رئيس الإنقلابَين..تداعيات الإنقلاب على الإنقلاب
شهارة نت – متابعات :
على وقع المتغيرات السياسية والميدانية، “جاء قرار الإنقلاب لرئيس الإنقلاب عبد ربه منصور هادي”، كما وصفه البعض، ليرسم حالة من الضبابية حول مستقبل العدوان الذي فشل سياسيّا كما هو الحال في الميدان.
هنا أقصد الفشل بأعلى مراتبه حيث لم أجد تعبيراً يوصّف واقع السعودية وأعوانها في اليمن أبلغ من الفشل، فأن تحارب السعودية بعد عام ونيّف من العدوان داخل أراضيها وينجح الجيش اليمني واللجان الشعبية في السيطرة على عدّة مواقع عسكرية سعودية كان آخرها في مدينة الربوعة، فهذا يعني أن الرياض باتت في عنق الزجاجة قبل أيام من وقف إطلاق النار، فهل سنشهد تكراراً لسيناريو عام 2006 حيث فاوضت الرياض صعدّة لمدّة ستّة أشهر حتى وافقت الأخيرة على الخروج من مواقع الأولى بسبب الحرب التي شنّنتها عليها؟
ما يعزّز الغرق السعودي في المستنقع اليمني هو فشلها في تحقيق أي إنتصار ميداني قبيل وقف إطلاق النار الشامل في العاشر من الشهر الحالي وفق ما أعلنت بالأمس ممثلة الشؤون الخارجية في الاتحاد الأوروبي، “فيديريكا موغيريني”، في مؤتمر صحافي مشترك مع مبعوث الأمم المتحدة إلى اليمن “اسماعيل ولد الشيخ” حيث دعا الجانبان الأطراف اليمنية إلى الإلتزام في الحوار وفتح صفحة جديدة.
الغرق الميداني السعودي، تزامن مع غرق سياسي آخر إثر قرار الإنقلاب السعودي على الإمارات الذي أصدره الرئيس المستقيل “عبد ربه منصور هادي” ضد رئيس حكومته ونائبه “خالد بحاح” عبر تعيين “أحمد عبيد بن دغر” واللواء “علي محسن الأحمر” خلفا له.
لم يلتحف “بحاح” الصمت ويتحاشى الصدام، بل وصف القرارات الأخيرة للرئيس اليمني المستقيل “عبد ربه منصور هادي” بالإنتحارية جاءت بدوافع شخصية أنانية، معتبراً أن الرجل فقد الأهلية السياسية والعقلية لاتخاذ قرارات مصيرية من هذا النوع. رئيس الحكومة المُقال والذي سمع بخبر إقالته من وسائل الإعلام، وفق مصادر مقرّبة من الرجل نقلتها صحيفة “رأي اليوم”، إعتبر ” قرارات الرئيس(المستقيل) تخليا صريحا عن كل المرجعيات الحاكمة للفترة الانتقالية وأحكام الدستور التي لا تقبل الاجتهاد أو التأويل، إذ لا يوجد أي نص دستوري يقضي بتعيين رئيس للحكومة مع بقاء الحكومة وأعضائها لممارسة مهامهم”.
لا نعلم تداعيات هذا القرار، فهل سيعتزل “بحّاح” في صومعته أو بيته أم انه سيواجه؟ هل سيتم تشكيل حكومتين الأولى للإمارات مقرّها عدن، والأخيرة للسعودية مقرّها الرياض؟ هل سنشهد تكراراً للسيناريو الليبي عبر عدّة حكومات متناحرة فيما بينها تشاركها التنظيمات الإرهابية السيطرة، كما هو الحال في حضرموت وعدن؟ هل ستجمّد السعودية أرصدة “بحاح” السياسية والإقتصادية ام انها ستضحّي بهادي كـ”كبش فداء” بسبب إحتراق أوراقه في الداخل والخارج؟ كيف ستردّ الإمارات على إقالة “بحاح” المحسوب عليها والذي لم يصمد سنّة في المنصب الحكومي بإعتبار أن ذكرى تعيينه الأولى بعد أيام وتحديداً في 12 أبريل/نيسان الجاري.
إن هذه الصراعات السياسية ستلقي بظلالها على مفاوضات الكويت المرتقبة في 18 أبريل نسيسان المقبل حيث سيتم إجراء تشكيلة جديدة للوفد تمثّل “هادي” حصراً، لكن التطورات التي حصلت مؤخراً على الساحة السياسية عبر ولي ولي العهد ووزير الدفاع السعودي الأمير “محمد بن سلمان” و وزير الخارجية “عادل الجبير” وجود وفد من حركة أنصار الله في الرياض الأمر الذي نفاه القيادي البارز و عضو المجلس السياسي للحركة “محمد البخيتي”، مشدداً على أن مفاوضات جرت على الحدود مع السعودية، إلا أنه لا مشكلة لدى الحركة في الذهاب إلى الرياض، أو أي عاصمة من أجل الحل السياسي.
الحل السياسي، والذي إعتبره زعيم حركة أنصار الله السيد “عبد الملك الحوثي” مخرجاً وحيداً للأزمة منذ اليوم الأول للعدوان، جاء على لسان الأمير السعودي “محمد بن سلمان” بعد سنة ونيّف من العدوان الذي إتخذ قراره بنفسه مؤكداً حينها أن “لا حل سوى بالقضاء على الحوثيين”، مضيفاً: “لدينا اتصالات جيدة مع الحوثيين عبر عملية تفاوضية واسعة تجرى بشأن اليمن والحرب باتت قريبة من نهايتها”، وهو الأمر ذاته الذي أعلنه وزير الخارجية عادل الجبير قائلاً: “إن الهدف هو إیجاد مخرج للأزمة السیاسیة فی الیمن.. حققنا تقدماً إیجابیاً فی المفاوضات الجاریة، ونتطلع إلى مزید من التقدم قبل مفاوضات الکویت، حتى نصل إلى حل سلمی یساعد على تطبیق قرار مجلس الأمن بشان الیمن”.
لا ريب في أن إنتصارات الميدان هي التي فرضت، منذ اليوم الأول، على الغزاة اللجوء إلى الحل السياسي للإنسحاب من المستنقع اليمني بأقل الخسائر. اليوم، باتت مرحلة ما بعد العدوان، مرحلة بناء اليمن الحرّ المستقل بسواعد أبناءه الذين قدّموا الغالي والنفيس دفاعاً عن وطنهم، هنيئاً لليمنيين جميعاً هذا النصر المبين، الرحمة للشهداء الشفاء الجرحى المجد والخلود لشعب الإيمان والحكمة.
المصدر: الوقت