رواية “الحمراء” لمؤلفتها كي?ر?ستن بوية تصدر عن مشروع كلمة للترجمة
صدر عن مشروع “كلمة” للترجمة التابع لهيئة أبوظبي للثقافة والتراث ترجمة رواية جديدة بعنوان “الحمراء”? للكاتبة الألمانية كي?رست?ن بويه? الحائزة على الجائزة الاستثنائية الألمانية عام 2007? وقام بترجمتها إلى اللغة العربية دكتور صاموئيل عب?ود.
تدور أحداث الرواية حول الأشهر القليلة الأولى التي تلت احتلال الملوك الإسبان لغرناطة وإطباق حكمهم على البلاد بعد استقرارهم في قصر “الحمراء” الذي يمثل أحد أهم الرموز الحضارية المتألقة التي خل??ِفها العرب وراءهم في إسبانيا? بل إنه يعتبر أيضا?ٍ أحد أهم المعالم السياحية في اسبانيا? مع ما يحتويه من عمارة إسلامية ظاهرة كاستخدام العناصر الزخرفية الرقيقة في تنظيمات هندسية كزخارف السجاد? وكتابة الآيات القرآنية والأدعية? بل حتى بعض المدائح والأوصاف من نظم الشعراء.
تعتمد الكاتبة في عملها قالبا?ٍ روائيا?ٍ فريدا?ٍ باللجوء إلى حيلة أدبية من خلال توظيف أسطورة “السفر عبر الزمن” وذلك بهدف تقديم سرد تاريخي لمجريات تلك الحقبة? إذ ينتقل فيها البطل “بوسطن” الذي كان يزور غرناطة مع رفاق صفه من الزمن الحاضر إلى زمن سقوط غرناطة عام 1492? وإلى الحقبة نفسها التي تم فيها اكتشاف أمريكا? ويحدث ذلك إثر لمسه قطعة خزف منزوعة من جدار في قصر الحمراء تحمل كتابة عربية? وهنا تنقلنا الكاتبة من خلال حوارات أبطالها وعلى نحو غير مباشر? إلى أجواء تلك الأيام وإلى المقارنة بالتالي بين عهدين? وإلى استذكار جملة من الوقائع التاريخية? أو لنكتشف في سياق الرواية ما كانت قد أهملته بعض كتب التاريخ? من أن الناس الذين تنازل أميرهم عن حكمه وعن مملكته وعن مدينته وعن الحمراء من دون قتال? سعيا?ٍ وراء السلامة أو تحججا?ٍ بعدم تدمير ما تم تشييده من حضارة عمرانية? وكيف أنهم قاوموا ومارسوا العصيان من خلال جمعهم المال من أجل شراء السلاح? متأملين عودة أميرهم إلى صفوفهم.
كما تحفل الرواية بالكثير من الوقائع والأحداث الجانبية وبعض تفاصيل تاريخ ذلك العهد? محبوكة ضمن سرد روائي شيق? وضمن قراءة تاريخية منصفة إلى حد كبير? مشيرة إلى أن قصر الحمراء دليل واضح على عظمة عرب الأندلس ورقيهم الحضاري ونهضتهم العمرانية والفنية والهندسية آنذاك.
وتقول الكاتبة الألمانية بصدد رؤيتها لتلك الأحداث? في الكلمة الختامية لروايتها? بأنها قامت قبل الكتابة? بقراءات لا حصر لها حول المغاربيين في إسبانيا? وحول ما سماه الإسبان بالاسترداد (أي حول ما يعرف بإعادة استرجاعهم للمقاطعات المغاربية)? وحول محاكم التفتيش? وعن كولومبوس وحول اكتشافه لأمريكا? وبأنها حاولت قدر المستطاع بناء على ذلك? المحافظة على سرد الحقائق? فالدولة التي دامت ما يزيد على 700 سنة في إسبانيا? كانت دولة إسلامية – عربية? إنها دولة الأندلس? وكانت تتحكم بكل? أو أقل بقليل من كل الأرض الإسبانية في البداية? وتلك مدة طويلة جدا?ٍ: فالولايات المتحدة? على سبيل المثال? مضى على وجودها منذ عهد قريب 200 سنة فقط? لذا فقد خل??ِف ذلك الوجود العربي وراءه آثارا?ٍ عميقة? ليس في إسبانيا وحدها? بل في كل القارة الأوروبية? ففي حين كانت بقية أوروبا في ذلك الحين تعاني سيطرة “العصور المظلمة”? كانت إسبانيا المغاربية على درجة عالية من الحضارة والتقدم? فالناس كانوا يقيمون فيها وزنا?ٍ لأهمية العلم والفن? وأيضا?ٍ للهندسة والطب? كما كانت اللغة العربية في تلك الفترة هي لغة النخبة من المثقفين? أيا?ٍ كان معتقدهم الديني? وكان علماء أوروبا يقصدون الأندلس ليطلعوا هناك على مكتبات العلوم والمعرفة المتوافرة فيها? كما كانت توجد في الأندلس أيضا?ٍ علاقات كثيرة وحيوية بين الأديان المتباينة? فالقرآن الكريم? وهو الكتاب المقدس لدى المسلمين? يعترف بكل من المسيحية واليهودية على أنهما دينان سماويان شقيقان? فقد عاش المسيحيون واليهود معا?ٍ في ظل دولة المغاربيين في الأندلس من دون الحاجة لأن يتحولوا إلى الإسلام أو أن تجري ملاحقتهم بسبب احتفاظهم بمعتقداتهم.
وفي هذا السياق وضمن تصور المؤلفة لتاريخ تلك الحقبة? تسود أجواء حوارات شيقة بين أبطال الرواية عن الحاضر والماضي والمستقبل? وإن كانت الرواية موجهة بالأصل إلى جيل الشباب والناشئة? إلا أنها بأحداثها? تصلح لأن يقرأها الكبار أيضا?ٍ بكل تأكيد.
ولدت الكاتبة كي?رست?ن بويه عام 1950 في مدينة هامبورغ الألمانية? ولها روايات عديدة أخرى كان آخرها هذه الرواية التي صدرت في عام 2007. وقد منحت في العام ذاته? الجائزة الخاصة بالأدب الألماني للشباب تقديرا?ٍ لأعمالها الكاملة حتى الآن.
مترجم الكتاب الدكتور صاموئيل عبود حاصل على شهادة الدكتوراه في الاقتصاد حيث درس في برلين.. مازال يشرف بعد تقاعده على الرسائل العلمية في الجامعة? وله عدة أبحاث في مجال الاقتصاد وقام بترجمة “نحلة مايا” كما ترجم بعض السير الذاتية عن الألمانية بتكليف من معهد “غوتة”? يكتب في الصحافة اليومية في المجالين الاقتصادي والأدبي.