الكراسي القرآنية..!!
بقلم/ جميل الجعـدبي
لا تفسير لامتعاض بعض المنتمين والمحسوبين لجماعة ” أنصار الله” من فعالية ميدان السبعين التي نظمها المؤتمر الشعبي العام صبيحة 26 مارس الماضي ، غير ان هؤلاء – البعض- مايزالون أسرى نشوة ماسمى بالربيع العربي ، معتبرين العدوان السعودي الإماراتي متعدد الجنسيات ، وبما فرضه من واقع جديد ومتغيرات جذرية ، كما لو انه الجزء الثاني من مسلسل (ربيع الفوضى) الذي استهدف إسقاط الأنظمة بمفهومها الإداري المؤسسي للدولة لتحل الفوضى والتدمير الممنهج بديلا عنها .
ولا فرق هنا يُذكر ، بين القيادي الراحل في حزب الاصلاح د عبدالرحمن بافضل وهو يتلو آيات (نزع السلطة من صالح) على شاشة قناة الجزيرة بداية 2011م ، كما لو ان الآية نزلت يومها .. وبين الزميل محمد على العماد الذي لايرى في مهرجان السبعين غير أنه (بداية مشروع عودة صالح للحكم) ، وهو الذي انتزع الله منه السلطة عام 2011م ، ومكن (الجماعة) منها عام 2014م ، وكما لو ان الله قد جعلها بعد ذلك محرمة على غيرهم الى يوم الدين ..!
قبل مهرجان السبعين يقول الزميل محمد العماد وعضو الهيئة الإعلامية للجماعة انه ” ليس من الغلط بان تحتشدوا وليس من الغلط ان تعيدوا ترتيبات صفوف حزبكم، نعم للخروج في أي مسيرة يدعو لها المؤتمر …” لكنه لايرى (غلطا يذكر) في رسائل وخطب ومنشورات ووسائل إعلام جماعته والهيئات واللجان المتفرعة عنها والتي اعتبرت في منشوراتها الرسمية المشاركة والدعوة لمهرجان(الروضة) واجب ديني ووطني .. فلا فرق هنا بين منشورات العدوان السعودي التي اعتبرت اليمنيين (مجوساً) ، في الصواريخ الملقاة على سكان صنعاء، وبين منشورات (رفاق السلاح ) ، وما كان ينقصهم غير الاستعانة بطائرات العدوان لإلقاء تلك المنشورات على حي السبعين .
حينما احتفل (انصار الله) بذكرى 11 فبراير ، كثورة مزعومة ضد صالح وحكومة المؤتمر ، تقبل نشطاء المؤتمر ذلك بروح وطنية عالية ، إذ ان الهدف هنا مصوب نحو العدوان وتدمير أسلحته وإحراق اوراقه في فنادق الرياض ودبي المؤيدة للعدوان .. لكن نشطاء من جماعة (انصار الله) لم ينظروا الى احتفالية المؤتمر في السبعين بنفس السياق والنتيجة .. بل خيم على بعضهم هاجس الخوف من إشراك آخرين في السلطة ، مايعني أننا أمام حالة غريبة لاترى في صمود الشعب عاما كاملا ما يوجب مكافأته بحلحلة الأوضاع والقبول بالآخر القريب منك ..
انتقد الزميل محمد على العماد – رئيس تحرير صحيفة الهوية – سلطة جماعته قبل 26 مارس لـ(حملاتها الترهيبية الرسمية ضد موظفي الدولة الراغبين المشاركة في مهرجان السبعين) ، ليس لأن في تلك الاساليب مخالفات قانونية وإدارية وانتهاكات للحقوق ومصادرة للحريات وتوظيف واستغلال (سياسي) لمقدرات وأجهزة الدولة المملوكة للشعب اليمني .. بل لأن الزميل العماد اراد إحتساب من سيتغيبون من أعمالهم من الموظفين صباح السبت ( ينتمون لحزب المؤتمر) وبالتالي “يكون يوم لتعريف المواطن اليمني من يدير مؤسسات الدولة وهل هناك شراكه حقيقة بمؤسسات الدولة بين المؤتمر وانصارالله” ، فصديقنا هنا – وتحت تأثير هاجس إقتراب آخرين من كراسي السلطة ، يختزل مفهوم (الشراكة السياسية) في تقسيم فئات الموظفين من حيث ميولهم السياسية ، قافزا على حقيقة محدودية (المشاركة السياسية) في النظم التعددية والحكومات الائتلافية على المقعد الأول في المؤسسة الحكومية ، وأما بقية الموظفين فهم محكومين بقوانين الوظيفة العامة والخدمة المدنية وحقوق المواطنة ..
رغم أن الانقسام في اليمن (سياسي بحت ) منذ العام 2011م منذ ساحات (احزاب المشترك وشركائه ) وساحات ( المؤتمر وحلفائه) ، يعيب الزميل العماد على المشاركين في مهرجان السبعين رفع صور قيادات وشعارات حزبهم الذي حصد في آخر انتخابات (أكثر من 3 ملايين صوت) .. ولايرى في الأخبار الرسمية لاحتشاد حزب الحق أبو (4الف صوت) باتجاه مهرجان الروضة (ترويجا سياسيا) ، وعادي جداً لو رفعت في مسيرة الروضة صور زعماء عرب (مع تقديرنا لمواقفهم) ، وشعارات ذات أبعاد طائفية ومذهبية ..!
يتغنى صديقنا محمد العماد بـ(الميثاق الوطني) لكنه يتناقض مع نفسه ومع روح الميثاق الوطني ، بتهكمه على الاحتشاد (الحزبي) ، والتعددية السياسية والديمقراطية كنظام سياسي وقٌع عليه في اتفاقيات دولة الوحدة (الجمهورية اليمنية) واستفتى الشعب عليه،كوسيلة حضارية لحكم الشعب نفسه بنفسه وتداول ( الكراسي القرآنية) عبر ممثليه في المجالس والحكومات المنتخبة ..!