كل التضامن مع الميادين
بقلم/ محمد عايش
الميادين قناة لها اتجاهها المعروف، لكنها ذكية رصينة، وتتوخى المصداقية في مادتها الخبرية قدر الإمكان، وبشكل يحرج كل فضائيات الكذب المزمن.
لم تسجل القناة أية كذبات أو أية لغة تحريضية في أخبارها طيلة حضورها القوي في تغطية الحرب على اليمن، وهي التغطية التي تعاقب الآن عليها من قبل أساطين العدوان والجريمة.
في الجزيرة يُقتَل كل يوم في تعز ١٢ حوثيا على الأقل (لا أعرف لماذا ١٢ بالضبط وقد تكرر الرقم لأيام عديدة).
ويُقتَل مواطنون أبرياء على يد الحوثيين “المتمردين” وقوات “المخلوع”؛ كل يوم، بينما لم يقتل طيران التحالف أو “المقاومة” ولا بني آدم مدني واحد منذ بداية العدوان قبل ثمانبة أشهر حتى الآن!!!
في الميادين لغة إخبارية محايدة، وتظهر ميول القناة ناحية طرف سياسي معين عبر تكثيف التقارير الموضوعية المفيدة له مثلا، لاعبر الكذب والشتيمة والاختلاق.
كما أنها فيما يخص الضحايا تنقل ارقام الطرفين وفيما يخص سير المعارك تنقل رواية التحالف ورواية الحوثيين.
وفي الجزيرة وأخواتها لغة سوقية غير مألوفة في كل وسائل إعلام العالم: المخلوع، المتمردين، الانقلابيين، وهي توصيفات مشحونة بدلالات تحريضية وتحقيرية لا مجرد توصيفات سياسية حتى.
في الجزيرة؛ يُقتل ثلاثة مواطنين في تعز على يد قوات الحوثيين فيخوض الصديق العزيز حمدي البكاري، مشكورا، معركة، وباستخدام واقي الرصاص والخوذة، لإذاعة تقرير مبكي عن الجريمة…
ويقتل طيران التحالف ٨٠ مواطنا من تعز في صالة على بعد شارعين فقط، أو أكثر من ٢٠٠ مواطن في مجزرتين متتاليتين في المخا، فلا تجد في “الجزيرة” حرفا واحدا، يشير إلى ذلك، دعك من الخوذ وواقيات الرصاص!!!!
ليس هذا عيب حمدي ولا المراسلين عموما، بل هذا ما تريده وتقره القناة نفسها، ومن خلفها قطر، ولو كتب حمدي تقريرا محايدا أو لو غطى قضية حقيقية وهي في غير مصلحة الطرف الذي تخدمه الجزيرة، فإن الجزيرة لن تبثه، ولو احتج حمدي لفصلته غير آسفة عليه.
الجزيرة وأخواتها جزء من المعركة والحرب، وليس ذلك عيبا، العيب أن يتم التعامل مع هذا النوع من الاعلام كإعلام فعلا، وعلى المقلب الآخر يتم استهداف كل إعلام يشذ عن هذا الشذوذ الاعلامي.
حتى التحريض ودعم خيارات سياسية بعينها صار في العالم فناً وفعلا ذكيا، إذ باستطاعتك أن تمرر رسالة سياسية في مادة خبرية دون هذه الفجاجة والتوتر والتشنج والسوقية التي تظهر في اعلام فيصل القاسم.
هبوط حتى داخل الهبوط.
كل التضامن مع “الميادين” ومع كل إعلام يحاول النجاة بجلده من لوثة الإعلام النفطي المقرف.