حمد وصالح والقذافي بين “شبح” مبارك ومفاجأة تربل
ما أن نجحت ثورتا تونس ومصر ? إلا وسارع كثيرون للتساؤل حول الدولة العربية التي سيكون عليها الدور وكانت المفاجأة هي اندلاع احتجاجات واسعة في ثلاث دول مرة واحدة .
صحيح أن الأوضاع الداخلية في كل من اليمن والبحرين وليبيا ليست واحدة ? إلا أن اللافت للانتباه أن الهزات الارتدادية لما حدث في زلزال ثورتي تونس ومصر انتقلت سريعا للدول الثلاث ? حيث بدأت الاحتجاجات بدعوات لمكافحة الفساد والإصلاح السياسي ورفع القيود على الحريات ? وسرعان ما تطور الأمر للمطالبة بإسقاط الأنظمة الحاكمة .
بل وكانت المفاجأة أيضا أن الأنظمة الحاكمة في الدول الثلاث وقعت في الخطأ ذاته الذي أسرع بالإطاحة بنظامي زين العابدين بن علي في تونس وحسني مبارك في مصر ألا وهو القسوة التي قابلت بها الشرطة المتظاهرين ? الأمر الذي زاد من حدة الغضب الشعبي ووسع من نطاق المظاهرات وعزز من دعوات البعض لإسقاط الأنظمة الحاكمة رغم أن هذا الأمر لم يكن مطروحا في البداية .
ويبقى التساؤل اللغز ” هل يستيقظ العرب صباح يوم على مفاجآت جديدة كتلك التي حدثت في تونس ومصر ?”.
ورغم أن الإجابة ليست بالسهولة التي يتوقعها البعض بالنظر إلى اختلاف الأوضاع في كل من اليمن والبحرين وليبيا ? إلا أن هناك عددا من الأمور قد تساعد في توقع ما ستحمله الأيام المقبلة .
فالنسبة لليمن ? فإن الوضع هناك معقدا للغاية حيث يوجد حراك جنوبي يسعى للانفصال وانتشار واسع لتنظيم القاعدة ? بالإضافة إلى الصراع مع الحوثيين مع الشمال ? وهو ما انعكس بوضوح في الشعارات التي تم رفعها خلال المظاهرات .
فقد ركزت الاحتجاجات المتواصلة في صنعاء منذ 8 فبراير على المطالبة برحيل الرئيس اليمني الذي يتولى الحكم منذ 33 عاما ? حيث هتف المحتجون “الشعب يريد إسقاط الرئيس ? الشعب يريد إسقاط النظام” في ترديد لشعارات الثورة المصرية التي أطاحت بالرئيس حسني مبارك ? هذا فيما كان الأمر مختلفا في احتجاجات أنصار الحراك الجنوبي في محافظات عدن ولحج وأبين وشبوة والضالع ? حيث طالبوا بإسقاط نظام الرئيس علي عبد الله صالح وبالانفصال عن الشمال وعودة دولة الجنوب التي كانت مستقلة حتى 1990 وهو الأمر الذي يحمل خطورة بالغة ومن شأنه أن يقلق دول الجوار وخاصة السعودية التي تريد أن يكون اليمن مستقرا وموحدا لمواجهة خطر القاعدة وتجنب إثارة القلاقل على حدودها .
شعارات تطالب صالح بالرحيل
بل وهناك من ذهب إلى أن التركيز على الانفصال في هذا الوقت تحديدا قد يضعف دعوات التغيير ويدعم النظام الحاكم ? فمعروف أن الحراك الجنوبي الذي نشط في السنوات الأخيرة كان يدعو للانفصال بسبب احتجاجه على “التهميش” الذي اتبعه النظام الحاكم ? إلا أنه بعد اندلاع احتجاجات واسعة في صنعاء تطالب بسقوط النظام تأكد للجميع أن الشمال يعاني أيضا كالجنوب من الفقر والبطالة وغياب التنمية والحريات ? ولذا كان متوقعا أن يتوحد الجميع خلف التغيير والإصلاح وبناء اليمن الجديد القوي بدلا من الدعوة للانفصال .
وهناك أمر آخر هام في هذا الصدد وهو أن الجنوب بعد انفصاله في السابق عاد بإرادته للوحدة مع الشمال في عام 1990 ? أي أن الحل ليس في الانفصال وإنما في التغيير في إطار الوحدة وتجنب تكرار ما حدث في السودان ? فأفراد الشعب الواحد لا يمكن فصلهم عن بعضهم البعض مهما كانت المبررات والخلافات وهذا ما تأكد أيضا في انهيار سور برلين وتوحد ألمانيا الشرقية وألمانيا الغربية بعد عقود من الانفصال والعداء.
ويبدو أن رئيس لجنة مرجعية العلماء باليمن الشيخ عبد المجيد الزنداني يدرك جيدا الحقيقة السابقة ولذا سارع للتأكيد في مؤتمر صحفي في 17 فبراير أن عملية التغيير يجب أن تكون عبر الانتخابات رغم تأييده حق الشعوب بالخروج إلى الشوارع والتظاهر ? قائلا :” نحن اليوم بين خيارين? إما أن نتصارع ونتقاتل وتسفك الدماء وإما أن تتفق جميع الأطراف في السلطة والمعارضة على أن يكون التغيير سلميا وعبر صناديق الاقتراع”.
ورغم أن كثيرين يرون أن الرئيس علي عبد الله صالح يتحمل مسئولية ما وصل إليه اليمن ويشككون في جدوى وعوده بالتغيير ? إلا أن الأرجح أنه بدأ يعي درس ثورتي تونس ومصر ولذا سارع للإعلان مؤخرا أنه لن يرشح نفسه لفترة رئاسية جديدة ? هذا بالإضافة إلى إصداره أوامر بتشكيل لجنة تحقيق في سقوط قتلى باشتباكات بين الأمن ومتظاهرين يطالبون بإسقاط نظامه وبالانفصال عن الشمال في مدينة المنصورة بمحافظة عدن يوم الأربعاء الموافق 16 فبراير.
وحتى إن كان صالح يحاول تجميل صورته وتبرئة ساحته من المسئولية الكاملة عن تدهور أوضاع البلاد بسبب الشماعة التي باتت جاهزة في هذا الصدد وهي البطانة أو الحاشية الفاسدة ? فإن توحد اليمنيين جميعا سواء في الشمال أو الجنوب خلف مبدأ التغيير والإصلاح في إطار الوطن الواحد من شأنه أن يسرع بإخراج البلاد من أزمتها والوصول بها إلى بر الأمان .
أزمة البحرين
وبالنسبة للبحرين ? فإن الأزمة الحالية ليست جديدة حيث