حسناء اليمن
• قضية مأساوية بل كارثية بل ومصير مجهول , كل ذلك هو ما تواجهه الأخت حسناء علي يحيي حسين اليمنية أصيلة محافظة عمران هي وبناتها والتي تنتظر صدور حكم الإعدام بحقها وهي تقبع في احد سجون العراق الشقيق ومعها بناتها واللواتي لا ذنب لهن كأمهن سوى أننا كمجتمع يمني جنينا عليهن وعلى غيرهن من الفتيات البريئات من خلال تزويجهن برجال أجانب لا نعرف عنهم سوى أسمائهم فقط مع أن تلك الأسماء تظهر في الأخير على حقيقة الزيف التي تكتنف صاحبها وعلاقاته المريبة والمشبوهة بتنظيمات تسعى للقتل وتمتهن الترويع وتدعوا إلى فناء كل ما هو جميل . • اختنا حسناء هي إحدى أخواتنا العزيزات اللواتي قادهن القدر إلى الاقتران بأحد الإرهابيين الكبار , كانت ضحية زواج من رجل دخل إلى بلادنا باسم مستعار وجواز سفر مزور ,اتضحت فيما بعد هويته انه أبو أيوب المصري أو أبو حمزة المهاجر أو عبد المنعم البدوي سمه ما شئت من الأسماء فكلها أسماء حركية و متعددة لشخص واحد القصد منها التمويه والغش والخداع , عرف بعد مقتله في ابريل من العام الماضي 2010م, بأنه زعيم تنظيم القاعدة في العراق , أكدت حسناء إنها لم تعلم شيء عن نشاطه إلا بعد مقتل أبو مصعب الزرقاوي في 2006م وظلت تتنقل لخمس سنوات معه من مكان لآخر, وان افترضنا جدلا بأنها اكتشفت حقيقته قبل مقتله فحينها يكون قد وقع الفأس على الرأس , وتكون حينها مجبرة إما على اتباعه كرها تحت أنواع عديدة من التهديد آو إتباعه طواعية بعد أن يكون قد قام بعملية غسيل لدماغها وتصوير الحق باطلا والباطل حق . • قضية حسناء اليمن كانت محور اهتمام فخامة الأخ رئيس الجمهورية علي عبد الله صالح حيث بحث أمرها مع نظيره العراقي جلال طالباني على هامش قمة العرب الاقتصادية والتنموية والاجتماعية والتي عقدت يوم الأربعاء 19/1/2011م بشرم الشيخ المصرية , وقد جاء حرص فخامته لطرق موضوعها من جانب إنساني ملح لا سيما وان لها بنات وهي في أمس الحاجة إلى إنقاذها من براثين المصير المجهول التي يمكن أن تصل إليه , ولان القانون العراقي يتيح للرئيس حق عدم المصادقة على تنفيذ حكم الإعدام في حالة حدوثه , وهو ما وعد به الرئيس جلال الطالباني ونرجو من الله أن تتكل تلك المساعي بالنجاح . • المسألة الآن لا تتعلق بحسناء فهي ليست حكاية فردية فقط , الأمر اكبر من ذلك بكثير , والمتمثل بأن أولياء الأمور يقدمون على تزويج بناتهن بكل من يتقدم إليهن ممن هم ليسوا من أبناء البلد لاهثين خلف الأموال الكبيرة التي يقدمها العريس عادة , أو ينخدعون بمظاهر الورع والتقى والصلاح والتي تخفي خلفها في بعض الأحيان وجها مختلفا يكون نقيضا للواقع , بل هو أشبه بقناع يرتديه بعضهم قصد الإيقاع بالآخرين , وهنا ينبغي على أولياء الأمور أن لا يرموا ببناتهن إلى التهلكة وان كان الإغراء كبيرا فالندامة ستكون اكبر يوم لا ينفع ندم أبدا , وليس أكثر فظاعة من أن يجد إنسان قريبة له سجينة في احد سجون العراق خصوصا وأننا مازلنا نتذكر الصور المؤلمة التي كانت تأتينا من سجن أبو غريب . • الدولة بدورها يجب عليها أن توقع أقصى العقوبات بأولئك المكلفين بإتمام عقد القران بان لا يقدموا على تحرير أي وثيقة زواج إلا عبر الجهات الآمنة المختصة عندما يتعلق الأمر بزواج يمنيات بأجانب وان كانوا من دول الجوار , لان ذلك يؤدي إلى ما آل إليه حال اختنا حسناء وهي الآن لا تقضي عقوبة تخصها هي فقط بل تخص ولي الأمر الذي قام بتزويجها وكذلك من قام بكتابة عقد القران والمسئولين الذين لم يطبقوا بحق كل قانون يمنع أن تقع اليمنيات فريسة لمثل هؤلاء الذئاب . • القضية لا تتعلق فقط بمن يتزوجن بأجانب ويذهبون معهم إلى خارج اليمن بل أيضا بتلك اليمنيات اللواتي يتم تزويجهن بأجانب لليلة أو ليلتين وما إن يصبح الصباح حتى تكتشف الزوجة المقهورة على أمرها بأنها وقعت فريسة لعملية بيع دنيئة , كانت الفتاة ضحية جشع أسرتها وهلعهم نحو المال , قد تكون الظروف الاقتصادية الصعبة التي يعيشها بعض المواطنين هي من تدفع بعضهم إلى فعل ذلك , لكن هذا ليس مبررا إطلاقا إلى أن يبيع الإنسان فلذة كبده على من يعرف ومن لا يعرف , هنا يأتي دور الأئمة في التوعية بهذا الأمر ليعرف الناس أبعاده الخطيرة ليست على الفتاة أو الأسرة بل على مجتمعه بأسره .
باحث دكتوراه بالجزائر
mnadhary@yahoo.com