صراع البقاء اليوم في العراق ? من اجل من?!
لا يختلف احد اليوم من العراقيين او غيرهم ان العراق يمر بمرحلة إستثنائية وشاذة منذ الاحتلال في عام 2003 وحتى يومنا هذا ? فحالة الفوضى العارمة تعصف في كل جانب ومفصل من مفاصل الحياة العامة على كافة الصعد والمستويات سواء السياسية ? الاقتصادية ? الثقافية ? الحضارية ? المجتمعية ? ولا شك في أن هذه الحالة المزرية أنتجتها حالة الاحتلال وما لحقها من حالات فاشلة في عملية سياسية ناقصة فصلت على مقاسات دينية وطائفية وعرقية مرفوضة من قبل الشعب العراقي ? وعلى مدى أكثر من ثمان سنوات من تلك الحالة المزرية التي يمر بها العراق وشعبه لم توفق مكونات العملية السياسية من قوى وأحزاب وحركات وشخصيات في إنجاح أو إصلاح أو تغيير اي جانب مشوه او مفصل معطل من مفاصل او جوانب الحياة العراقية ? ولم يعتاد العراقيون منهم سوى المصائب والكوارث وكل يوما يمر علينا في العراق تزداد الأمور سوءا تارة أمنية وأخرى اقتصادية وثم خدماتية وهكذا ? وكل هذا بلا شك يعود للأسس الخاطئة التي جاءت بها العملية السياسية بالمحاصصة الطائفية والمذهبية والعرقية وحاولت تجذيرها وترسيخها في عقول العراقيين وتسخيرهم أداة لها لبقاء واستمرار من جاء بها في موقعه وموضعه الحالي ? و رخاوة البنية السياسية اليوم في العراق نتيجة ظروف وعوامل قلصت من احتمالية استمرارها بالشكل الذي هي عليه اليوم وبشخوصها ورموزها المعروفين.
ففي العراق اليوم لا نجد أكثر من الأحزاب والحركات السياسية ومقراتها وأعلامها في بغداد وعموم العراق ? عموما ان هذه الحالة من حيث المبدأ تعتبر إيجابية في اي مجتمع و حراك صحي لطبيعة الحياة في المجتمعات عامة ? إلا إن الحالة العراقية كما ذكرنا في بداية المقال انها حالة استثنائية فوضويه لا وجه للمقارنة أو التشابه بينها وبين الحالات الأخرى في دول العالم ? لذا فأن وجود هذا الكم الهائل والمبالغ فيه من الأحزاب والحركات الصغيرة شكل صدمة لمجتمع لم يعتاد على التعددية الحزبية في خارطته السياسية كما هي اليوم ?والمثير للدهشة في هذا الأمر ان اغلب هذه الأحزاب والحركات تعتبر مشبوهة بمصادر تمويلها الضخمه فنجد ان حركة او حزب ظهر فجأة وأعلن عن نفسه وله جريدة ناطقة باسمه او قناة فضائية ومواقع الكترونية وإذاعات مسموعة? فهذا الأمر يترك الكثير من علامات الاستفهام اتجاه حزب او حركة سياسية جديدة التأسيس والنشأة ?! ? على الرغم من ذلك فأن كثرة الأحزاب والحركات والتجمعات اليوم في العراق بهذا الكم الهائل لانجد تسميه لها سوى انها إحدى صور وملامح الحالة الفوضوية التي يعيشها العراق وسرعان ما تذوب وتتلاشى حينما تنفرج وتنزاح تلك الحالة عن العراق والعراقيين ? وهذا الأمر لن يتحقق إلا بإرادة شعبية مطلقة من كل العراقيين شمالا?ٍ وجنوبا?ِ شرقا?ٍ وغربا?ِ بكافة طوائفهم وقومياتهم وأديانهم يتحدون خلف مشروعا وطنيا حقيقي .
كما ان الظاهرة التي لا بد من الإشارة اليها في هذا الصدد هي ظاهرة تعددية الولاءات والانتماءات الحزبية والفئوية ? فنجد أن مبدأ المحاصصة الذي نعيشه في العراق قد تفشى ليصل إلى الوزارات والدوائر الحكومية وغير الحكومية و سلب روح المواطنة من السلوك الطبيعي للمسئولين الذين تناط بهم مهمة تلك الوزارات والدوائر وغيرها ? فتعد ظاهرة البطالة التي يعيشها اغلب الشباب العراقيين نتاج تلك الحالة المحبطة ? فلا يوظف اي مواطن في اي دائرة او وزارة إلا إذا كان منتمي او لديه تزكية من قبل حزب الوزير ! ? لذا فعندما يقول البعض ان هدر الكفاءات ونزوحها خارج العراق ظاهرة تنخر بالهيكل العام للدولة والمجتمع ? فهذا صحيح ? وإلا فلما لا تستثمر تلك الطاقات الكفاءة في بناء الدولة ومؤسساتها العلمية والثقافية والصحية والاقتصادية ?! ? و كل الذين يقيمون في المهجر من العراقيين يعرفون قيمة تلك الكفاءات العراقية المهدورة فلا نجد اليوم في الدول العربية والأوربية أكثر من أصحاب الكفاءات في جامعاتهم وكلياتهم ومستشفياتهم والخ…
وهنا لا نقول ان على هذه الكفاءات العراقية العودة اليوم إلى العراق ? لان في هذا خطر على حياتهم في ضل حملة شرسه مركزة وموجه ضد الأكاديميين من أطباء ومدرسين وأساتذة جامعيين وغيرهم من الطاقات العراقية الكفاءة المشهود لها بالعطاء ? ولكننا نقول ان الصراع القائم منذ أكثر من ثمان سنوات في داخل القوى السياسية الكبيرة على كسب وتحصيل الامتيازات السلطوية للحزب والكتلة كانت السبب ولا تزال السبب في هدر الطاقات الكفاءة وتبديد فرص التنمية والبناء نتيجة المحاصصة التي تنتهجها تلك القوى والأحزاب في توزيع المناصب والمواقع في بنى الدولة العراقية ومؤسساتها الخدمية والعلمية والاقتصادية ? ولاشك بأن هذه القوى والأحزاب هي التي تتحمل امام شعبها كل ما وصل إليه العراق منذ الاحتلال وحتى يومنا هذا من دمار وخراب طال كافة البنى التحتية للبلد و الجوانب الخدمية والعلمية والاقتصادية للمواطن العراقي ? ولابد علينا في هذا الصدد ان نوجه سؤالنا الى قادة ورموز تلك ا