آل سعود يصرخون ’أوقفوا صواريخ التوتشكا’
بقلم / شارل أبي نادر – عميد متقاعد
عندما يصبح وقف اطلاق صواريخ التوتشكا من اهم مطالب السعودية التي ينقلها مبعوث الامم المتحدة حول الازمة اليمنية ولد الشيخ احمد الى الجيش اليمني وانصار الله ، تستطيع ان تستنتج القيمة العسكرية والميدانية الكبيرة لهذا الصاروخ في مواجهة العدوان على اليمن ، وما هو حجم الخسائر والاصابات التي يحققها هذا الصاروخ الباليستي في وحدات التحالف الذي تقوده المملكة في العدوان على اليمن .
لم تكن اساسا المطالب والشروط التي وضعتها المملكة قبل ان تشن العدوان على اليمن، او خلال مراحله التي تقطعت ببضع محاولات خجولة لايجاد تسوية سلمية لم تكتمل اي منها، اقل غرابة ووقاحة من هذا المطلب الذي تشدد عليه في حربها هذه ، فهي تبدو كمن يستجدي عدوه في المعركة طالبا منه بان لا يكون قاسيا معه وبان يعامله باللطف وان يبتعد عن استعمال اسلحة استراتيجية فعالة تؤذيه او توقع لديه خسائر ، وفي الوقت نفسه تتابع همجيتها وجنونها في قصف الاماكن المدنية والبنى التحتية ولا تهتم لقتلها الاطفال والنساء في اغلب محافظات ونواحي اليمن وخاصة في شماله ووسطه .
سابقا ، ظهرت وبشدة غرابة مطلب السماح بـ “عودة الشرعية ” الى اليمن وخاصة الى جنوبه بعد ان غزت وحدات التحالف المدن والنواحي الجنوبية ومهدت الطريق لهذه العودة ولقائدها الرئيس الفار عبد ربه منصور هادي ، عندما وصل الامر بقائد هذه الشرعية التي “خرَّبوا الدنيا” من اجلها الى المغادرة سريعا مع حكومته الى فنادق الرياض بعد ان فشل في تأمين الحد الادنى من الحماية الشخصية على الاقل له ولفريق عمله في عدن ، وايضا ظهرت الغرابة في مطلب انسحاب الجيش واللجان الشعبية من المدن والنواحي وتسليم اسلحتهم ، ولكن الى اين قصدوا ان تكون وجهتهم وهل كان المقصود تركهم لليمن والهجرة خارجه ، وهل كان المقصود ايضا ان يسلموا اسلحتهم لميليشيات الاصلاح او لعناصر داعش او لعناصر القاعدة وترك الميدان لهؤلاء يستبيحون المدن والقرى، فيكونوا في ذلك وكأنهم يستسلمون .
بالمبدأ ، لم يعمد الجيش اليمني واللجان الشعبية وانصار الله الى اطلاق هذه الصواريخ، على الرغم من ان ذلك يمثل حقا مشروعا وطبيعيا لهم في الدفاع عن ارضهم وعرضهم وشعبهم، الا بعد ان حذروا غير مرة باللجوء الى الخيارات الاستراتيجية والتي يدخل استعمال اسلحة باليستية من ضمنها ، كما انهم كانوا يتركون مجالا واسعا ، وبعد كل اطلاق لاحد هذه الصواريخ ، لوحدات التحالف كي تعيد النظر في عدوانها علّها تقتنع بوقف الدمار والقتل والذهاب الى المفاوضات، محاولة ايجاد تسوية سلمية لهذا النزاع القاتل والمكلف، ولكن دون جدوى، لا بل كانت تقابل هذه الدعوات بمزيد من التعنت والوحشية ومن تصعيد وتكثيف القصف والتدمير في كافة انحاء اليمن .
من ناحية اخرى ، بعد الصاروخ الاول الذي اطلق على معسكر للتحالف في منطقة صافر قرب مأرب، والصاروخ الثاني الذي اطلق على قاعدة اخرى لهذا التحالف في باب المندب، وحيث نتج عن الاثنين خسائر فادحة في العديد والاليات والاسلحة والطائرات ، جاء اطلاق الصاروخ الاخير على معسكر تداويل شرق مأرب ايضا ليشكل صدمة لوحدات التحالف من ناحية دقة المعلومات الاستخبارية في تحديد المكان حيث كانت هذه الوحدات تعتبر ان تمركزها يتمتع بسرية تامة اذ عملت كثيرا على ذلك لتلافي ما عادت ووقعت به ، وشكل صدمة ايضا من ناحية دقة الاصابة حيث حدث انفجار الصاروخ في نقطة وسطية داخل المعسكر ليسبب اكبر قدر من الدمار في منصات الصواريخ وفي منظومة باتريوت الاعتراضية وفي مخازن الاسلحة وفي طائرات الاباتشي والطائرات بدون طيار .
هكذا ، وفي ظل هذا التخبط السعودي في حربها على اليمن، حيث عجز التحالف الذي تقوده المملكة في احداث اي خرق باتجاه صنعاء عبر مأرب ومحاورها المتعددة، او عبر الجوف ومفرقها باتجاه الغرب ، او عبر تعز ومديرياتها المتعددة من اتجاه الجنوب او من اتجاه الجنوب الغربي ، وفي ظل هذه الخسائر التي تتعرض لها الوحدات السعودية على كامل المواقع الحدودية المشتركة مع اليمن ، وايضا في ظل هذا التطور في منظومة الصواريخ اليمنية والتي يتبين يوما بعد يوم انها اصبحت تشكل عاملا حاسما ومرجحا في تثبيت صمود الجيش اليمني واللجان الشعبية وانصار الله ، لم يبق للتحالف بقيادة المملكة الا الاعتراف بفشل حربه على اليمن ، والاقتناع بضرورة البحث عن حل سلمي يعيد الامور الى نصابها لناحية ايجاد تسوية سلمية تحفظ حق الجميع وتوقف هذا الدمار والقتل العبثي .