة الأميركية وألمانيا وبريطانيا وتركيا وهولندا بمجموعة مبادرات تساعد على دعم وتحفيز أعضاء اللجان بهدف تثبيت وتهدئة الوضع الأمني، ومن بينها ورش عمل لبناء قدرات أعضاء لجان التهدئة المحلية في عدة محافظات. ونعمل حالياً على توسيع هذه الدورات في الأسابيع المقبلة لتشمل جميع أعضاء لجان التهدئة المحلية في مختلف المناطق.
وقد عاد معالي رئيس الوزراء، أحمد بن داغر، مع أعضاء حكومته إلى عدن في 4 يونيو/حزيران لاستكمال تقديم الخدمات الأساسية وتأمين الاستقرار، ونحن ندعم جهوده في هذا المجال. كما نحيي العمل المتواصل الذي يجري لمكافحة الإرهاب في الجنوب والذي يؤدي إلى تحسن نسبي للأمن في المنطقة.
سيدي الرئيس:
بالرغم من كل الأمل الذي تحمله مشاورات السلام المنعقدة في الكويت، لاحظنا تراجعا كبيرا في الأوضاع المعيشية في اليمن يرجع أساسا إلى تدهور الخدمات الأساسية. إن ارتفاع درجات الحرارة وانقطاع الكهرباء في عدن والحديدة وأماكن أخرى زادت من حدة الأزمة الصحية وأدت إلى حالات وفاة كان من الممكن تفاديها. وفي هذا الصدد، كان لدولة الإمارات العربية المتحدة تدخل سريع تُشكَر عليه لتأمين مصادر الطاقة في عدن.
كذلك عرف الاقتصاد اليمني تراجعا خطيرا في الأشهر الأخيرة. فمنذ بداية العام 2016 انخفض المنتج المحلي الإجمالي بما يزيد عن 30%. لمواجهة هذا التطور الخطير، ما زال البنك المركزي اليمني يؤمّن استيراد بعض المواد الأساسية، كالقمح والأرز والأدوية، غير أن ذلك سيكون صعبا في الأشهر القليلة القادمة، مما سيكون له أثر سلبي على الوضع المعيشي للفئات المستضعفة.
وفي هذا الإطار، ينسق فريق عملي مع الحكومة اليمنية، والبنك المركزي والدول الأعضاء لإيجاد حلول عملية سريعة تحد من تدهور الاقتصاد. لقد اجتمعت أخيرا مع وزير المالية ومحافظ البنك المركزي اللذين يلعبان دورا بناءً وتباحثنا في آليات قد تحد من تدهور الاقتصاد وتردي الوضع الإنساني. فالحالة الإنسانية في اليمن صعبة جدا وتقارير المنظمات والجمعيات تحذر من كارثة إنسانية إذا لم يتم تدارك الوضع.
“
نرحب بإجراءات الإفراج عن الأسرى والمعتقلين التي جرت منذ بداية شهر رمضان المبارك
” وفي ما يتعلق بالشأن الإنساني، فإننا نرحب بإجراءات الإفراج عن الأسرى والمعتقلين التي جرت منذ بداية شهر رمضان المبارك بناءً على توصيات لجنة الأسرى والمعتقلين التي تم إنشاؤها ضمن مشاورات الكويت والتي تعمل على وضع بيانات بأسماء المعتقلين لضمان تبادلهم. رحبت بإفراج حكومة اليمن عن 54 طفلا بالتنسيق مع التحالف والصليب الأحمر واليونيسف، كما قام أنصار الله بالإفراج عن أكثر من 400 من الأسرى والمحتجزين خلال الأسابيع الماضية. وأؤكد هنا على مسؤولية الأطراف بالإفراج غير المشروط عن كافة الأطفال المعتقلين وكذلك الفئات المستضعفة ومن يعانون ظروفا خاصة، كالجرحى والمرضى، فضلاً عن الأشخاص الذين أشار إليهم قرار مجلس الأمن 2216 (2015). لكن عمليات الإفراج التي جرت تزامنت معها للأسف عمليات اعتقال مدنيين وصحافيين ونشطاء في المجتمع المدني. وهي أعمال تهدف إلى التخويف والترهيب، مما يمثل خروقات واضحة لاتفاقيات حقوق الإنسان التي أحث الأطراف على احترامها.
وباختصار، فإن المشهد العام يظل إيجابياً وإن تخللته صور قاتمة، كما أن المشاورات تتقدم بثبات وإن بخطوات حذرة وبطيئة. ونحن نعول على التزام الأطراف ونطلب منها تسريع الوتيرة وتجاوز التحديات للتوصل إلى حل سلمي شامل بأسرع وقت ممكن.
إن دعم مجلس الأمن يلعب دورا جوهريا في تقدم المشاورات. لقد تسلّمت الأطراف رسالة محددة وموحّدة من المجتمع الدولي تحثهم على ضرورة التوصل إلى حل في الكويت. نحن نقدّر هذا الدعم الاستثنائي لجهود الأمم المتحدة، كما نقدر جهود الأمانة العامة لمجلس التعاون الخليجي وجامعة الدول العربية. ولا بد من توجيه خالص الشكر وأصدقه لأمير دولة الكويت صاحب السمو صباح الأحمد الجابر الصباح، على الاستضافة الكريمة والجهود الجبارة التي تبذلها دولة الكويت حكومة وشعبا لعقد هذه المشاورات وعلى كل التسهيلات التي قُدّمت وتقدم، وهذا ليس بغريب أو جديد على هذه الدولة التي تتبنى دوما المبادرات التي تخدم السلام والإنسان.
سيدي الرئيس:
“
اتفاق السلام الذي نسعى إلى التوصل إليه سيعيد الأمن إلى اليمن
” يتابع اليمنيون مستجدات مشاورات السلام في الكويت بأمل كبير وصبر قارب على النفاد. لقد طالت معاناة الشعب اليمني ولا بد أن يدفع هذا الدعم الدولي غير المسبوق الفرقاء اليمنيين إلى تخطي العقبات والمخاوف والتوصل إلى اتفاق سياسي شامل. لقد برهن وفد الحكومة اليمنية ووفد المؤتمر الشعبي العام وأنصار الله في الأسابيع الماضية عن حرص حقيقي لإحلال السلام وحكمة سياسية في مشاورات لم تتورع عن طرح مسائل شائكة ومعقدة. ولا بد أن ندرك أن أي اتفاق يتوصل إليه المشاركون لن يشكل إلا خطوة متواضعة في مسار السلام، وسوف يشكل تطبيقه التحدي الأكبر والأبرز. فعلى المعنيين تحكيم ضميرهم الوطني والسياسي لضمان التطبيق بما يخدم المصلحة الوطنية.
سوف أسلّم الأطراف اليمنية في الأيام القليلة المقبلة تصورا مكتوبا للمرحلة المقبلة. إن اتفاق السلام الذي نسعى إلى التوصل إليه سيعيد الأمن إلى اليمن ويشكل بارقة أمل للشرق الأوسط الذي يعيش تجاذبات سياسية إقليمية ودولية. الكرة الآن في ملعب الأطراف المشاركة وعليها تحمّل مسؤوليتها وإيجاد حل سياسي للمخاوف العالقة والتي تتمحور بمعظمها حول تزمين المراحل وتسلسلها. المطلوب تغليب المصلحة الوطنية والتحلي بالشجاعة السياسية وتقديم التنازلات من جميع الأطراف بهدف التوصل إلى اتفاق شامل وكامل يحفظ أمن البلاد والعباد ويعيد اليمن لليمن.