بعد المراهنة على تفكك الجبهة الوطنية اليمنية، جبهة العدوان تتفكك
بقلم/ د. علي حسن الخولاني
أ: تاريخياً:-
السياسة السعودية تجاه اليمن، كانت ولا زالت تهدف إلى إيجاد يمن ضعيف مقسم، يتسم بالصراعات المناطقية/ الجهوية، المذهبية، الطائفية، القبلية، الطبقية والعرقية. يمن يظل فقيراً تابعاً لسيطرة وهيمنة أسرة آل سعود، هذه السياسة أتت مع ولادة نظام أسرة عبد العزيز آل سعود، هذا الأخير الذي أكد لأولاده أن عزهم في ذل اليمن وذلهم في عز اليمن، واليوم عدوان النظام السعودي يدخل في إطار تحقيق هذه السياسة؛ فالحرب ما هي إلا امتداد للسياسة بوسائل أخرى.
في الحقيقة، لقد استطاعت السعودية تحقيق بعض النجاحات في أهدافها المذكورة أعلاه، وذلك من خلال تواجد عملائها وأدواتها داخل دوائر صناعة القرار السياسي في اليمن، وداخل المنظومة القبلية الموازية لسلطة الدولة اليمنية في كثير من الأحيان، لكن ليس إلى الحد الذي يجعل من اليمن مقاطعة تابعة للمملكة، وتاريخياً، هناك ثلاثة تدخلات عدوانية عسكرية كبرى للعربية السعودية في اليمن، وهي كالتالي:
– التدخل العدواني الأول، كان لدعم “الإدريسي” في حربه ضد الإمام “يحيى بن حميد الدين”، بداية ثلاثينيات القرن الماضي، انتهى هذا التدخل باحتلال السعودية لمناطق عسير ونجران وجيزان.
– التدخل العدواني الثاني، كان لدعم حكم أسرة حميد الدين (الشيعية) لإجهاض ثورة السادس والعشرين من سبتمبر التي قامت بداية ستينيات القرن الماضي، ولم تفلح العربية السعودية في تحقيق هدفها الذي كان يرمي إلى إزاحة النظام الجمهوري الوليد من سدة الحكم، وإبقاء اليمن ملكية.
– التدخل العدواني الثالث، بدأ في العام الماضي تحديداً في26/3/2015، ومازال مستمراً حتى كتابة هذه السطور، ومن ضمن أهدافه المعلنة، إرجاع (الشرعية) الممثلة بالرئيس هادي إلى اليمن، وجميع المؤشرات تؤكد على فشل هذا التدخل.
ب: تفكك جبهة التحالف:-
العدوان السعودي على اليمن كان مخطط أن ينهي عملياته خلال أسبوع أو أسبوعين، تحت مجوعة أهداف علنية هي كالتالي:
– محاربة التمدد الإيراني-الشيعي.
– إنهاء (الانقلاب) وإعادة (شرعية-هادي) للحكم .
– إخراج الرئيس صالح من اليمن.
– تحجيم قدرات أنصار الله وحصرهم في محافظة صعدة.
– تسليم سلاح أنصار الله والجيش (الموالي) للرئيس السابق” علي عبد الله صالح ” للحكومة (الشرعية).
يتضح من المدة الزمنية أن العدوان أراد أن يحسم المسألة عسكرياً أو الاستسلام غير المشروط للقوى الوطنية اليمنية، واليوم نرى أنه وبعد عام وأسبوعين من بداية العدوان على اليمن، صموداً أسطوري للشعب اليمني وقواه الوطنية، الأمر الذي جعل العدوان الصهيو-سعودي، يفكر في إيجاد/ افتعال انشقاقات وفتنة داخل الجبهة اليمنية الوطنية المواجهة له، عبر وسائله الإعلامية والمندسين التابعين له في كلا الطرفين الرئيسيين المواجهين له، فكانت النتيجة أن تفككت جبهته، أي جبهة العدوان ومرتزقته، وقد أتضح ذلك من خلال ظهور الصراع السعودي-الإماراتي إلى العلن من خلال عدة مؤشرات:
– السعودية ناقضت قراراتها، من خلال إلغاء تصنيفها للإخوان كحركة إرهابية. ما وضعها في حرج أمام حليفتيها الإمارات ومصر.
– اتهامات للسعودية بإرسال الإحداثيات للجيش واللجان الشعبية، عن أماكن تواجد القوات الإماراتية في عدة عمليات كان أهمها عملية “صافر” التي أودت بحياة أكثر من 60 قتيل مابين جندي وضابط إماراتي.
– اتهامات للسعودية بإسقاط الطائرة الإماراتية في عدن الشهر الماضي، عن طريق تسليم السعودية لداعش صواريخ متخصصة في إسقاط الطائرات.
– وقبل أيام تفجر الصراع العلني بين الأطراف المتناقضة المشكلة لحكومة فنادق الرياض المتعددة الولاءات، وأقصد هنا الصراع بين المحسوبين على الرياض وقطر وعلى رأسهم “هادي”، من جهة، وبين المحسوبين على دولة الإمارات وعلى رأسهم “بحاح”، من جهة أخرى. أين قام الرئيس اللاجئ “هادي” بإقالة نائبه ورئيس وزرائه “خالد بحاح”، وعين عوضاً عنه الاخواني “علي محسن” في منصب النائب والمفصول من المؤتمر بسبب الخيانة العظمى” أحمد عبيد بن دغر” رئيساً لوزراء حكومة الرياض.
– بحاح رفض قرار الاستقالة وسانده في ذلك العديد من قوى الخيانة والعمالة، نكاية في السعودية.
– صراع بين الموالين للسعودية وقطر من جهة وبين الموالين للإمارات من جهة أخرى في عدة جبهات أهمها جبهة عدن ومأرب والجوف وتعز.
– السعودية تعترف بقوة أنصار الله “الحوثيين” وتفاوضهم في الرياض بعد إيعاز السلطات السعودية لبعض القبائل في جنوب المملكة بالوساطة بينها وبين الحوثيين، لإجراء هذه المفاوضات المباشرة بين الطرفين، التي تمهد لإيقاف الحرب على الحدود وفي (الداخل اليمني)، وهذا دليل على كسر شوكة السعودية في اليمن، وإدراك القيادة السعودية أن قضية الحسم العسكري الذي كانت تتوهمه يعتبر أمراً مستحيلاً. وفي هذا العمل تخلي عن (حلفائها)/ المرتزقة.
– السعودية عبرت عن حنقها تجاه عبيدها المرتزقة، بقصفهم وقصف أسرهم في مرات عديدة، بسبب أخفاق المرتزقة في تحقيق أي نصر يذكر على الأرض أمام الجيش اليمني واللجان الشعبية المساندة له، وقد أكدت أكثر من جهة، سياسية وإعلامية، داخل العدوان أن المرتزقة يبتزون التحالف بأخذ الأموال والسلاح دون تحقيق أي نتيجة تذكر في ميدان المعركة.
ج: الهزيمة السعودية:-
خسائر مالية ضخمة، بسبب العدوان على اليمن، وعزلة إقليمية ودولية بدأ يعاني منها النظام السعودي، الذي أصبح مكشوف ومكروه لدى الرأي العام العربي-الإسلامي، وذلك بسبب متاجرته بالدين الإسلامي الحنيف والعمل على تشويهه خدمتاً للصهيونية العالمية، هذا النظام بدأ يُنتقد ويهاجم من قبل الدول الغربية ومنها الولايات المتحدة الأمريكية، بسب تمويله ونشره للتطرف والإرهاب على أراضيها. نظام، بدأت المنظمات العالمية المهتمة بقضايا حقوق الإنسان بالتلويح بملاحقته وتقديمه للعدالة الدولية بسبب ارتكابه مجازر الإبادة الجماعية في اليمن. وهناك مؤشرات عديدة على هزيمة السعودية وإخفاق عدوانها على اليمن، منها:
– الزعيم والسيد لا يزالان في اليمن محميان ومحروسان بالله ثم بالشعب اليمني.
– القدرات الصاروخية والعسكرية اليمنية، مازالت بقوتها، بالرغم من أن “العسيري” الناطق الرسمي باسم تحالف العدوان، قد أكد في أكثر من تصريح مُنذُ بداية العدوان أنه تم تدمير ما نسبته 90 في المائة من القوة العسكرية اليمنية.
– المفاوضات السياسية من جنيف1 إلى الكويت دليل على عدم قدرة تحالف العدوان على حسم المعركة عسكرياً.
– بني سعود بمجرد تفاوضهم المباشر مع حركة أنصار الله، يعتبر انتكاسة وانكسار وعجز لدى المملكة في مواصلة العدوان.
– هادي وأفراد حكومته الذين يتوزع ولائهم بين السعودية والإمارات وقطر، لا يزالون في فنادق الرياض. ولم يستطيعون حتى تأمين قصر “المعاشيق” في عدن، رغم تأكيدهم على تحرير 80 في المائة من الأراضي اليمنية.
– الطوفان البشري الهائل الذي حصل يوم 26/3/2106 في ميداني السبعين والستين بمناسبة مرور عام على العدوان، دليل على تماسك الشعب اليمني وعدم رضوخه للعدوان، ورسالة لكافة القوى الدولية، أن لا شرعية للفار هادي وأن مسألة اقتحام صنعاء تعتبر من سابع المستحيلات.
د: حقيقة:-
وأقول في هذا المقام، أن انتصار القوى الوطنية اليمنية على العدو السعودي وشركائه في العدوان، راجع أولاً لفضل الله عز وجل، ثم لصمود الشعب اليمني العظيم بكل أطيافه وشرائحه