المملكة تترنح ..
بقلم/ عادل البكار
يرى فقهاء العلوم السياسية أنه لا شيء يقود إلى زوال الملك وانهيار الدول والإمبراطوريات أكثر من الظلم الاجتماعي وطغيان الصراع السياسي، وآل سعود يغرقون في الأمرين معاً.
فمع تولي الأمير سلمان بن عبد العزيز عرش المملكة، سارع الملك الجديد إلى إقصاء أخيه الأمير مقرن بن عبد العزيز من منصب ولي العهد وتعيين ابن أخيه الشقيق محمد بن نايف بدلاً عنه، واستغل استحداث منصب ولي ولي العهد وعيًّن فيه ابنه الأمير محمد بن سلمان كترتيب مسبق ليحل محل ولي العهد حال شغر هذا المنصب في أي وقت ولأي سبب كان.
وكان الأمير أحمد بن عبد العزيز قد أُزيح من موقعه في وزارة ا لداخلية بمؤامرة بين محمد بن نايف والاستخبارات الأمريكية على خلفية إطلاق سجناء قيل أنهم إرهابيون. وهو ما دفع الأمراء داخل الأسرة المالكة إلى رفض هذه الإجراءات الإقصائية، وتهميش بعض الأمراء وتركيز السلطة في الثلاثة السديرية فكانت الحرب على اليمن تقول ” الإندبندنت ” البريطانية أن الملك سلمان وابنه يعتبران الحرب على اليمن وسيلة لتعزيز سلطتهما و ” للتخلص من المنافسين داخل الأسرة الملكية “.
لكن الحرب الواسعة والمفتوحة مع اليمن استنزفت أموال المملكة وتسببت في ظهور عجز مالي دفع المملكة لأول مرة إلى سحب أكثر من 72 مليار دولار من احتياطاتها الخارجية. والأخطر من ذلك أن بعض المدن السعودية والمواقع العسكرية في عسير نجران وجيزان أخذت تتساقط في أيدي الجيش اليمني ولجانه الشعبية فبادر بعض الأمراء للتعبير عن مخاوفهم من أن تقود تلك الحرب إلى زوال العرش وسقوط ملك آل سعود، وارتفعت حدة الأصوات الناعية على الملك سلمان والداعية إلى تنحيته وعز له عن العرش حفاظاً على العرش .
لا يقتصر الصراع داخل الأسرة المالكة على السديرية الثلاثة من جانب وباقي الأمراء من جانب أخر، بل يمتد بصورة أكثر خطورة إلى السديرية الثلاثة أنفسهم ( الجناح المتطرف القابض على رأس هرم السلطة ) .
إذ يدرك ولي العهد محمد بن نايف أكثر من غيره أن موقعه في ولاية العهد لن يطول كثيراً، إذ أن محمد بن سلمان الذي عينه على العرش لن يسمح هو أو والده بأي حال من الأحوال بصعود محمد بن نايف إلى العرش، ويدرك بن نايف أيضاً أنه سيأتي اليوم الذي تتم فيه إزاحته من ولاية العهد وربما خالجته بعض الوساوس والمخاوف من التصفية الجسدية، ولعل ظروف الحرب على اليمن هي وحدها من تجبر الملك سلمان على التمسك بمحمد بن نايف ولياً للعهد باعتباره أحد الصقور داخل الأسرة لمواجهة بقية الأمراء الذين قد تبدو مواقفهم معتدلة تجاه اليمن.
من ناحية أخرى فعشرات المليارات التي تخسرها المملكة في حرب عبثية مع اليمن، تنعكس سلباً على الوضع الاقتصادي للبلد، وعلى مستوى الخدمات العامة التي تقدمها المملكة لراعياها، وعلى صناديق الرعاية الاجتماعية ومكافحة الفقر والبطالة، وهو ما يهيئ لبيئة اجتماعية ساخطة واحتقان شعبي سببه الشعور العام بسوء الإدارة، وتبديد آل سعود أموال البلاد، وثروات الأجيال القادمة في حروب وصراعات لا طائل منها، وفي تغذية صراعات ونزاعات طائفية في المملكة وفي المنطقة العربية لا تورث سوى المزيد من السخط العربي على المملكة. في الوقت الذي تشير فيه التقارير إلى زيادة الأسر الفقيرة في المجتمع السعودي فبحسب تقرير لقناة الـ mbc يشكو كثير من المواطنين السعوديين الذين يتقاضون معاشات من صناديق الرعاية الاجتماعية عدم كفاية معاشات الضمان الاجتماعي لمواجهة متطلبات الحياة وأعباء المعيشة.