أم من غزة ..تتحول إلي طبيب لتنقذ ابنها
خلال دقائق تحولت الأم الثكلي والتي لم تنهي دراستها الثانوية إلي طبيبة تحاول بكلتا يديها التي أنهكها هم الزمان وألم ابنها أن ترجع أنفاس فلذة كبدها الذي توقف قلبه عن العمل فجأة.
من يقرا المقدمة يقول أن أي شخص يمكن أن يتصرف هكذا لكي ينقذ ابنه إذا إصابة أي مكروه ولكن الغير عادي أن يحدث هذا الموقف في أهم صرح طبي بقطاع غزة ألا وهو مستشفي الشفا.
لم تجد هذه الأم رغم صرخاتها المتكررة “أرجوكم أريد الطبيب ابني توقف عن التنفس أرجوكم أين الطبيب أريد الطبيب “لم يظهر أي دكتور لينظر في حالة ابنها الذي لم يتجاوز بعد 20 عام من عمره فهو مصاب بمرض مزمن ويرقد في قسم الباطنية في المستشفي منذ فترة وينتظر أن يحصل على تحويله ليكمل علاجه في إسرائيل .
لم يستجيب احد إلي صراخها وندائها وطلبها سوى بعض الممرضين المتدربين من خريجي معهد التمريض ولم يلبي النداء أي طبيب أو حتى ممرض متمرس وكأن الأرض انشقت وبلعتهم جميعا.
لم يستطيع المتدربين أن يفعلوا شيء سوى الانتشار في المستشفي بحثا عن طبيب حتى ينقذوا هذا الشاب ويخففوا ألام أمه.
حاولت الأم أن تنقذ أبنها فقامت بوضع يديها علي صدره وبدأت بالدفع محاولة إنعاش قلبه ومع انقطاع النفس وبدأ وجهه بالازرقاق وبرود جسده المنهك من المرض قامت بعمل تنفس أصناعي عن طريق الفم لتعيد النفس أليه .
حاولت بشتى الطرق إلي أن جميعها فشل في إرجاع الحياة إلي جسده ,ظهر أخيرا الطبيب المناوب بعد مرور أكثر من 30 دقيقة وبدا في محاولة إنعاش جسد الشاب بعد أن اخرج كل من كان داخل الغرفة.
لا احد يستطيع أن ينكر المجهود الذي تبذله كل الطواقم الطبية العاملة في مستشفي الشفاء في إنقاذ أرواح الناس والقيام بالكثير من العمليات التي تعتبر إنجازا لهم رغم قلة الإمكانيات والعديد من الدراسات في مجال الصحة والتي كانت نوعية في فلسطين.
حيث أن لهم جهود يشكرون عليها ولا نتناسى وقفت وزارة الصحة بطاقمها ووزيرها وبكل إمكانياتها في الحرب التي شنت علي قطاع غزة عام 2008? وهي وقفة تاريخية يشهد لها الجميع? وكانت عنصرا وعمودا أساسيا من أعمدة النصر.
إلا أن الصحة تتعرض بسبب استمرار الحصار وتعنت لمجتمع الدولي إلي عدم تطوير المستشفيات وتمكينها من أداء دورها علي أكمل وجه من الناحية الفنية ومنع سفر الاطباء لبعثات العلمية ? و الانشقاق الفلسطيني الذي زاد الأوضاع الصحية سوء وكذلك ونقص الأدوية في المخازن.
بالإضافة إلي تعرض الطواقم الطبية وسيارات الإسعاف إلي الاستهداف من قبل قوات الاحتلال كل هذه الأمور أدت إلي تراجع مستوى الخدمات وكذلك أيضا غياب المحاسبة القانونية للأطباء الذين يرتكبون الأخطاء والإهمال من قبل جهاز خاص لمحاسبتهم ومراقبتهم
كثيرا ما تصل لي رسائل من أشخاص تعرض احد أقاربهم لأخطاء طبية أدت إلي وفاتهم وللأسف الشديد هذا ما يحدث في اغلب مستشفيات القطاع ” الأخطاء تحدث في كثير من مستشفيات العالم ولكن لغزة خصوصية” ,أحيانا اعذرهم لارتفاع عدد السكان مقارنة بعدد المستشفيات والكادر الطبي العامل والظروف التي تمر بها المستشفيات والذي له اثر سلبي.
ولكن لا يجب أن نسكت عن هذا الخطأ تحت أي سبب أو ظروف نتحجج بها ونجعها هي الشماعة التي نعلق عليها هذا التقصير , وخاصة التقصير من قبل الأطباء .
حاول الطبيب المناوب بعد حضوره إلي غرفة الشاب أن ينعش قلبه وان يعيد التنفس إلي رئتيه خرج إلي الأهل ليعلن بعد فترة عن وفاة الابن وان ما أقدمت عليه الأم ساهم في سرعة موته “لم يكتفي بتأخره وعدم وجوده بل الصق سبب وفاته إلي امة “وسجل وفاة الشاب في يوم 1-1-2011م الساعة 6 مساءا .
أي في أول يوم من أيام السنة الجديدة فهل سيستمر مستشفي الشفاء بقية العام بهذا الحال وخاصة أننا كل يوم مهددون باجتياحات وحروب جديدة من قبل قوات الاحتلال .
أسأله كثيرة تراودني وأنا اكتب هذا التقرير وكنت شاهدة علي ما حدث في مستشفي الشفاء حيث دب الفزع والخوف والفوضى في أرجاء قسم الباطنية وامتد إلي أقسام أخري ,أنا هنا لا أحاول المساس بأحد ولكن ليقف المسئولين وقفة جادة أمام ما يحدث في مستشفيات القطاع وليكن لهم تحرك حقيقي يشعر به المواطن .
اغلب المرضي في هذا القسم شعروا بالإحباط واليأس فنزعوا المحاليل عن أيديهم ومغادرة المستشفي بدون أذن خروج أو حتى أعلام الطبيب ولسان حالهم يقول “الموت في البيت أفضل من الموت في المستشفي “وأنا أكمل “تعددت الأسباب والموت واحد “.