نجوم علم النجوم
في أواخر كل سنة يبدأ رواج سوق المنجمين والعرافين ومن يسمون أنفسهم زورا بعلماء الفلك او خبراء النجوم وما إلى ذلك من التسميات ويبدأ كل منهم بوضع التنبؤات والتصورات للعام القادم ويطبعون الكتب التي تباع بكميات خيالية وتستضيفهم القنوات الفضائية كأبطال وعلماء ونجوم , لا بل وأن بعضهم لديه مكانة خاصة في القصور الرئاسية والملكية على حد سواء وتدفع لهم مبالغ خيالية مقابل قراءتهم لطالع ذاك الحاكم . لست في صدد مناقشة حرمة هذا العمل ففيه نص صريح (كذب المنجمون ولو صدقوا ) أي أن المنجم حتى وإن صدقت بعض توقعاته فهو يبقى في المجمل كذاب ودجال يبيع الناس الوهم على جميع الاصعدة ويوهمهم بأشياء لاتمت للواقع بأي صلة وقد تدمر حياتهم بالكامل . عندما يراجع شخص ما إلى منجم ويخبره بأنه مثلا سيتزوج من فتاة شقراء فإن قناعة هذا الشخص بهذه المعلومة ستجعله يعزف عن الزواج من إي فتاة يقابلها ولا تكون شقراء وأخر المطاف سيندم على كل الفرص التي أضاعها للزواج من فتاة جيدة , ونفس الشيء يصدق بالنسبة للفتيات فإن قالت العرافة لها مثلا أنها ستتزوج بسعادة من رجل طويل فسترفض اي شخص قصير بانتظار طويل القامة الموعود . لا بل وان دجل هؤلاء يتجاوز الصعيد الشخصي ليصل إلى المستوي الإقليمي والعالمي فيتنبئون بالحروب وسقوط الحكومات ووفاة الزعماء والأزمات الاقتصادية والكوارث الطبيعية وطبعا كلها دجل في دجل . ولمن يقول ان بعض هذه التوقعات تصدق أقول أن العملية بسيطة جدا فهؤلاء لديهم نظام للإحصاء أو الاستقراء يعطيهم أفضل الاحتمالات في كل موضوع وهم في الغالب مرتبطين مع مؤسسات مختصة في هذا المجال في الغرب يدفعون لها مبالغ مقابل هذه الاستقراءات . فالعملية اذا ليست معرفة بالغيب بقدر ماهي دراسة إحصائية لامكانيات موجودة بالفعل فمثلا يدرسون الحالة الصحية للحاكم الفلاني مع سنه ويقولون ان هناك احتمالا بأن يتوفى هذه السنة او أن الشخصية الفلانية ستتعرض للاغتيال وهو احتمال قائم على أساس الوضعية الأمنية لتلك الشخصية وبالتالي فإن المنجم مثل الساحر يخدع الناس عبر خدع بصرية مستفيدا من حقائق علمية ليوهمهم بأنه يفعل أشياء خارقة للطبيعة او سحر . ولا ننسى الدور الذي تلعبه الوكالات الاستخبارية في تغذية هؤلاء بمعلومات مقصودة الهدف منها توجيه الرأي العام نحو وجهة معينة او تهيئتها لتقبل حدث معين نفسيا ثم القيام او مجرد دراسة ردة فعل المجتمع تجاه هذا الحادث ان وقع فعلا . اذا يجب أن ندرك أن توقعات العام 2011التي يقوم بها فلان او فلانة ليست علما بالغيب ولا نجوم ولا فلك بل هي مجرد دجل مبني على بعض المساعدة من العلم الحديث, ويبقى السؤال الأهم ماهي الفائدة التي يجنيها الإنسان من معرفة المستقبل حتى لو افترضنا جدلا بصحة هذه التوقعات ? فأن كان هذا المستقبل جيدا فقد افسد على نفسه الفرحة والمفاجئة, وإن كان سيئا فقد أصابه الغم حتى قبل وقوع المصيبة نفسها وفي الحالتين يكون خاسرا . نصيحة لوجه الله دعكم من هؤلاء الدجالين الذين لايبغون سوى إفراغ جيوبكم واللعب بعقولكم والسيطرة على مقدراتكم وتوكلوا على الله ثم على أنفسكم وليسعى كل عبد في رزقه وحياته وليؤمن بأن الله يقدر وما يشاء يفعل وهو الوحيد الذي لديه علم الغيب ولو أن هؤلاء الدجالين يمتلكون حقا علم الغيب لأصبح واحدهم مليارديرا وهو جالس في بيته ولا حاجة له لطباعة كتب أو تقديم برامج تلفزيونية .