تصبحون على وطن !!
( 1 )
المعاناة تخلق الإبداع ..!!!?
أعتقد , بل أني على يقين , حدوث التحريف والتزوير لهذه المقولة التي أصبحت ممارسة يومية من البعض ضد الآخر !!
المعاناة هي القهر والعجز .. ولا يمكن للمقهور أن يبدع غير الحقد والكراهية !!
كيف سيخلق الإبداع من رحم المعاناة والشقاء والألم ?
فالجائع مثلا” لا يمكنه إلا أن يزداد جوعا” ثم جوعا” حتى يموت .. والخوف لا يخلق الأمان ,وكذلك الضياع والتشرد .
فلا يمكن لفاقد الشيء أن يعطيه , وإلا لكان بمقدور اثنين وعشرين مليون مخلوق خلق إبداع واحد ولتكن الحياة الكريمة !
( 2 )
الحاجة والحرمان هما أشد حالات البؤس والتعاسة .. والمحتاج يصبح من السهل عليه عمل أي شيء .
لم تعد أحلامنا كبيرة كتلك التي رسمناها ونحن صغار .. وأفلاطون ومدينته تركناها جانبا” وقبل أن يكتمل البناء , وبمجرد انتهائنا من قراءة قصته المحزنة .
أحلامنا أضحت بسيطة كالوطن و الإنسان .. فبعد أن حلت جميع مشاكلنا تقريبا” !! .. وانحصرت مساحة معاناتنا .. بحيث أصبحنا نعاني أشد ما نعانيه حاجتنا إلى رغيف خبز .. مجرد رغيف لا يساويه سوى قليل من الأمان .. هذا الذي جاء في المرتبة الأولى قبل الإيمان بأي شيء أخر !!
صدقوني الوطن والخبز وجهان لعملة واحدة .. وعندما يفقد أحدهما يصبح الآخر من دون قيمة .
الوطن ليس ترابا?ٍ وجبالا?ٍ وذئابا?ٍ وقروضا?ٍ .. الوطن رغيف خبز وأمن وأمان ونسمة حرية صافية , ومواطنة متساوية .. وحين لا نأمن على لقمة العيش الخالي من الذل والهوان .. يصبح التنازل عن “الشكليات” أمرا?ٍ سهلا?ٍ ف”الوطن هو المكان الذي نشعر فيه بالعزة والكرامة , والأوطان التي لا تقدم لمواطنيها الاحترام ليست أوطانا?ٍ “.
لذلك تعوزنا محرقة كبرى بحجم هذا الوطن .. نحرق فيها ماضيا?ٍ بائسا?ٍ وحاضرا?ٍ مثخنا?ٍ بالذل والهوان, وقبورا?ٍ مبجلة , وسياسيين دراويش أوغاد وانتهازيين , وأحزابا” مفرخة ممسوخة , ومنظمات مخترقة , وذئاب سلطة “شطاااار” سماسرة وقطاع طرق .. نحرق فيها آلافا” من “البغايا اللاتي يحاضرن في الفضيلة , والخونة في الوطنية , واللصوص في الشرف وطهارة اليد , وأنصاف الرجال في الرجولة” .. محرقة بحجم هذا الوطن الذي جردنا فيه من كل شيء .
( 3 )
آه يا وطني .. ننام على خوف ونمضغ أمنك في الأحلام .. و”نأكل الجوع ونستسقي الظمأ ” .. وننادي يحفظ الله الرئيس ..
ولا زلنا نحتكم بصندوق عند الرحيل وصندوقان للقاء!!
آه يا وطن , تحتل فيه الدموع المآقي .. وتهجر البسمة الشفاه .. وتسكن الروح بالفجيعة !
ماذا أقول وكل من أراد فيك الحياة بكرامته وشرفه ترجمه العيون بسهام الشك والتشكيك والريبة .. وتتحول الألسن إلى سياط تلسع الوجدان والجسد حتى تدمي القلب ..
( 4 )
حتى الأصدقاء – الأصدقاء الطيبون – أكثرهم “إذا حاربوا أذلوا عزيزا” .. وإذا سالموا أعزوا ذليلا” ” .. ولم أجدهم إلا كما قال صديقي “اللدود” مسلم سالم آل يسلم :” سهمك الذي يرتد إلى صدرك ,وسيفك الذي سقط من يدك وتلقفته يد أخرى عليك .. والأصدقاء الذين استمتعوا بالجاهلية وأدركوا الإسلام , فركبوا على فرسين , أكلوا باليدين , أحبوا مرتين , وكرهوا مرتين , وقتلوا مرتين , واقتتلوا مرتين , وبعثوا طورين , وسيعتقلونك مرتين”!!
أما أنا يا أصدقائي فسأردد مع محمود درويش :”كونوا نشيد الذي لا نشيد له , عندما تذهبون إلى النوم هذا المساء , أقول لكم : تصبحون على وطن , حملوه على فرس راكضة , وأهمس يا أصدقائي لن تصبحوا مثلنا .. حبل مشنقة غامضة”?!
أقول قولي هذا ولا أستغفر إلا الله وحده .. فقد رأيت – كغيري – عجبا” وشهدت رجبا” .. تفحصت الميدان ,وتأملت جبانا” يكر , وشجاعا” يفر .. لكنني لم أر ذا المروءة يبكي منتفضا” !! .. لأنه وبكل بساطة مؤلمة قتل في الميدان بين الكر والفر .. ومن بقي يتم ملاحقته ومحاكمته بتهمة إشهار عشقه للوطن و مقاومته لصناع الذل وفضحه لواحد من زمرة “الشطار”!!
• إشارة الختام للشاعر العربي محمد لافي :
لشوارع ترحل خلف الرغيف ..
وتغرق في صافرات الشرط
سأقول فقط :
متعب من قراءة كفي ..
وسطر طويل من الرفض دون نقط
متعب ..
متعب من زماني الغلط !!
————————————————
*الرئيس التنفيذي لمركز التأهيل وحماية الحريات الصحافية CTPJF
– رئيس تحرير صحيفة “السلطة الرابعة”