*الشيخ حميد والخطب العصماء..!*
في مقابلته الأخيرة مع قناة سهيل تطرق الشيخ حميد الأحمر إلى أمور كثيرة عبر
عنها من وجهة نظره الخاصة للأمور ومن وجهة نظر المعارضة إليها عموما هاتان
الوجهتان اللتان قد تتفقان أحيانا?ٍ وتختلفان أحيانا?ٍ أخرى? ولم ينسى الأحمر
ومحاوره التعريج على نقاط معينة كان قد طرحها في مقابلة له مع قناة الجزيرة قبل
أكثر من سنة حيث أراد تصحيح فهم البعض لتلك النقاط حسب ما ذكر والتي يظن أنهم
لم يفهموها كما يعني هو مع أن الصورة كانت واضحة.
أنا على ثقة تامة أن الشيخ حميد سيظل في حاجة ماسة إلى مقابلة ثالثة ورابعة
وخامسة وأكثر? لإيضاح العديد من الأمور التي يظن أن الناس لم تفهمها كما أراد
مع أنها مفهومة? ليس فقط فيما يتعلق بمقابلتيه سواء مع الجزيرة أو مقابلته
الأخيرة مع قناة سهيل بل بأمور كثيرة ليس أولها تهديده للعميد/ علي الشاطر ولا
أخرها خلافه مع الأستاذة/ توكل كرمان? أو الأستاذ/ عبد الباري طاهر? وهذه مجرد
أمثله ? لن نعرج على محاولة استفراده بالرأي? ولا استخدامه لأمواله من أجل فرض
وجهة نظره على الآخرين ولا غيرها .
سوء الفهم الذي يحتاج دائما?ٍ إلى إيضاح في خطاب نخب المعارضة اليمنية يعكس أول
ما يعكس غياب الإستراتيجيات المدروسة للمعارضة وإنما نشاهده من مواقف هي عبارة
عن مواقف يغلب عليه الطابع الشخصي النزق والغير مرتب أو منظم .
يجب أن تفهم المعارضة والسلطة كذلك أن بين الخطاب الإعلامي وما يحكيه من أمنيات
وطموحات وبين تطبيق تلك الأمنيات والطموحات على أرض الواقع خنادق ومسافات سير
شاسعة في أرض وعرة ومملوءة بالكثير من العقبات والصعوبات والتضاريس الشاقة
والأشواك التي تحتاج إلى دراسات تستند في أول ما تستند إلى العلم والمعرفة وإلى
استقراء دقيق وفاحص للبيئة المحيطة من أرض وإنسان بما فيهما من عوامل مساعدة
وعوامل أخرى مثبطة .
أخشى ما أخشاه أن النخب السياسية لم يعد في جعبتها إلا الخطب العصماء والمعلقات
الأثرية والقصائد التي كان ينشدها الشعراء في سوق عكاظ وغيره والحكايات التي
يقصها القصاصون ورواة التاريخ? يطرحونها من على المنابر الإعلامية ولايهمهم شيء
بعد ذلك? كون بعض هذه النخب لم تستطع حتى اللحظة تطويع سلوكها الشخصي مع
متطلبات النظام والقانون فكيف تدعي أنها تريد نظام وقانون لبلد بأكمله مع أن
فاقد الشيء لا يعطيه .
لو كان خطاب هذه النخب يهمها وتهمها اليمن فعلا?ٍ وتريد هي أولا?ٍ أن يثمر هذا
الخطاب على أرض الواقع لكان خطابها موزون وهادئ ويتماشى مع متطلبات ومقتضيات
الواقع? لكن كون المقصود هو الخطاب لذاته لرغبة في الظهور به? لا يهم هذه النخب
أن يتطابق خطابها مع مقتضيات الواقع أم لا? ولايهمها التشنجات اللفظية أو
الحركية التي تصدر عنها مع أن المفترض أن تكون بعيدة عنها كل البعد بما في ذلك
البقاء في حدود الخطاب اللائق والمتعارف عليه فذلك أسلوب من أراد الإصلاح في كل
زمان ومكان? ولكن المهم عند هذه النخب أن تخطب وتظهر إعلاميا?ٍ ويرها الداخل
والخارج فذلك غاية المطلوب ولايهم ما يحدث بعد ذلك .
حتى الخطابة مع أنها مسألة نظرية بعيدة كل البعد عن الواقع ومشاقه ومتطلباته
وتناقضاته لم تتقنها بعض النخب السياسية في اليمن ولذلك فهي دائما?ٍ في حاجة إلى
تفسير أقوالها ومواقفها وتوضيحها والتي قد تقوم بها في لحظة لايجد لها
المشاهدون أو القراء أو المستمعون تفسيرا?ٍ وحتى تلك النخب نفسها بعد أن تنتهي
تلك اللحظات العابرة قد لاتجد تفسيرا?ٍ لما صدر عنها وهذا يوضح الارتجالية في
الخطاب ويعكس عدم استقراء الواقع وفحصه وتمحيصه .
في نهاية هذا المقال أراني ملزم بتقديم نصيحة للنخب السياسية في اليمن حاكمة
ومعارضة والنصيحة هي: أكثروا من الأفعال الصحيحة والمتماشية مع الدستور
والقانون والنظام وأبدوا بأنفسكم فإن أفعالكم الصحيحة سوف تعظ المواطنين أبلغ
من أقوالكم آلاف المرات? وأقلوا من الأقوال فإن الناس يعرفون المشكلة وربما
يستطيعون التعبير عنها أفضل منكم? المهم الحلول الفعلية وليس التسابق في خطاب
إعلامي خالي من مضامينه ومجرد عن أساسه وبعيد عن الواقع مستحيل تحقيقه ?
ولنتذكر قول الله للمؤمنين ( يا أيها اللذين أمنوا لما تقولون ما لاتفعلون كبر
مقتا?ٍ عند الله أن تقولوا مالا تفعلون ) صدق الله العظيم .