قطار الأكاذيب
نحن هنا في انتظار قطار الرئيس? 4سنوات ولم يأت القطار? ما زالت سكة الحديد وعدا لم يسك.
يعد الحاكم بلا حساب معولا?ٍ على خمول ذاكرة المنسيين? طول بقائه حاكما?ٍ أنساهم أنفسهم? أكثر ما يتذكرونه أنه يحكمهم منذ 32سنة وذلك أكبر ما يحاولون نسيانه.
الرئيس يعد بلا هوادة? لا ينسى أن يعد? ولا يتذكر أنه وعد.
من ذا يطالبه الوفاء? من ذا يحصي عليه وعوده الكثار لا أحد يقول له أكثرت وأخلفت بما يكفي ليخلفك سواك.
في الانتخابات الرئاسية 2006م أمطرنا الرئيس وعودا سخية? وعد أنه سيعمل من أجل القضاء على الفقر? والأمية وإيجاد فرص عمل لكل العاطلين خلال 2007- 2008م مؤكدا ذلك بقوله: «ونحن عندما نقول مثل هذا الكلام نقوله بوضوح وصدق? وليس كلام للخطابة السياسية ودغدغة عواطف المواطنين كما يفعلون اليوم ويمارسونه من كذب خلال حملاتهم الانتخابية»? ووعد بألا زيادات سعرية قادمة قائلا: «ليس هناك أي إجراءات من هذه المزاعم على الإطلاق? فقد انتهت الجرع وإلى الأبد? ولكن هذا في خيال المشترك وفي رأسه? فلا وجود في سياستنا وخططنا لأي إصلاحات سعرية»? ولم يتردد عن أن يقطع وعدا في المهرة بسكة حديد تربط الساحل إلى جانب الخط الإسفلتي الساحلي من ميدي إلى حوف? مؤكدا تحقق هذا الحلم ذاكرا أن المناقصات جارية لإنجاز هذا المشروع لنقل البضائع والمسافرين حسب قوله.
وله وعود?َ أخرى مكهربة نووية ورياحية آلت إلى فضيحة صاعقة وذهبت مع الريح.
شغلت الصحوة عدادا لتحريض الذاكرة? وعلى مدى سنتين? استمر العد التنازلي لإبقاء تلك الوعود موضع انتباه كي لا ينسى الشعب أو يتناسى الرئيس.
انتهى العد?ْ? والأكاذيب تعدو بغير اكتراث? قضي علينا لا على البطالة والفقر? تكاثرت الجرع وارتفعت الأسعار وإذا الوعود كذب رخيص مبتذل.
الرئيس يساوي برنامجه? يساوي وعوده كانت الرئاسة ثمنا لما وعد به? المساءلة الحقه تنزع منه الثقة? ما الذي حققه الرئيس كي نمنحه الوطن? ما الذي فعله كي نلوي له عنق الدستور ونسلمه مصائرنا إلى الأبد? لماذا نستمر وقفا عليه ومتى يتوقف?
32سنة تكفي كي نسأم كي نمل ونضجر? يعاني اليمنيون كـآبة الحكم? استمرار الحاكم كل هذه المدة يلحق بنا أضرارا فادحة على مستوى الروح والعقل تفوق ما يحدث في الواقع وبحسب مقالة كاشفة معمقة للأستاذ المحامي هايل سلام نشرها على عددين مؤخرا في صحيفة النداء حول «النخبة اليمنية? الوعي الإشكالي وانسداد الأفق» من أفضل ما ك?ْتب حول أزمتنا الراهنة بأبعادها وتجلياتها? تصلح في رأيي لأن تكون أساسا لنقاش موسع من قبل أحزاب المشترك والنخب المعنية بالتغيير? في مقدمتها وصف لما يصيب الإنسان في بيئة القهر من أدواء..
إذ يرى أن: «الإذلال المديد يفسد القدرة على التفكير المنظم? ويولد الشعور باليأس من أية إمكانية للتغيير? اليأس ثمرة الاستبداد? هو الحصاد المر له? فلكي يتآلف المرء مع وضعية القهر التي يعيشها? يؤلف نفسه على أخذ جرعات متزايدة من اليأس (= الاستيئاس)? ويعودها على عدم توقع الكثير من الحياة? ما يولد لديه الشعور باللا جدوى? وبفقدان الأمل من أية فرصة للتغيير? واليأس من الخلاص يؤدي إلى انهيار الاعتبار الذاتي? كنتيجة للشعور بالعجز وبانعدام الكفاءة الاجتماعية والمعرفية? وبمقدار ما ينهار الاعتبار الذاتي يتضخم التقدير للمستبد? إذ يرى فيه نوعا من الإنسان الفائق القدرة? فينظر إليه لا بوصفه واحدا من الناس? بل بوصفه معطى من معطيات الطبيعة? كالماء والهواء والشمس والقمر وحتى القدر… الخ? وإن له حقا إلهيا في السيادة والثروة».
في الجمعة المنصرمة وبينما كان بن علي يرتب فراره مذعورا طلعت علينا أخيرة صحيفة «الثورة» بصورة طولية للرئيس إلى جوار قصيدة من الملق الرث تحت عنوان: «حادي خطانا» صدرتها بقول نسبته لمن أسمته الكاتب الألماني الكبير الدكتور «فولكهار ديفندفور» «الرئيس علي عبدالله صالح لا يفكر في اليوم والغد فقط? بل أيضا فيما بعد الغد وقراراته بعيدة المدى» طبعا لم تقل أين قاله ولا متى وإن بحثت ستلقاه مراسلا صحفيا في القاهرة? لا أتوقع أن يكون قد انضم للمؤتمر الشعبي العام كي يفجعنا في أخلاق الأوروبيين المقتصدين في مديح الحكام والإيمان بهم.
القصيدة مكسرة تهين الشعر والشعراء? لكنها ربما بحسب العارفين مما يعجب الرئيس.
لأنه من تحدى المستحيلا
فلن تجدوا لكم سواه بديلا
وفيها:
فهاتوا مثله حتى نلبي
لشعب يرتجي منا المثيلا
ولن يجد الوشاة له شبيها
ولو ذرعوا الدنى عرضا وطولا
وبايعه الجميع بلا ضغوط
كما ظن المنافق أن يقولا
ليسمح لي الناظم جزاء تحملي قراءة ممدوحته أن أضيف بيتا:
ولو كنت الرئيس لمت غيظا
وغادرت الرئاسة مستقيلا
بهذه الفجاجة يعبر الخطاب الرسمي عن رغبة الحاكم في البقاء كما يعبر الأداء السياسي لحزب الحاكم عن ذات الرغبة بأساليب شبيهة تفتقر إلى الكياسة والحصافة ربما لأدراك?ُ عميق بأن ذلك المستوى هو المطلوب لا أكثر? الذوق العام لا يهم? الأولوية التأكيد على مفهوم البيعة للحاكم المختار ال