رغم نجاح الانتفاضة التونسية ما زال الخطر قائما?ٍ
فعلها رفاق البوعزيزي وأسقطوا واحدة من أعتا الطغم المغرقة في الفساد ونهب خيرات البلد?وقمع الحريات العامة وحرية الرأي والصحافة والأعلام والفكر?بل وتلك الطغمة المشبعة بالغرور والفساد والطغيان أمعنت في إذلال الشعب التونسي وامتهان كرامته وإفقاره وتجويعه وتجهيله?ونشرت من خلال أجهزة قمعها ومخابراتها الرعب ورائحة الموت والقتل في كل بيت وحارة وزقاق وشارع وقرية ومدينة?وكانت تلك الأجهزة تحصي على التونسيين أنفاسهم?وتمارس بحقهم أبشع أشكال وأصناف القمع والإرهاب?وعلقت على أعواد المشانق أجساد العديد من قادة المعارضة وسجنت وأبدت الكثير منهم?كما ودفعت بالعديد من قادة ورموز المعارضة والنخب والكفاءات العلمية والثقافية والسياسية والتربوية والمجتمعية إلى مغادرة البلد قصرا?ٍ?وباختصار حول الطاغية كغيرة من طغاة النظام الرسمي العربي?والذين نحن على ثقة بأن دورهم ومصيرهم ليس بالبعيد والمشابه لمصير بن علي?الى مزرعة وإقطاعية خاصة تسيطر عليها زوجته وأقاربها حيث تحكموا في كل مفاصل القطاعات الاقتصادية في تونس?وأصبحوا الأمرين والناهين في كل الشأن التونسي?ولم تكتفي زمرة وجوقة بن علي بذلك?بل عدلوا الدستور وبما يضمن بقاء بن علي رئيسا?ٍ يتحكم برقاب الشعب التونسي مدي الحياة?وفي الوقت الذي شعر النظام فيه من خلال ثورة الجياع والانتفاضة العارمة?وتلك الجموع الثائرة التي لم تأبه أو ترتعد أو ترتجف وتتراجع أمام شدة قمع أجهزته الأمنية على الرغم من الأعداد الكبيرة للشهداء? بأن الخناق يضيق عليه شيئا?ٍ فشيئا?ٍ حاول أن يلعب لعبته المكشوفة والتي تلجأ إليها مثل هذه الطغم الديكتاتورية?ألا وهي إجهاض الثورة والانتفاضة?من خلال تقديم سلسلة من الوعود بالاستجابة إلى رغبة ومطالب المنتفضين بالقيام بحملة إصلاحات سياسية واقتصادية واجتماعية كبيرة وواسعة?ولكن تلك اللعبة لم تنطلي لا على قادة الانتفاضة ولا الجماهير الشعبية?فهي خبرت جيدا?ٍ مثل الوعود البراقة والأكاذيب في انتفاضات سابقة أعوام 78 و84 و87 ?فما أن انطفأت شعلة وجذوة الانتفاضة والاحتجاجات الشعبية?حتى زاد النظام من تغوله وتوحشه وقمعه للجماهير?ومن هنا كان شعار الجماهير لا وقف للانتفاضة إلا برحيل بن علي وطغمته من جوقة اللصوص والفاسدين وناهبي خيرات الشعب وثرواته?وحتى وهو يرحل ويغادر ويهرب تضيق عليه الأرض بما رحبت?وجد أن من دعموه وساندوه من دول الغرب الأوروبي وأمريكا?وامتدحوا نهجه وخطواته وسياساته في قمع الشعب وإذلاله تحت يافطة محاربة “الارهاب” لم يرحبوا به ولم يستقبلوه فدوره انتهى?ومصيره كمصير أي عميل أو تابع ينكشف أو لم يعد قادرا?ٍ على تأدية مهامه ودوره “مزابل التاريخ”.
نعم تنفس الشعب التونسي الصعداء وتذوق طعم الحرية?بعد ثلاثة وعشرين عاما?ٍ من الحكم الديكتاتوري المطلق الموغل في الفساد ونهب خيرات البلاد ومذل رقاب العباد والحاجب للحقائق عن العالم الخارجي?نعم انتصرت الثورة ولكن رغم كل ذلك ما زالت هناك الكثير من المخاطر المحدقة بها?والتي تتطلب من كل قوى تونس الحية المؤمنة بالخيار الشعبي والديمقراطي التوحد?من أجل كنس وتطهير القطاعات الحكومية وأجهزتها من أنصار النظام السابق?والتي ستحاول الإلتفاف على هذه الثورة وإجهاضها?أو العمل على إدخال تونس في حالة من الفوضى الشاملة?فما تقوم به عصابات النظام السابق من عمليات نهب وتخريب وتدمير للممتلكات العامة يندرج في هذا السياق?فالهدف جعل الناس يفتقدون الأمن والأمان?وبالتالي دفع العسكر للسيطرة على البلاد?وبحيث يصبح المواطن التونسي يترحم على أيام النظام البائد فنظام قامع ويحقق الأمن?أفضل من دولة بلا نظام وأمان?وهنا تقع مسؤولية القوى والتيارات التونسية بمختلف ألوان طيفها السياسي?فعليها أن تدرك وتعي أن مصلحة تونس قبل أي مصلحة أخرى?فالمؤامرة على الثورة وهذا الانجاز?لن تقتصر على الداخل التونسي?فأكثر من نظام عربي رسمي له مصلحة بإجهاض هذه الثورة?وكذلك كل من فرنسا وأمريكا تحديدا?ٍ وإسرائيل?فهذه المجموعة تخشى من مفاعيل وانتشار وتكرار تجربة ما حدث في تونس?حيث أن عرش أكثر من نظام عربي يهتز?وسقوط أي نظام رسمي عربي آخر?يشكل مخاطر جدية على الوجود والمصالح الأمريكية والأوروبية الغربية في المنطقة?وبالتالي تعمل هذه المنظومة مجتمعة إلى أن تسود في تونس كما حصل في العراق بعد احتلاله من قبل أمريكا?فوضى خلاقة وصراعات وحروب واقتتال مذهبي وعرقي وطائفي وأثني?أو كما هو الحال عليه في لبنان?إقامة حكومة غير قادرة على اتخاذ القرارات?ولعل الجميع من قوى الشعب التونسي وأحزابه وتنظيماته?يذكر كيف كانت تحاول أمريكا أن تجهض الثورة الخمينية في إيران والتي اندلعت عام 1979?عندما نصبت “شهبور بختيار” رئيسيا?ٍ على إيران?كانت تحاول من خلاله أن تجهض الثورة وتحافظ على مصالحها الكبيرة في إيران?ف”بختيار” رفض التنازل عن السلطة للإمام الخميني?وبالتالي لم يكن مناص أمام الشعب الإيراني سوى إسقاط “بختيار”وفي الحالة التونسية لجأت أمريكا والنظام البائد إ