حيفا تكرّم الأديب سهيل عطالله
شهارة نت – حيفا / آمال عوّاد رضوان
أقامَ المجلسُ المِليُّ الأرثوذكسيّ الوطنيُّ في حيفا ونادي حيفا الثقافيّ ندوةً أدبيّة، بتاريخ 19-5-2016، في قاعة كنيسة ماريوحنا الأرثوذكسيّة، تناولت إشهارَ سلسلة (حديث الثلاثاء) بأجزائهِ الثلاثة للأديب سهيل عطالله، وذلكَ وسط حضورٍ كبيرٍ مِن مثقفين وأدباء وشعراء وأصدقاء وأقرباء، وقد تولّى عرافة الأمسيةِ الأديب فتحي فوراني، وتحدّث د. نزيه قسيس عن زمالتِهِ وعلاقتهِ المهنيّةِ الماضية، وقدّمتْ آمال عوّاد رضوان تحليلًا مُستفيضًا حولَ ميزاتِ السلسلةِ لغويًّا، تناصًّا، أسلوبًا وطرحًا. أمّا د. جوني منصور فقد تحدّث عن نماذج للمضامين الاجتماعيّة والسّياسيّة والتاريخيّة والتربويّةِ والوطنيّةِ، وكانت هناك مداخلاتٌ لكلٍّ مِن الزجّال شحادة خوري، والكاتب د. حاتم خوري والسيّد سهيل مخّول، ثمّ قامَ المحامي فؤاد نقارة مؤسّس ورئيس نادي الثقافيّ، مع المحامييْن كميل مويس وحسن عبادي بتقديم درعٍ تكريميٍّ للأديب سهيل عطالله، الذي ختم بدوْرِهِ الأمسية بكلمةِ شكرٍ للحضور وللمنظمين والمتحدثين، ومِن ثمّ تمّ التقاطُ الصّور التذكاريّة!
مداخلة الأديب فتحي فوراني: أيتها الصديقات، أيها الأصدقاء، أرحّبُ بالضّيوف الكرام الذين حضروا إلينا من أقصى الشمال إلى أقصى الجنوب، أرحّبُ بعشّاق عروس الكرمل؛ كرملًا وحرًّا وشاطئًا وثقافة. أرحّبُ بكم وأهلا وسهلا بكم جميعًا في بيتكم؛ نادي حيفا الثقافيّ. نشكرُ المجلسَ الملّيَّ الأرثوذكسيّ الوطنيَّ الذي يَفتحُ لنا صدرَهُ وصدرَ هذه القاعةِ الثقافيّةِ المتألّقة. نشكر الأخ والصديق فؤاد نقارة جمَلَ المَحامل، وحاملَ الشّعلة في نادي حيفا الثقافيّ، والعمّ فضل الله حارسنا وراعي أمسياتنا ودائم الخضرة والشباب، ونشكرُ كلَّ مَن يبذلُ جهدًا ولو صغيرًا، في سبيل إنجاح هذه الأمسياتِ التي تعطي لحيفا رونقها الثقافيّ، وتضعُ عروسَ الكرمل في الواجهةِ الثقافيّةِ لأبناء شعبنا في وطن الآباء والأجداد.
لا أروعَ ولا أمتعَ مِن اللّقاءاتِ الصّباحيّةِ مع فنجان القهوة، في “مملكتي” الصّغيرة الّتي تُرصّعُ خارطتها “إمارات” الزنبق والورد الجوري المنتشرة في أرجاء الحديقة. في “مملكة العطر” هذه تكونُ لقاءاتُ العشق الصّباحيّةِ اليوميّةِ معَ أبجديّتِنا الجميلة، ومع الصّحيفةِ الّتي أدمنّا لقاءَها منذ طفولتها، فقد تحوّلتْ هذه اللّقاءاتُ إلى طقسٍ مِن طقوسِ العبادةِ الأدبيّة، نُصلّي في مِحرابِها، ونعيشُ معها حالةَ عشقٍ عَزّ نظيرُها!
ومِن شرفةِ “صباحات الخير” اليوميّةِ تُطلُّ علينا أقلامٌ مُثقفةٌ جميلةٌ وذكيّة وشائقة، تُشكّلُ هُويّةَ هذه الزاويةِ وترسمُ مَلامحَها، وتضوعُ منها نسائمُ العطر الفوّاح كلَّ يوم وله مذاقه الخاصّ، فما إن تقع عينك على العنوان حتّى تعرفَ المكتوبَ من عنوانه، وتعرف الكاتبَ مِن عنوان “صباحيّتة”، حتّى لو كانت “الصباحيّة” بدون توقيع، فالعنوانُ والأسلوبُ والمضمونُ واللغة، تشكّلُ المَفاتيحَ الصّغيرةَ الّتي تميط اللثام عن هُويّة المبدع!
في هذه الصّباحيّاتِ الجميلةِ والمُنوّعةِ ألتقي صباحَ كلّ ثلاثاء مع صديقي وتوأم روحي ورفيق دربي الأستاذ سهيل عطا الله. ومع سهيل لي تاريخ وذكرياتٌ جميلة تمتدّ إلى أواسط القرن الهارب، وبيننا عيشٌ وملح فكريّ، وبيننا العديد من القواسم المشتركة التي تبلغ حدّ التّطابق التّامّ، وأرشيفي الأدبيّ يحفلُ بالرّسائل والحمائم الزّاجلة التي كانت تطيرُ مِن حيفا إلى كفر ياسيف، وتعودُ إليّ مُحمّلة عطرًا، مُخبِّئةً تحتَ أجنحتِها ما لذّ وطابَ من الإبداعاتِ والمُداعباتِ والمُنمنماتِ الأدبيّةِ خفيفة الظلّ.
في أحاديثِ الثلاثاء يُطِلُّ علينا الأستاذ سهيل بمواضيعَ مسحوبةٍ مِن الواقع السّاخن الحافلِ بألوانٍ شتّى، ويُعالجُها بأسلوبٍ عقلانيٍّ هادئٍ مُوجعٍ ولاذع، ذكيّ وبهيّ، فيهِ الكثير من التلميح، بعيدًا عن ابتذال التّصريح. الطريقُ شائكٌ أحيانًا، يُخيّمُ عليهِ الضّباب، غيرَ أنّ الرّؤية واضحة! ففي العقل بوصلة فكريّة، تقودُ السفينة التي تخوض الأمواجَ والأعاصيرَ، وتشقّ طريقها نحو شاطئ الأمان!
نبذة عن آمال عوّاد رضوان: تبدأ ببسمةٍ لوزيّةٍ تتوهّج، وتبعث له بسلام ينهمرُ مطرًا، فيردّ لها الصّاعَ صاعيْن، ويُحيطها بساعديْهِ، ويَضمُّها إلى صدره، ويُراقصُها ويهمسُ في أذنِها: أُدَمْوِزُكِ وتتعشترين؟ مُبدعة مشاغبة تتمرّدُ على المألوف الشعريّ.. تتسلحُ بالجرأة وتخوضُ الأمواجَ والأعاصيرَ في بحار الحداثة، وتقفُ على شواطئ ما بعد الحداثة. لها في كلّ عرس قرص. شريكة في الأعراس الأدبيّةِ والثقافيّة في هذا الوطن وخارج حدود الوطن. نقشتْ على رايتها شعارَ الإنسانية، ومحبّة الآخرين، وحبَّ العطاء الذي لا يعرفُ الحدود. أدعو إلى المنصّة المشاغبة المبدعة آمال عوّاد رضوان.
مداخلة آمال عوّاد رضوان: دراسة لمقالات حديث الثلاثاء/ الجزء الأول للكاتب سهيل عطالله:
ملاحظات تقنيّة: *جميعُ المقالاتِ في أجزاء سلسلة “حديث الثلاثاء” يَنقصُها تواريخُ نشرها. *بعضُ المقالاتِ فيها جُملٌ طويلة، مِن غير علاماتِ ترقيم وافية.
*عناوينُ المقالات في الأجزاء الثلاثة: *مُوزّعة بغير ترتيب زمنيّ، إنّما بحسب أبجديّةٍ عكسيّةٍ، تبدأ مِن حرفِ الهاء نزولًا ووصولًا إلى الهمزة، سوى بعض المقالات تخرجُ عن نظام الأبجديّة، وبمتايعةٍ ومراقبةٍ لأرشيف النشر الإلكترونيّ، نجدُ جميعَها قد نشرتْ ما بين عام 2008 حتّى عام 2013.
*المقالاتُ قصيرة نسبيّا، لكنّها مُكثّفة زخمة، ومُعزّزة بمعلوماتٍ تاريخيّةٍ ودينيّةٍ، علميّة ومعرفيّةٍ، وبأمثالٍ ومقولاتٍ، وظّفها في مقالاتِه بدقة، لذا تحتاجُ إلى قارئ مُتروّ مُثقف، لأنّها قد تُعرقلُ القارئَ أحيانًا كثيرٌ مِن الجُمل الفكريّة، وتستوقفه ليُعيد قراءتها وفهمَها، وهذا ينمّ عن عُمق فكر الكاتب، وعينه الثاقبة وذهنه المتيقظ، فكلّ كلمة منتقاة، وفي موضعِها الصّحيح تخدمُ الفكرة.
*أسلوبُ الكاتب أفلاطونيّ رشيق شيّق وسلِس، يَطرحُ المواضيعَ بأسئلةٍ مبنيّةٍ على المنطق، كقبطان ماهر يُتقنُ إدارةَ دفة الحروفِ في بحر الكلمة، والسّلسلة تؤكدُ على سِعةِ ثقافةِ الكاتب، وتَمكُّنِهِ مِن لغتهِ، وقدرتهِ على الخيالِ والتخييل. بعضُ المقالاتِ مباشرة خاصّة في البدايات، لكنّنا نرى في معظمِها إبداعًا لغويًّا وفكريّا، فمعظمُ المقالاتِ نقديّة، تواكبُ الأحداثَ الحياتيّة اليوميّة، وتحمل أبعادًا أدبيّة وجماليّة وتربويّة وإنسانيّة واجتماعيّة وسياسيّة، تنطلقُ مِن القريب إلى البعيد، فيها رؤية بعينٍ للحاضر، تتكئُ على الماضي، وتستشرفُ المستقبل، فالكاتبُ سهيل عطالله يُلامسُ الواقعَ المؤلم بوجعهِ المرير، ويُصوّرُ وينتقدُ سلبيّات ظواهر ومظاهر تعكسُ حياتنا، لينتهي بعبرةٍ تدعو إلى الإنسانيّةِ والسّلام والوئام والمصالحة، فنراهُ “وفاءً وإجلالًا للماضي، يصوغ المستقبلَ بلغةٍ إبداعيّة، ينسجُ خيوطها ويُحيكها بجودةٍ عالية، ليُشبع أذهانَ وقلوبَ قرّائه، ويُنعشَ هِممَهم للتشبّث بالجميل، وللنفور والإعراض عن الدميم.
*المقالات تحملُ فلسفة عميقة، وتُشكّلُ رسائلَ موجّهة لمشروع وطنيّ توْعويّ، بعيدًا عن الخرافاتِ والعاداتِ المخطوءةِ المتوارثة، وتحثّ على التّسابق إلى فعل الخير والإعمار، لينعمَ أهل الوطن بالازدهار. *فلسفة الأحلام وعنف المسدس البشري المحشو بالكراهية أكثرُ فتكًا من المسدس المعدني ج1ص13. *فتاوى إسلامية بين التفكير والتكفير، تنهك تاريخنا وجذورنا والهوية القومية ج1ص13. *في عهد الإرهاب الفكري تتحوّل مسدساتنا إلى اقلام ودماؤنا إلى مداد ج1ص31. *إذا أتت الغصّة شخصًا ما وكان على وشك الاختناق، ولم يكن في المكان ماءٌ بل زجاجة نبيذ، عندها من الطبيعيّ إباحة المحظور، ودفع الغصّة بشرب الخمر، مع أنّه مُنكر ج1ص46. *زادُ الطفل من الفضائل يخرج من البيت ج1ص22.
عناوين مبنية على الجناس: نشاز ونشوز ج1ص9، مُختالون ومحتالون ج1ص13، رخام وسخام ج1ص55، بيارق وبوارق ج1ص77، الاعتراف والانحراف ج1ص92، أفعال وأهوال ج1ص94، الغيتوات والفيتوات ج1ص106، بين الحلال والحرام ج2ص19، أغيار أشرار ج2ص26، النار والعار ج2ص57، بين الشعب والشغب ج3ص79، بين استوطأ واستوطن ج3ص83، الحلاج والحجاج في تونس ج3ص120، يتحول االمعمار والاعمار الى دمار واندثار ج1ص45.
في بطن المقالات: نحن في زمن الإِحَن والمِحَن ج1ص32، يتحول حقل الاعلام الى حقل الغام ج1ص39، أصباغ من السّم نَخْنق بها الأنفاس ونُخرس الأجراس ليبقى القاتل الخنّاس مجهول الهوية طليقًا بين الناس ج1ص51، تأثر بالآية الرابعة من سورة النساء مِن شَرِّ الْوَسْوَاسِ الْخَنَّاسِ (4) الَّذِي يُوَسْوِسُ فِي صُدُورِ النَّاسِ (5) مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ (6)،
*عناوين تحمل صيغة الفاعل المحرك: مختالون ومحتالون ج1ص13، المتحذلقون ج1ص85، المستعرِبون ج1ص110، الفتّانون ج2ص49، اللامبالون والحارقون ج2ص53، كذبة ودجالون ج3ص29، الجاحدون ج3ص93، الانقلابيون ج3ص97، السارقون ربيع بلادي ج3ص105، المستهدِفون ج3ص112، المتعصبون ج3ص114.
*عناوين تحملُ صيغة الفاعل والمفعول والعلاقة بينهما: عشاق ومعشوقات ج3ص47، القامع والمقموع ج3ص88، الخاطف والمخطوف ج3ص103، الهازم والمهزوم ج3ص120.
*عناوين تحملُ صيغة استفهاميّة استنكاريّة: هل أولياء الامور اولياء؟ ج1ص7. *من يذبح من؟ ج1ص11. *متى يأتي الكبار؟ ج1ص15. *لماذا يجب أن نقرأ؟ ج1ص19. تعايش أم تناهش؟ ج2ص11. *أين عظمة مصر؟ ج2ص26. *المماطلة لعنة أم بركة؟ ج2ص31. *الحاجة أم الانحراف؟ ج2ص35. *هل يرحل العظماء؟ ج2ص66. هل الأمم المتحدة متحدة؟ ج2ص68. هل لنا عودة للماضي الجميل؟ ج3ص9. سؤالان محيران ج3ص54.
*عناوين فيها تداعيات تسحبُنا إلى: هذه مدرستي ج3ص11- (هذه ليلتي). قانون إيمان اليمين ج2ص-89 – (قانون دستور الإيمان عند المسيحيين). سلاحف وأرانب ج2ص109- (قصّةعالمية). المساجد السبعة ج2ص55 – العجائب السبعة.
*تعابير تتردد بكثرة في المقالة- الخيمة للاخفاء والتواري: *المرأة تتفيأ في خيمة أفلاطون الذي دعا الى “مشاع النساء” ج1ص9. *خيمة الأخلاق المنصوبة فوق رؤوسنا ج1ص9. ستبقى النكبة بيتنا وخيمتنا الى أبد الآبدين؟ ج1ص27. لي جارة تَنصُبُ خيمتها بجانب إناء ورد، أرتّب أزهاره كلّ صباح ج1ص45.
*الدائرة في المقالة كرمز لحلقة مفرغة ولحركةٍ لا نهائيّة: دائرة الاستهداف، دوائر المحاباة والانانية والتخلف ج1ص27، دائرة النكبة، دائرة الضغط المهني ج1ص41، من دائرة الخطأ إلى دائرة الصواب ج1ص49. دائرة الصلاح والصواب ج1ص7. دائرة المزاح ج1ص8.
يذكر عادات كثيرة شعوب مختلفة: *في إسبانيا في سهرة رأس السنة يأكل الفرد اثنتي عشرة حبّة عنب مع دقات الساعة في منتصف الليل، تمثل كلّ حبة عنب شهرًا من شهور السنة ج1ص32.
*عروس النيل صنعها العرب وليس الفراعنة، فتخيل العرب نهر النيل فتى لا يستطيع العيش بلا حبيبة معها يتمّ الإخصاب، وينتقلان بدورهما الى الضفاف لتصبح مصر هبة النيل على هذه الضفاف، فأهل الريف يبتلعون أوراقا عليها آيات بيّنات، ويشربون بعدها أكوابًا من الماء والشاي، فتتحوّل إلى أدوية لعلاج شتى الأورام وطرد شياطين الامراض والنجاسة ج1ص43.
*عبدة الأوثان الماكوبا في البرازيل: ليلة رأس السنة يحملون شموعًا بيضاء، يرسمون على الشاطئ علامات غريبة، يفرشون شراشف بيضاء يضعون عليها القرابين لربّة البحر يمانجا، وفي منتصف الليل يدخلون البحر مع هداياهم، يتركونها عائمة لتغيب عنهم، معتقدين أنّ الإلهة قبلتها ج1ص44.
يستشهد بالتاريخ الإسلاميّ وبآيات قرآنية: *اللهم اجعلنا من الذين يقولون فيعملون، ويعملون فيخلصون، ويخلصون فيقبلون ج1ص14. *مقولة الحديث: “المسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده، والمهاجر من هجر ما نهى الله عنه” ج1ص15. *عمر بن الخطاب صاحب الطبع الحارق الحديدي الذي تجلى في بدء الدعوة عندما مارس العداء للمسلمين، ليصبح بعدها أحد أعمدة الإسلام ج1ص49. وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ وَلَا يُنْفِقُونَهَا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَبَشِّرْهُمْ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ. التوبة: 34} إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوَالَ الْيَتَامَى ظُلْمًا إِنَّمَا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ نَارًا وَسَيَصْلَوْنَ سَعِيرًا {النساء: 10) ج1ص55.
*يستشهدُ بالتاريخ المسيحيّ وبآياتٍ إنجيليّةٍ ودينيّة: *رأي القديس يوحنا ذهبي الفم: “من بين وحوش البرية المفترسة يستحيل عليك أن تجد حيوانًا أشد أذى من المرأة” ج1ص9. *تحوّل (شاول) ذو الطبع الناريّ الملتهب من اضطهاد ومطاردة المسيحيّين، ليصبح قدّيسًا عظيمًا اسمه بولس ج1ص49. *والد القدّيسة بربارة كان من عبدة الأوثان، وعندما آمنت ابنته برسالة الناصري، فقد أبوّته وسمل عينيها ثم أحرقها.. بعد هذه البشاعة أصبحت بربارة قديسة وشفيعة للعيون ج1ص49.
*هناك تعابيرُ لغويّة ثقيلة متينة تحتاجُ لقاموسٍ لغويّ: *يوغر الأولياءُ قلوبَ أولادهم ج1ص8. *نشاز ونشوز، نشزت الزجو بزجّها أو عليه؛ تمرّدت وابغضته، والزوجُ نشز منها وعليها؛ أساء عشرتها وأذاها، من (النساء34). “الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ بِمَا فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَبِمَا أَنْفَقُوا مِنْ أَمْوَالِهِمْ فَالصَّالِحَاتُ قَانِتَاتٌ حَافِظَاتٌ لِلْغَيْبِ بِمَا حَفِظَ اللَّهُ وَاللَّاتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ وَاضْرِبُوهُنَّ فَإِنْ أَطَعْنَكُمْ فَلَا تَبْغُوا عَلَيْهِنَّ سَبِيلاً إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيّاً كَبِيراً”.
*مقالاتُ حديث الثلاثاء تغصّ بأسماء تاريخيّة: *قابيل، قيرون، نيرون، هولاكو، أبو جهل، الحجّاج، الحلاج، هتلر وموسوليني ج1ص5. *بكر صدقي وحسني الزعيم ج1ص5. *عهد العنتريات والاحمدَيْن: احمد الشقيري وأحمد سعيد ج1ص25. *ابو ذر الغفاري ومعاوية بن ابي سفيان ج1ص29. *ليبرمان ونتنياهو ج1ص30، خيول هولاكية ج1ص30. *كتاب “قذائف الحق” للفقيه محمد الغزالي عكسه قذائف الباطل ج1ص30. *تشرتشل ج1ص39. *الشاعر سميح القاسم ج1ص54. *الشاعر سليمان مرقس ج1ص54، *قتلى بالسمّ: سقراط انتحر مسموما، والمعرّي وأبي نواس وابن الرومي، ونابليون سمّه الانجليز، وعبد الناصر وياسر عرفات، ومحاولة اغتيال خالد مشعل بالسّم ج1ص51،
*عناوين ساخرة: جوائز من لحم ودم ج2ص127، عمود الغمّ ج2ص101، الطرب بثمن ج3ص107.
يعتمد الكاتب سهيل عطالله على التصوير السّاخر: *يرفع مؤذن الديمقراطية عقيرته داعيا امتنا الى الصلاة في معابد المذهبية والطائفية والحمائلية والقبائلية ج1ص33. *سلم القيادة يرتكز على تربة اعشابها شائكة تنبت بينها اشتال لا ديمقراطية بل اشواك طائفية بغيضة تكتنفها الحمائلية والقبائلية ج1ص33. *حزب الضمير! حزب التفكير السوي! ج1ص33. *في عهد فحيح الفتاوى المتدفقة سما زعافا ج1ص35.
*الكتابة عملية اطلاق نار على أهداف طائرة تستهدف إسقاط طائر التفكير اللامع كالبرق، وطائر التفكير ليس صيدا سهلا ج1ص37. ما الكاتب الا من فئة قناصي طيور التفكير، في مداد ريشته يرسم طيور فكر، لها أجنحة تحلق بنا لاكتشاف ما لم يكتشف بعد، أما إذا كانت هذه الطيور غير مجنحة، فكيف نستطيع الوصول بها ومعها الى مواقع الابداع وروائع الابتكار؟ ج1ص37.
*في غياب الحرّيّة ترتدي الحناجر كمّامات خشية المخالف والسكاكين ج1ص39. ويتحول حقل الإعلام إلى حقل ألغام ج1ص39. لا يعرفه شاعرًا رائعًا يحمل الوطن على أجنحة سطوره ونقاطه وليزرياته ج1ص42، صحيفة يتفيأ بين سطورها كتاب وكاتبات يزهو بهم الوطن ج1ص42.
*هل نحتاجُ الى أساطيرَ عصريّة بها نجترح المعجزات، لنوفر أمصالا لأسقامنا المستعصية؟ ج1ص44، لي جارة تنصب خيمتها بجانب إناء ورد أرتب أزهاره كل صباح تسكن قرب معشوقتي فبريقها يشرق مع إطلالة كل صباح، إنها رسم فيه معلم من معالمنا، نسكنه ونقيم فيه ليبقى فينا ونبقى فيه. في الصورة نرى موقعنا لبلداتنا الفلسطينية بأنقاضها وعمرانها ج1ص45، يتناسل لدينا القمع ونتوارث الذل والإذلال، فأحكام رؤسائنا أبدا يانعة، ورؤوسنا نحن المحكومين المقموعين أبدا يانعة ج1ص47، السباحة مع التيار رياضة سهلة تحوّل أجساد هواة العوم إلى كرات تتدافعها الأمواج في كل اتجاه ج1ص47، مدادٍ من السّم على اختلاف أشكاله وألوانه، يَغْمِسُ القاتِل ريشته ليرسم لوحاتٍ، تحكي قصّة اغتيالات لطّخت وتلطّخ جبين حياتنا وصفاء إنسانيّتنا ج1ص51،
*لغة ساخرة: يعطي لمقالاته تشبيهاتٍ ولغة تتواءمُ والمضامين فيقول: يتحاورون بالأظفار والأنياب والعصي والنار ج1ص8. وحوش التمذهب والتكفير المتنمّرون والمستأسدون ج1ص11. العمالقة بالمال والدسائس، والأقزام بالفكر والكرامة ج1ص12. يتناهشون ويتحاورون بالرّصاص وانتهاك الممتلكات الخاصّة والعامّة ج1ص45. مصانع الديمقراطية العربية تأتينا بسلع غريبة عجيبة، على رأسها تربضُ سلعة رئاسيّة اسمها “مدى الحياة” ج1ص47. شراب “مدى الحياة” علقمٌ عربيّ، نتجرّعُهُ مدى الحياة، ولا نهاية لتاريخه في صيدليّات العرب ج1ص47. *كساة في الدنيا عراة في الآخرة ج2ص86.
*عناوين لحِكم وأمثال عربية ومقولات: أحيانا يسشهد بحكمة أو بمثل لدعم رأيه، ما قلّ ودلّ ج3ص19، وأحيانًا يكسرُهما معًا مُفندًا إيّاهما برأي مُغاير فيقول: ليس السّكوت من ذهب! ج2ص129، وفاقد الشيء يعطيه! ج2ص95. ثمّ يقلب كلمات المثل المألوف “لسانك حصانك، إن صنته صانك وإن خنته خانك فيقول: إنّما حصانك لسانك ج3ص65،
يستشهد بمقولات وحكم وأمثال في مقالاته: لو دامت لغيرك ماوصلت اليك ج1ص5. من تعلم لغة قوم أمِن مكرّهم ج1ص15. مقولة كونفوشيوس (أن تشعل شمعة واحدة خير لك من لعن الظلام) ج1ص27. مثل إسباني: الوردة التي يشمها الكثيرون تفقد رائحتها ج1ص38. الرجل المناسب في المكان المناسب ج1ص46. من الحديث رواه البخاري: انْصُرْ أَخَاكَ ظَالِمًا أَوْ مَظْلُومًا قَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ هَذَا نَنْصُرُهُ مَظْلُومًا فَكَيْفَ نَنْصُرُهُ ظَالِمًا قَالَ تَحْجِزُهُ عَنِ الظُّلْمِ فَإِنَّ ذَلِكَ نَصْرُهُ ج1ص46. مثل شامي- من برّا رخام، ومن جُوّا سخام ج1ص55. مقولة الإمام علي: من نصب نفسه للناس إمامًا، فليبدأ بتعليم نفسه قبل تعليم غيره، وليكن تأديبه بسيرته قبل تأديبه بلسانه، ومعلمُ نفسه ومؤدّبها، أحقُّ بالإجلال من معلم الناس ومؤدبهم ج1ص55. *رائحة لابس الحرير الزاحف على بطنه سعيًا لجاه أو منصب، ستبقى موطن نتانة كرائحة السمك في مسرحية “هاملِتْ”، و”كل عطور العرب لا تزيل رائحته من اليدين”، شيكسبير/مسرحية هاملت ج1ص55.
إشارات: ذبابة تْسي تْسي الإفريقيّة تلسع ضحيّتها فتميته، وبصاقها موجود على شكل محلول سام تختزنه 1ص52.
تعابير صادمة: قدرة غادر ج1ص5. معجم المستحيلات ج1ص18. ما أجمل أن تاكل الحروف أعمارنا! ج1ص19، وأد الجراح ولعلعة السلاح ج1ص25. لتأكلهم أمواج البحر ج1ص26. أسلحة الباطل ج1ص30.
من عِبَر المقالات: *عندما يوغر الأولياء قلوب أولادهم ضدّ زملائهم ومعلميهم، يستشري الفساد ويغيب الخير عن العباد ج1ص8. *صباح الخير لكل سيدة تتسامى فوق النشوز والنشاز ج1ص10. *الكبارُ حكمة وحنكة وصدق خطاب ج1ص16. *عندما يحيط الصدق بالصداقة، نستبدل ثياب الرياء بحرير الوفاء، عندها يترك الخلّ الوفيّ معجمَ المستحيلات ج1ص18. *نشوز المرأة يسبب نشازا في الأسرة والمجتمع ودعوة الى الانسجام بينهما ج1ص9. *رحيقُ الكتب يُكسب حياتنا جودة، وكلامنا رونقا ج1ص20. *إنّ زادَ الطفل من الفضائل يخرج معه من البيت، فالبيت بداية البدايات، إن لم نصُنْها نغرق في ليل النهايات ج1ص22.
*يا البروفيسور ادريس التيتي ويا أمثالَه، بانتمائكم ووعيكم القوميّ لن تنطفئ جذوة لغتنا، بكم ستبقى ضادّنا عصيّةً على الاقتلاع ج1ص24. *يا أيّها الإسرائيليّون، خذوا غصن الزيتون، وحوِّلوه إلى شجرة يتفيأ في ظلّها أبناءُ إبراهيم، لنرمِ الجراحَ مِن حياتنا، فكلّنا يستحقّ الحياة ج1ص26. *تعالوا نترجم أمنيات العيد إلى عيدٍ حقيقيّ، يجمعُنا عربًا ويهودًا، إسرائيليّين وفلسطينيّين في حياةِ وئام وانسجام ج1ص32. *كم تكونُ حياتُنا أنقى وأجملَ، عندما نكنس من حياتنا أصحاب المآرب والأهواء، ونتحلّق حول أهل الوفاء والنقاء ج1ص34. *مجافاةُ روح العصر في كتاباتنا تُعيدُنا لاجترار الماضي البعيد، وتتركُنا نلوكُ ما لاكه الآخرون من روائعَ لمعَ بريقها يوم خرجت مِن مبدعيها ج1ص438. *ما أقبحَ المفترس الّذي يرى نفسه في الآخرين ج1ص40. *إنّ بلدًا بغير محبّة لن يكون عامرًا بأهله، وعندما يتسابق أهلُ البلد الى الخير تسابقَ الجياد، ننعَمُ جمعًا بوطن عامر زاهر ج1ص45. *ما أتعسَها من حياة حين تمسي فكرة (الرجل المناسب) في قائمة المحظورات المُحرّمات! ما أقبحَهُ من عالم يتساوى فيه الظالم والمظلوم والجلاد والضحيّة ج1ص46. *إنّ شعبًا فاسدًا تفترسُهُ القبائحُ والرذائل، يفرزُ أنظمةً فاسدةً قامعة ج1ص47. *عندما يصحو شعبُنا، يوصِلُ لسدّة حكمه حكّامًا عادلين صائنينَ عزّةَ وكرامةَ شعوبهم ج1ص47. *مَن لا يُشعل قنديله، يبقى غارقا في الظلام ج1ص48. *إصرار الآثم على الإثم، يجعله يكرهُ كلَّ ما هو إنسانيّ ج1ص49. *بالسّلام بعيدًا عن الخراب والذباب، تتهاوى شريعة الغاب ج1ص52. *تقطيعُ الأوصال لا يفرز تواصلًا، بل مزيدًا مِن الكُرهِ والاقتتال ج1ص55.
المواضيع والمضامين: *مقالات موجعة للمجتمع يقارن ما بين الماضي والحاضر على مسرح الحياة، واختلاف أدوار الممثلين والممثلات من خلال اسئلة يعطيها بعضها أجوبة: حول مفهوم حقيقة الانقلابات. حقيقة مفهوم أولياء امور بين البيولوجي والرعائي. دور المعلم والمدرسة والأهل. نجاحات وهميّة، الرشوة. وتمرّد المرأة ومشاع النساء. أهمية القراءة. سلوك طلاب في المدرسة والشوارع. الأم والأسرة مدرسة. لافتات باللغة العربية. تنازع تنظيماتنا السّياسية المُتناهشة. التدافع نحو المنابر. القبلية. العنف. العنصرية. توسع دائرة النكبة بأشكال ووسائل متعددة. الشعارات. الخطابات. الانتخابات. هوس قابيل العربي. من يذبح من؟ نداءات الربيع العربي الخريفية على امتداد الأوطان العربية والخ..
مداخلة العريف عن جوني منصور: أشعر بافتخار عندما أقول إنه تخرج من معطفي في الكلية العربية الأرثوذكسية، وإنني علمته عشق اللغة العربية، وهو واحد من الآلاف الذين أخذت بيدهم، وكان لي الشرف في تعليمهم الألف باء في مدرسة الحياة. له أكثر من عشرين مؤلفا، والعديد من الدراسات والأبحاث. آخر أعماله العمل الموسوعيّ عن “حيفا الكلمة التي صارت مدينة”، وهو عمل رائد وتأصيل للهوية القومية لشعبنا الباقي في وطنه. في السنوات الأخيرة نذكر حيفا، فنذكره حارسًا لتاريخها، وحارسًا لشاطئها وشوارعها وأسوارها التاريخية وظاهر عمرها.
مداخلة جوني منصور: إنها مناسبة سعيدة نحتفي بها بالاستاذ والأديب الرائع والجميل سهيل عطاالله. هذا الرجل الذي عرفته مربيا قديرًا، ومعلمًا واسع المعرفة ليس في ميدان تخصصه فحسب بل في ميادين ثقافية كثيرة، تنم عن حب العلم والمعرفة والعطاء. وعطاء المعلم ليس ماديًا، بل أكبر واوسع بكثير من حدود المادة الملموسة، إنه عطاء العلم والمعرفة والأدب والأخلاق. ونحن في مجتمعنا بدأنا نفقد مثل هذه الرموز وسط تحول مدارسنا إلى مصانع لانتاج علامات وليس لانتاج معرفة وتحليل وتقييم وتضحية وانتماء.
الزمن الجميل الذي علّم فيه الاستاذ سهيل وزملائه ليس كزماننا. زماننا هو عبودية للتكنولوجية التي استقيناها ليس من الباب بل من ثقب صغير، لم نر أي شيء سوى التسلية وتمضية الوقت. الزمن الجميل لن يعود، فلا ينفع البكاء ولا النحيب مطلقًا، لكن الأمل يبقى هو البوصلة التي توجهنا، وهذا ما يؤمن به الأستاذ سهيل عطاالله. فكرّس وقته بعد تقاعده للكتابة والقراءة، لأنهما سلاح قوي بيد من يريد تحرير ذاته قبل تحرير وطنه.
عرفته زميلاً ورفيقًا أثناء تطوعنا في اللجنة التربويّة لأبرشية الجليل لمدة تجاوزت الست سنوات، عملنا خلالها على إعادة هيكلة المدارس في الأبرشيّة، وبنائها اداريًّا وماليًّا وتربويًّا من جديد. وكانت له مواقف يشهد لها كلّ من عرفه في معالجة قضايا مستعصية جدًّا. أهنئ الاستاذ سهيل عطاالله لصدور مجموعة كتبه “حديث الثلاثاء”، وأتمنى له مزيدًا من العطاء، فالتقاعد ليس القعود، بل النهوض نحو مسارات وفضاءات أخرى، ينظر فيها الرجل إلى مجتمعه ويعمل على تقويمه وتحسين ظروفه.
أما بالنسبة لكتاباته التي يميل معظمها إلى فن المقالة، فإنه اعتمده أساسًا لتلك المقالات، مُحمِّلًا إيّاها أفكارًا نقديّة لمجتمعه ووطنه وحُكامه. ووفقًا لتعريف هذا الفن فإنه: “عبارة عن قطعة نثرية قصيرة أو متوسطة، موحّدة الفكرة، تعالج بعض القضايا الخاصّة أو العامّة، معالجة سريعة تستوفي انطباعًا ذاتيّا أو رأيًا خاصًّا، ويبرز فيها العنصر الذاتي بروزًا غالبًا، يَحكمها منطق البحث، ومنهجه الذي يقوم على بناء الحقائق على مقدماتها، ويخلص إلى نتائجها”، والمادّة التي يعالجها تكونُ سهلة القراءة والفهم، تحمل في طيّاتها رسائل يرغب في نقلها إلى جهة معيّنة أو إلى المجتمع بأسره. هو لا يتحوّل إلى واعظ أو داعية، إنما إلى شخص يهتمّ بمجتمعه، ويعمل على إصلاحه بطريقته الخاصّة.
أُبيّن المواضيع التي اعتمد الكاتب سهيل عطاالله تبنيها، كجزء من مشروعه الساعي إلى إعادة بناء مكوّنات مجتمعنا العربيّ الفلسطينيّ، والمصاب حتى النخاع بأزمات اجتماعيّة، سياسيّة، اقتصاديّة، ثقافيّة، أخلاقيّة ونفسية. ولتحقيق هذه الغاية، قرأت للمرة الثانية معظم المقالات التي نشرها من على صفحات جريدة الاتحاد، لكني اخترت عن دون قصد مجموعة من هذه المقالات لأبيّن وأوضح ما قصده وما أراده. فأيّ كاتب إن أشهرَ قلمه للكتابة، فإنّه يحمل هدفًا مركزيّا، أو مجموعة من الأهداف التي يبغي تحقيقها.
الهمّ الأوّل وأعتقد الرئيس الذي يقضّ مضجعه هو تراجع القراءة في أوساط أبناء شعبنا، حيث لمسَ وهو المعلم القدير صاحب الخبرة على مدار سنوات وعقود من الزمن، أنّ شعبًا لا يقرأ سيبقى قابعًا في حفرة الجهالة، وأنّ مُعلمًا لا يقرأ كتابًا واحدًا بعد تخرجه من الثانوية فهو ليس بمعلم، وهي دعوة لمحبّة لغتنا العربية الجميلة. وفي مقالة بعنوان “أخلاقيات الحكام” يتطرّق بصراحة ووضوح إلى تفشّي ظاهرة التحرّش الجنسيّ في أوساط مسؤولين سياسيّين وشرطيّين، داعيًا المرأة إلى رفض أيّ شكل من الاستغلال الموجه من قِبل الرجل، مُحرِّضًا إيّاها للتوجّه إلى الجمعيات الناشطة في حقل الدفاع عن حقوق المرأة، وإلى رفع شكاوى ضد المعتدين في محافل القضاء.
في مقالة “الترانسفير والسعادة” يُجري مقارنة بين مستوى السعادة الذي تنشده إمارة دبي، ومستوى الترانسفير الذي يسعى البرلمان الإسرائيلي إلى تطبيقه ضدّ مواطني البلاد العرب، داعيًا إلى تبني أساسيّات التسامح والانفتاح. وفي مقالة تحملُ عنوان: “أجراس التجنيد”، لا يدعو إلى التجنيد أو رفضه، بل يروي قصّة أو بالأحرى مأساة ومصرع جندي بدوي في صفوف حرس الحدود، وتُعلّق صبية من أشكلون شاكرة ربّها أنه ليس يهوديّا. فيكفي هذا المشهد ليخلع شبابنا فكرة التجنيد في جيش الاحتلال من عقولهم.
وفي مقالة تحملُ عنوان “هللويا: عندنا أهليّات”، يتطرّق إلى مَن عرّف المدارس الأهليّة بأنها مسيحيّة، فيعلن رفضه لهذا التعريف، مُشدّدًا على أنّها مدارس أهلية عربيّة، وإن كان مؤسّسوها من الهيئات الرهبانيّة المسيحيّة، إلا أنها تحتضن الوطن بمركباته المختلفة. إنّ هذا التعبير هو موقف مشرّف نفخر به، ويجب أن يتحلى به كلّ انسان في هذا الوطن، بل أكثر من ذلك، يجب أن تتحوّل هذه المواقف المشرّفة إلى قاموس مفاهيم واصطلاحات يستعمل في المحافل الاجتماعية المختلفة.
وفي مقالة “لغة الحرب”، يُفنّد مزاعم إسرائيل بأن الفلسطيني ارهابي، في حين أن الاسرائيلي يحاصر الفلسطينيّ ويُجوّعه. ويتحقق من أنّ هناك قاموسًا اصطلاحيّا إسرائيليّا ضدّ الفلسطينيّ الذي تُصوّره وسائل الإعلام الإسرائيليّة بأنه شيطان، وهو الرازح تحت نير الاحتلال وفلتان قطعان المستوطنين. لينقلنا إلى مقال بعنوان “ما لم أره في وطني”، مُقارنًا ما رأت عينه في تايلاند من احترام للديانات السماوية والبوذية، وما لمسه من استقبال فيه الكثير من الحفاوة والاحترام للإنسان في أستراليا، في حين أنّ الإنسان يُهان في بلد السمن والعسل، ويقبع الأسرى الفلسطينيّون في غياهب السجون لأنّهم ينشدون الحرّيّة، وهو من حقوقهم الإنسانيّة كمدافعين عن وطنهم السليب. وحول التحوّلات الحاصلة في سلوك مجتمعنا يُحلل ظاهرة العنصريّة في الملاعب، وخصوصًا التفوهات والعبارات العنصريّة التي يُطلقها مشجّعو الفرق اليهوديّة ضد المواطنين العرب، خصوصًا عبارة “الموت للعرب”، ألم يقلها الألمان ضدّ اليهود في زمن النازية؟
هذه نماذج قليلة من مقالات كثيرة جدًّا، دأب الأستاذ سهيل عطاالله على كتابتها، فتناول فيها القضايا التي تُشغل فكره وهي هموم مجتمعه ووطنه، وتحمل هذه المقالات ابعادًا تربويّة واجتماعيّة وسياسيّة، فيها النقد من أجل الإصلاح والتحسين. فمجتمع يسير في طريق معوجّ بحاجة ماسّة إلى قلمٍ كقلم الأستاذ سهيل عطاالله. أعتقد أن مساهمته في إعادة بناء منظومة القيم الاجتماعيّة هي مسألة في غاية الأهميّة، في زمن غاب فيه حبّ الإنسان لأخيه الإنسان، وأصبح الهمّ الأكبر والرئيس هو “الأنا”. وكنت أقترح على المسؤولين والقيّمين في جهاز التربية والتعليم، سواء الرسميّ أو الخاصّ، تبنّي أكبر عدد من هذه المقالات، لتكون مادة ترفد حصص التربية في الصفوف المدرسيّة بدلًا من إضاعتها على لا شيء، كما هو حاصل في عصرنا. مرة أخرى، تهنئ الأستاذ سهيل وعائلته وزوجته واولاده والقريبين منه، ونهنئ أنفسنا برجل كألف ألف رجل. هنيئًا لك وهنيئًا لنا جميعًا، وكل عام وانتم بخير.
العريف عن نزيه قسيس: أيّها الإخوة، رأسُ النّبع قرية إقرث التي اغتُصِبتْ في عزّ النّهار والحرّاسُ نائمون، وبقيتْ مشلوحة في غابة الغابات التي سقطت صريعة تحتَ سنابكِ الغزاة، “وواعدوها وما جاؤوا لموعدها/ وأسكروها وكنت خمرهم كذبا” (نزار قباني). يغرفُ من النّبع الثرّ لصاحبهِ العمّ شكسبير، ويَروي الأجيالَ المتعطّشة إلى لغةِ العصر، ويُبدع معجمًا يُغري الآخرين بالسّطو على كلماتهِ، واغتصابها في وضح النّهار. باحثٌ يحملُ القنديلَ ويجوبُ غاباتِ الدّراساتِ والأبحاث، يمتطي خيولَ الشعر العامّيّ الهادف، فترمحُ الخيولُ القسّيسيّة لتقتحمَ الميادين الاجتماعيّة والسياسيّة والثقافيّة. يجلسُ على قمّة جبل حيدر، فيبعثُ السّلامَ بعيدِ ميلادِ السيّد المسيح، ويكتبُ مُهنّئًا بعيدِ الأضحى. أفتحُ الملفَّ فيُبهرني ما فيه من خيرات. حصلَ على شهادة الدكتوراه في علم اللسانيّات التطبيقيّة، وتخصّصَ في علم المعاجم في اللّغتيْن العربيّة والإنجليزيّة من جامعة إكستر في إنجلترا. مُربّي أجيال تخرّجَ الآلافُ مِن معطفهِ المَعرفيِّ والإنسانيّ. هذا غيضٌ مِن فيضٍ، فالملفُّ حافلٌ يحوي في داخلهِ مُحيطا عامرًا بالخيراتِ المَعرفيّة ولا شواطئَ له.
مداخلة د. نزيه قسيس: بدأت حكايةُ الزَّمالةِ الصادقةِ بيني وبين الأستاذِ سُهيل سنة 1967، عندما أنهيتُ دراسَتي الجامعية وعُدتُ الى المدرسةِ التي تَخرَّجنا منها أنا وهو، لـنَـتشاركَ في مُهِمةِ تَعليمِ موضوعِ اللغةِ الإنكليزية. تَقَبلنا بعضَنا بِلْطفٍ واحْترامٍ من البداية وعَمِلنا معًا بِصدقٍ وتفاهُمِ وتعاوُن، وكان هَمُّنا الوحيدُ هو “مَصلحَةَ الطُّلاب!” امتازتْ شخصيةُ الأستاذِ سُهيل بالأخْلاق العاليَة، وحُسنِ التَّعامُلِ والمَرَحِ مع كُلِّ الزُّملاء والطلابِ والإدارَة، فأصبح نائبا للمدير بِجَدارَة. استمرَّت هذهِ العَلاقةُ إلى ما يزيدُ عن 30 عامًا، وعندما حانتْ ساعةُ تقاعُدِه، قامَت إدارةُ المدرسَة بتَنظيمِ حَفلِ تَوديعٍ له، فأقرأ مقطوعتيْن من قصيدةٍ باللّهجةِ المّحكيّةِ كتبتُها:
خَـيّي سُـهـيــل – يَ رْفـيـقـــي يــا أنْــبَــــل رْفــيــق/ ثُــلــث الــقَــرِن إنْــتــي وأنــا بْــنَــفـــــسِ الــطـَّـريـــق
شــــاهِــدْ أنــــــا ، ومِــنّــي شَـــهــادِه مْــوَقَّــعَــــــه/ كُــنْــتِ الــزَّمــيــلِ الألْــمَــعــي وكُــنْــتِ الــشَّــقــيـــق!
ثُــلْــثِ الــقَــرِنْ – تِــبْــنـي مَـعـي وأبْـنــي مَـــعَــــك/ تِــسْــمَــعْ كَـــلامـــي عَــالْــهَـــــــداوِه ، وأسْـــــمَــعَــك
كـــانِ الــوَفـــا ، وكـــانِ الــصِّـــدِق بـــيـــنــاتْــنـــــا/ وكـان الــصَّــفـا يِــجْــمَــع فُـــؤادي، ويِــجْــمَــــعَــك!
وكَما تَرَوْن، فإن الصَّفا والوَفا والصِّدقَ تَجمَعُنا اليومَ في لِقاءٍ تَكريميِّ جديدِ لهُ، وقد دَعاني حَبيبُنا، طالبُنا سابقًا، المحامي حسن عبادي، أنْ أقولَ كلمةً وقصيدةً، فلبَّيت الدعوَةَ بِسُرورٍ، وكَتبتُ قصيدَةً جديدَةً باللهجةِ المَحكيّةِ تَحكي عن سهيل المُعلّم وعن كتابِه، أقول فيها ما يلي:
بِــنْــمَـــسّــي عَ كُــلِّ الــنّـــاسْ/ مِــنْ قَـــلْــب صـافــي الإحْـسـاسْ/ وبِـنْـمَـسي كِـلْماتِ كْتابْ/ مَـوْزونِه بِـتْـعَـبّـي الـرّاسْ! بِــنْـمَــسّــي عَ أبــو الـــذّيـــب/ كــاتِــــبْــــنـا الرّاقــي الأديــب/ رْفــيـــقْ أيّـــامِ الــــتَّــــعْـــلـــيـــم/ ومـــاضـــيـــنـــا الْــغـــالــي الْـحَــبـيـب رْفـــيـــقْ أيّـــامِ الـــشَّـــبـــاب/ وكـــانْ يِـــجْـــمَــــعْـــنــا لِكْــتـاب/ أيّــام أعْـــطـــيــــنـــا الــنّـــور/ تَ نِـــضْــوي عْــيــونِ الــطُّلّاب أيــام راحـــت وســــنـــيــــن/ وبَـــعْـــدو بْــــيِـــجْـــمَـــعْــــنــا الْــــحَـــــنـــــيـــــن/ وأحْـــلامْ حَــــــقَّـــــــقْــــــنــــــاهــــــا/ وأحْــــلامِ بْـــرَحْـــمِ الـــتَّـــكْــــويــــــن أحْـلامِ نْــشـوفِ الـطُّلّاب/ مَـعـاهُــن أعْـلى ألْـقـاب/ شُـفْــنـاهُــن! طاروا وصاروا/ نْـجـومْ عَ جْـناحِ الـسَّـحـاب شُـفْـنـاهُـن– مِنْ بَـعـدِ غْـيـاب/ أرْقـى صَبايا وْشَباب/ شُـفْـناهُــن صاروا شُـعّـار/ وشُـفــنـاهُـن صاروا كُــتّـاب وشـــايِـــفْـــهُــــن– أذْـى شُــبّـــان/ وشـايـــِف كــولــيــتِ وْســوزان/ وشايِـف كَميل وْحَـسّــون/ صاروا لَـلـنّادي عِــنْـوان! وشـــايِــف مــاضـــيــنــا الّــلي كــان/ يِــتْـــنَـــبّــا بْــهـــذا الـــزَّمـــان/ وشـايِـــف فـيكْ كـاتِـب خـيـر/ كِـلـماتـو لـولـو ومُـرْجان! وشـــايِـــفْ فِ كْـــتـــابَــــك أقْـــوال/ مَــــلْـــيـــانِــه حِـــكـــمِـه وأمْــثـــال/ وشـايِـــفْ كِـلْـماتِ الأديب/ وَراهــا مْــعَــلِّــم أجْــيــال وشــــايِـــــف تَــــجـــــارِب أيـّـــــام/ مَــــكْــــتـــوبــِه بْــألْــطَـفْ كَــلام/ أوَّلْــهــا “صَـــبــاح الـــخـــيــر!”/ وآخِــرْهــا “أحْـــلــى سَـــلام!” أوَّلـْها، فـــيــهــا إيـــمــــان/ صــافــي فــي كُــلِّ الأدْيــان/ وآخِـــرْها– عِـــبْـــرَه لـــلــنّــاس / يْـعـيـشـوا إخْـــوِه بْــهَــالأوْطــان وآخِـــرْهـا عِـــبْــــرَه وْتَــعْــــبــيـــر/ حــامِـلْ تَــنْــــبــيــه وتَــحْــذيـــر/ فـــيـــهـــا حِــــوارِ الْـــعُــــقّــــال/ وفـــيــهـــا لَــــلْـــجـــاهِــــلْ تَـــنْـــويــر وفــيـهـا بَـــسْــمــاتِ وْرَسْــمـات/ وفـــيــهـــا عـــتــابِ وْهَـــمْـــسـات/ وفـيها وَخْزاتِ الدَّبْوس/ وفـيها غَـمْـزاتِ الــنَّـسْـمات وفــيـــهـــا لــلــنّــاسْ تَــذْكــيــر/ عـــن مـــاضـــي مُــــرِّ وْمَـــــريـــــر/ وفــــيـــهـــــا بُـــــشْــــرى لِـلْأحْـــبـــاب/ بْــأيّــــام مِـثْـلِ الْـحَـريــر وفــــيــــهــــــا فِـــــكْــــرِ وْثَـــــقـــــافـــــي/ وفـــــيــهـــــا رِقَّـــه وْلَــطــــافـــي/ ومَــــرّات– غَــــزِّة إبْـــــرِه/ فــــــيــهـــا الـــتِّــــريــــــاقِ الــــشّـــافـــــي ومَـــرّاتْ حَـــبِّـــةْ بَـــلّــور/ نِـجْــمِـه مِــنْــها شَــعِّ النّــور/ بْـتِـضْـوي فِ عْــيونِ الْعُـمْـيان/ بْـتِعْـمي بَـصْـبـوصِ الْـمَغْـرور! بتضوي أو بتهز الروح/ بْتِبْكي عَالْجُرْحِ الْمَفْتوح/ بْتِحْكي عَـنْ ماضي مَلْيان/ وعَـنْ حاضِر فاضـي مَـفْضوح بْـــتِــحـْكـي عَـــن حــاكِم قــــاســي/ بِــلْــســانِ الــدَّبْــلـوماسـي/ بْــتِحْــكي عَــنْ روحِ الإِجْــرام/ وعَـــنْ أوْجــاعِ الـــمَــآســـي! بْـتِـحْكي عَـن وَطَن مَـوْجوع/ وإنْـسانْ ماتِ مْــنِ الْجوع/ بْـتِـشْكي لَـلْـقاضي والْقاضي/ صـوتو وِلْـسانو مقْطوع بْـتِـشْـكــي بِـــالــعَـقْـل الْــحـــَكـــيم/ مِـنْ فِكـرِ الْجـــيلِ الـقَـديـم/ بْــتِــتْــمَــنّى خَـــلاصِ الـــنّــاس/ بِالْــعِـلْمِ وْنـــورِ الـتِّــعْــلــيم بْـتِــتْــمــَـنّى هَـالْجَـهْـلِ يْـزول/ في كُـلّ كـلْمِه بِــتْــقـــول/ وإحْـــنا مِـــثْـــلَـــك خــايْـــفــــيـــن/ نْضـــيـــع بْسِــرْدابِ الْـــمَـــجْــهـــول وإحْـــنــا هَــالـــيـــومْ مَـعــاكْ/ بْــنُــطْـــلُـــبْ مِـــنْ ألّـله يِـرْعاكْ/ بْـــنِــــتْـــمَـــنّــى الــنّــــاسْ تِــــسْــــمَـــع/ وِالـــرَّب يِـــقْـــــبَـــلْ دُعـــاك! بْـــــنِــــتْـــــمــَــنّــالَـــك عَـــالـــدَّوام/ أفْـــكـــار فـــيــهـا إلْـــهـــام/ بْـــنِـــتْــــمَـــنّــى مَـــعْ كُـــلِّ كْـــتـــاب/ نِــــمْــــشــــي خُـــطْـــوِه لَــلْأمــــام! بْـنِـتْـمَـنّـى تِـكْـتِـب وِتْزيدْ/ وْفي كُلّ ثَـلاثـا جْـديـدْ/ يِـجْـمَـعْــنـا “صَبـاحِ الْخـيــر”/ ويَـعْـطـيـكِ الْـعُــمْـرِ الْـمَديد ويِـــجْـــمَـــعْـــنا يـــومِ الْـخَمـــيـــس/ بْـــقــاعِــةْ يــوحَـــنّـــا الْـــقِــــدّيـــس/ وتِـــجْـــمَـــــعْـــــنا ســـوزي وْفُــؤاد/ بْــعَــروسِ جــديـــدِه وْعـــــريس!
كلمة المحامي كميل مويس عضو المجلس المِلّيّ وعضو نادي حيفا الثقافيّ: أحيّي أستاذي الأديب سهيل ديب عطالله الذي كان لي شرف تعلّم اللّغة الإنجليزيّةِ وآدابها على يديْه، في الصّفّيْن الحادي عشر والثاني عشر في مدرسة حنّا مويس الثانوية في الرامة. لا زلتُ حتّى اليوم لأعشق اللغة الإنجليزية بفضلك أستاذي الكريم. وُلدَ ضيفنا في قرية إقرث المُهجّرة، ونشأ في بلده الثاني الرامة، فكان ولا زال له روابط صداقة مع جميع أهالي القرية على مختلف انتماءاتهم، ويتفاعلُ مع المجتمع الذي يعيش فيه، ويُؤثر على مُجريات الأحداث بكلّ وعي ومسؤوليّة، مُدركًا تمامًا ما يجري حوله، ويحدّد لنفسه موقفًا من كلّ حدث أو مستجدّ، ولا يتقاعس عن قول رأيه صريحًا جريئًا، ليزيد في نفوس الجميع من مكانته الأدبيّة والاجتماعيّة، ويسمو بحضوره في المواقف ومواكبة الأحداث. أشعر بالبهجة والسرور أن أقدّم لك أستاذي الكريم هذا الدرع، تقديرًا وإجلالًا لمسيرتك الأدبيّة والإنسانيّة باسمي، وباسم رئيس وأعضاء المجلس الملّيّ الوطنيّ الأرثوذكسيّ في حيفا، ممثلًا بزميلي عضو المجلس الأخ جريس خوري، وباسم المحامي فؤاد نقارة رئيس نادي حيفا الثقافيّ، والمحامي حسن عبادي مُركّز سوق عكاظ الحيفاويّ في رحاب هذا النادي. نتمنى لك دوامَ العطاء والصحة والغزارة في الإنتاج.
كلمة الأديب سهيل عطالله: في هذه القاعة التي يحتضنها يوحنا المعمدان، فتعمّد بالمعرفة وإبداعات المبدعين. قاعة متألقة أبدًا بالإخوة في المجلس المليّ وناديه الثقافيّ. قاعة تجمعُنا على امتداد أشهر السنة، وعلى فترات متقاربة بفنانين ومبدعين من أبناء وبنات شعبنا في هذا الوطن البديع، مبدعين نرضع من أثدائهم حليب الجمال وجلال الفكر وبديع الكلام. قاعتكم هذه أيها الإخوة في المجلس المليّ الأرثوذكسيّ الوطني حيفا، هي قاعة أعراس أدبيّة وأعراس وطنيّة فيها، يجمعنا حبّ الضّادّ وحبّ ناطقيها في هذه القاعة، ويحمل أهل العلم واصدقاءَهم المحتفى بهم على أجنحة الكلمة الجميلة الملتزمة المثقِّفة.
قال أعرابيّ لأحد الولاة: الناس تبني الدّور في الدنيا، وأراك قد بنيت الدنيا في دارك! والحديث هنا لوالٍ أحبّ الكتب، فحوّلَ جدرانَ غرفته إلى “مكتبة”! هكذا أنتم يا رئيس وأعضاء المجلس المليّ الحيفاويّ، هكذا أنت أيّها العزيز المحامي فؤاد مفيد نقارة، بصحبة صحبك في النادي حوّلتم هذه القاعة إلى مسرح، على خشبته يخطو عشّاقُ الكتب من أبناء شعبنا. لا أبالغ إذا ما قلت إنّكم بعثتم عكاظًا جديدًا مُتجدّدًا، في رحاب كنيسة تعبق بالبخور وتغتسل بدموع الشموع.
يُهاتفني الكثيرون قائلين إنّهم يبدؤون قراءة الاتّحاد من الصفحة الأخيرة بزاوية (صباح الخير)، وأمست صباحهم ولحظات استراحاتهم اليوميّة. تحيّاتي للأحبّاء المهاتفين وغير المهاتفين. إنّ تقديرهم لِما يُنشر في صباح الخير هو تقدير، أو بالأحرى، تكريمٌ لعشّاق الكلمة المكتوبة. لقد كتبت في مقالة لي هذا الشهر وقبل أيّام قليلة، عن هؤلاء القراء الذين أرى فيهم مدارس خير ومعرفة وحث على العطاء من مدارس القراء. يمتصّ الكتاب رحيق المعرفة وإثراء التجربة بكم أيها الحضور الكرام، وبالجالسين على المنصّة ألتقي مثقفين أدباء وأصدقاء عمر أوفياء، أتفيّأ بطيب كلامهم وجلال مداخلاتهم.
أنتم أيّها الإخوة والأخواتُ في القلب وفي بؤبؤ العين، يا نزيه قسيس، ويا آمال عوّاد رضوان، ويا جوني منصور، ويا فتحي فوراني، ويا سهيل مخول، ويا حاتم خوري ويا شحادة خوري، إنّ كلامَكم يتدفق ألقا وأوسمة محبّة أقلدُها لكلّ مَن حضرَ من قريب ومن بعيد في هذا المساء الجميل. أشكر حضوركم فردًا فردًا. أيّها الأعزاء، من خلالكم أكرّر صادق شكري لفرسان النادي ولكلّ القراء. أنتم أيّها القراء بفضلكم تبقى أقلامُنا بأيدينا، فعندما تنصرفون عن قراءة ما نكتب، ينصرف القلم بمداده ويرحل بعيدًا عن دفاترنا. دعونا نُحلّق سويّة حول عطاء متنوّع، ترعاه كنيسة تشمخ باسم قامة نبويّة مسيحيّة إسلاميّة، هي قامة يوحنا المعمدان أو يحيى بن زكريا.
يا أبناء المجلس الأرثوذكسيّ ويا أهله، يا كواكب ناديه ومُهندسي أمسياته، أنتم حفدة أبي سري خليل السكاكيني الذي بسكاكينه المغمدة تشبّث بعروبته، مُطالبًا كنيسته الأرثوذكسيّة في زهرة المدائن إلى تعريب لغتها وتعريب صلواتها، بدلًا من أبجديّة الإغريق الهيلينيّين. أيّها الإخوة، بكم ومعكم نرعى صرح الكلمة. يقول نزار قباني في رسالة أرسلها لابنة وطنه المبدعة سلمى الحفار الكزبري: “الكلمة هي الرّبّ الوحيد الذي يستحقّ أن نمنحه زيتنا وشموعنا. هي النافذة التي بقيت لنا على السفينة التي تقطعت حيالها ومات ربّانها. لا نجاة إلّا في الحرف وبالحرف”. وأخيرًا، إنّ مشروعَكم الوطنيّ في هذه الكنيسة المباركة فيه التزامٌ أدبيّ روحيّ، وفيه زخم وطنيّ أبيّ، وفيه أيضًا وفوق كلّ شيء اعتناق، أو بالأحرى عناق للغتنا العربيّة ولكلّ مَن يعاقر خمورها. حيّاكم الله وبوركتم.