هل استهداف المسيحيين هو لتوطين الفلسطينيين ?
يتعرض المسيحيون العرب منذ سنوات عدة إلى حملة تستهدف أمنهم وحضورهم دون معرفة الخلفية الحقيقية التي تقف وراء ما يتعرضون له بالنظر لكثرة الأسباب ? ولتعدد الأطراف الرسمية وغير الرسمية التي تمارس عليهم عنفها وإرهابها? ولتشعب الأبعاد حيث منها الديني ومنها الدولي ومنها المحلي ذات العلاقات بالتوازنات الديموغرافية . وليس هناك من إحصاءات رسمية مؤكدة ولكن حسب التقديرات فإن إعداد المسيحيين في العالم العربي هم اكثر من عشر ملايين نسمة أي ما يعادل حوالي 10 في المائة من إجمالي عدد سكان العالم العربي.
ووجودهم في العالم العربي ليس طارئا?ٍ كما هو حال بعض الأقليات اللأتنية مثل الأرمن ? بل هو متجذر في التاريخ ومتأصل في التركيبة السوسيو- اجتماعية والثقافية والإنسانية والدينية في العديد من الدول العربية حيث لا يمكن التحدث عن تاريخ بعض الدول العربية إلا ويجب التحدث عن دور المسيحيين الذين كانوا روادا?ٍ في مجالات عدة بما فيها في مجالات ابتكار نظريات ايديولوجية ركزت بشكل أساسي على مفاهيم القومية العربية باعتبارها الإطار الجامع لكل الطوائف والمذاهب والأديان . وبحكم أن التطورات التاريخية كانت تستوجب متانة العلاقة مع الجغرافيا فقد انتشر المسيحيون العرب في كل من مصر وفلسطين والعراق ولبنان وسورية والأردن وجنوب السودان مع حضور شبه رمزي في بعض دول المغرب العربي . وكان من الممكن أن يكون تعدادهم اكثر مما هو عليه اليوم ولكن جملة عوامل أدت إلى ضالتهم والى هجرتهم باتجاهات متنوعة ? ومن هذه العوامل:
1 – الأوضاع الاقتصادية المزرية خلال حقبة تاريخية معينة في بعض الدول العربية .
2 – وضعهم كأقليات ضمن مجتمعات ذات أكثرية إسلامية كما هو حالهم في مصر .
3 – تعامل بعض الأنظمة السياسية العربية معهم من منطلق أنهم مواطنين من الدرجة الثانية.
4 – قضية فلسطين وتداعياتها منذ العام 1948.
5 – نشوب حروب أهلية ذات طابع طائفي كما حصل في لبنان عام 1975 .
6 – نشوب حروب ذات طابع طائفي وأتني في نفس الوقت كما حصل في جنوب السودان .
7 – نشوء تيارات تكفيرية وطرحها شعارات طائفية وتعاملها مع المسيحيين العرب على أنهم امتداد للغرب المسيحي الاستعماري أو بالأحرى للحملات الصليبية التاريخية كما هو الحال في العراق .
والمؤسف أن الدول الفاعلة ? وبدلا?ٍ من ان تلعب دورا?ٍ في القضاء على الأسباب التي تؤدي إلى إقصاء المسيحيين عن مجتمعاتهم فإنها تقدم دائما?ٍ الحل عبر دفعهم إلى الهجرة ? وهذا ما يؤكد ان هناك مشروعا?ٍ ما مبيت يجري العمل عليه بصمت في كواليس الدول الغربية ? وأن السير بهذا المشروع يسير ببطء ولكن بنجاح .
وإذا ما تم التفتيش عما يجمع بين معاناة المسيحيين العرب وبين مواقف الدول الغربية ? فإن ألأنظار تتجه الى مشروع لتوطين الفلسطينيين كبديل عن تهجير المسيحيين بدليل :
• عندما نشبت الحرب الأهلية في لبنان كثرت العروض التي تم تقديمها للمسيحيين ? وفتحت السفارات الأميركية والأوروبية أبوابها لمنحهم التأشيرات ? وأبدت كندا استعدادها لإرسال ما أمكن من بواخر لنقل الراغبين . وتبين فيما بعد ان الهدف كان توطين الفلسطينيين في لبنان .
• تحت ذريعة حقوق الإنسان وحرية التعبير تفتح السفارة الأميركية في القاهرة أبوابها للراغبين بالهجرة من المسيحيين المصريين ? وتدفع واشنطن ببعضهم مما سبق وأقام في الولايات المتحدة إلى بث حماس الهجرة لدى من بقي في مصر . والملاحظ انه كلما تباينت المواقف السياسية بين القاهرة وواشنطن تلجأ هذه ألأخيرة الى إعادة فتح ملف الأقباط تحت ستار أنساني وحقوقي .
• تحت ذريعة حماية مسيحيي العراق بادر الرئيس نيكولا ساركوزي مؤخرا?ٍ إلى الإعلان عن استعداده لاستقبال إعداد من مسيحيي العراق الذين يتعرضون لعمليات تفجيرية في أماكن عباداتهم ? ولاغتيالات تطال نساءهم ورجالهم وأطفالهم .
• دعم الغرب بكل قواه مشروع انفصال جنوب السودان عن شماله .
• تعمل إسرائيل يوميا?ٍ على مصادرة أملاك المسيحيين في الضفة الغربية والقدس دون أدنى احتجاج من الغرب المسيحي الذي لا يقدم لهم سوى تأشيرات الهجرة . إزاء ما تقدم يصبح من المشروع التساؤل عن حقيقة هوية من فج?ِر الكنيسة في بغداد وفي الإسكندرية ? وإذا ما كان الجاني لديه اجندة خاصة به أم انه ينفذ خطة مرسومة اقل ما يقال عنها انها تستهدف تهجير المسيحيين لتوطين الفلسطينيون !! .
رئيس مركز الدراسات العربي الأوروبي