هل أصبح البشير «مجرم حرب»؟
تقرير – الوقت
الكثير منا لم يكن يتصور أن الرئيس السوداني «عمر البشير» الذي كان يعتبر في عداد الداعمين لمحور الممانعة ضد الغطرسة الأمريكية، أن يصبح في يوم من الايام مطية للنظام السعودي والملك سلمان. لكن علی مايبدو فان البشير بعد أن وافق علی تقسيم السودان ومنح جنوبه بجميع ثرواته النفطية الی المعارضة المسيحية المعروفة بتعاونها مع الكيان الإسرائيلي، ها هو الیوم يزج بالجيش السوداني في حرب السعودية ضد الیمن، دون أن يکون للسودان في هذه الحرب ناقة ولا جمل. وعلی مايبدو فان هذه المغامرات غير محمودة العواقب من قبل البشير، تاتي لا لشيء، سوی لضمان بقائه جالسا علی عرش الرئاسة، وتخفيف الضغوطات الدولية علیه بسبب إتهامه بجرائم حرب في دارفور ومناطق اخری من السودان. وفي خضم هذه التصرفات من قبل البشير لإرضاء السعودية، باتت تعلو الكثير من الأصوات في البلاد التي تعارض الزج بالجيش السوداني في مستنقع حرب الیمن، فمن هم وما هي مواقف المعارضين لارسال الجيش الیمني لقتل الأبرياء في الیمن؟ وهل سيكون هذه المرة عمر البشير بالفعل بعد مشارکة قواته في إبادة الشعب اليمني، مجرم حرب؟.
وفي هذه الاثناء أعلنت الكثير من الاحزاب والتيارات السودانية معارضتها لإبادة الشعب اليمني من قبل النظام السعودي وإرسال الجيش السوداني لارتكاب المجازر في الیمن. حزب الامة القومي السوداني والذي يعتبر أكبر أحزاب المعارضة السودانية، أكد معارضته لمشاركة جيش بلاده في العدوان الذي تقوده السعودية في الیمن. وفي بيان صادر عنه قال حزب الأمة الذي يتزعمه صادق المهدي «لا نؤيد إقحام السودان عسكريًا في حرب لن تحقّق سوى تعميق النزاع الطائفي وتدمير البلاد» وأكد الحزب أنه «سيبذل كافة الجهود بالتعاون مع دول أخرى، لمصالحة أطراف الصراع في الیمن».
وفي سياق متصل أعلنت «رابطة أبناء السودان» في الیمن رفضها قيام عمر البشير بإرسال مجاميع من مرتزقته تحت مسمى الجيش السوداني للإسهام في تفتيت الیمن وتفكيكه وقتل شعبه وتدمير مقدراته. وقالت الرابطة في بيان رسمي «اننا في رابطة أبناء السودان لمناهضة العدوان على الشعب الیمني الشقيق واستنادا إلى موقفنا الأساسي والمبدئي والثابت الذي عبرنا عنه بوضوح ومنذ الأسبوع الأول للعدوان في نهاية أبريل الماضي، نؤكد على تجديد وتأكيد رفضنا للعدوان الغاشم على الشعب الیمني والحصار الجائر المفروض علیه والاستهداف للمدنيين وتدمير البنية التحتیة واستهداف المرافق الحيوية والرفض القاطع لمشاركة نظام الخرطوم فيما يسمى بالتحالف العربي». وجاء في هذا البيان أن مهمة الجيش السوداني تتلخص في الدفاع عن وطنه كغيره من جيوش العالم وأن أي مهمة للجيش السوداني خارج بلاده يجب أن لا تكون إلا لإنقاذ الأراضي المحتلة ولنصرة الشعب الفلسطيني، وما عدى ذلك خيانة والشعب السوداني منها بريء.
لا شك أن الشعب السوداني سيحاسب البشير علی إرساله قوات الجيش الی الیمن دعما للنظام السعودي كما قال وزير الخارجية السوداني، حيث من المتوقع أن تكون الخسائر البشرية في صفوف الجيش الیمني مرتفعة جدا في الیمن. وذلک بسبب أن الیمن تتمتع بمناطق جبلية وعرة وتضاريس لا يمكن لاحد أن يقاتل فيها إلا من يعرفها جيدا. هذه المناطق الوعرة اخافت جميع دول المشارکة في الائتلاف السعودي، ولهذا امتنعت هذه الدول من الزج بجيوشها في هذه المناطق، ولانعرف كيف اتخذ عمر البشير بمفرده قرار ارسال قوات بلاده للموت في هذه المناطق الوعرة من الیمن.
ويقول المحلل العسكري السوداني «صلاح أحمد» «إن التحالف العربي نفسه اعتمد على الطيران منذ ستة أشهر لمعرفته التامة بطبيعة الیمن الجغرافية الصعبة»، «وأن الحكومة السودانية تحاول من خلال المشاركة في حرب الیمن، تحقيق مكاسب سياسية»، محذراً من أنه في حال فشل التحالف في تحقيق انتصارات هناك سيكون المردود سلبياً لمشاركة السودان في الداخل والخارج.
وأكد في هذا السياق اللواء فضل الله برمة ناصر وزير الدولة للدفاع السابق في السودان «إنّ مشاركة الجيش السُّودانيّ، وعبر تاريخه في عمليّات خارج الوطن، كان دوماً من أجل حفظ السّلام والعون الإنسانيّ، كما حدث في لبنان، والكويت، ولم يشارك في مهام قتالیة، إلاّ ردًّا للعدوان الإسرائيليّ على الشّقيقة مصر، وبالتالي نرفض أن يزج بالقوات المسلّحة السُّودانيّة في مهامٍ قتالیة بين الدول العربية ويجب أن يُقصر دورها في الحفاظ على الأمن والاستقرار في البلاد الشّقيقة والصّديقة». وأكد أنه آن الأوان أن يُنص في الدُّستور على تحديد دور القوّات المُسلّحة السُّودانيّة ومهامها خارج الوطن بموجب قانون، مؤكدا أن مشاركة القوات المسلحة في عمليات قتالیة في الیمن خاطئة ومضرة بالسودان وشعبه ولها تداعيات خطيرة على مستقبل البلاد وسمعته.
ويقول «زهير السراج» الناشط والكاتب الیمني أن «من الأفضل للسودان أن ألا تلقي بثقلها في حرب الیمن، وإلا سينجم عن إصرارها على المشاركة عواقب وخيمة علیها لن يكون بمقدورها أن تتحملها». وفي مقال آخر يؤكد السراج أن النظام السوداني يسعی لانتهاز الفرصة لتحقيق مصالحه الضيقة من خلال الزج بالجيش السوداني في حرب الیمن «وذلك فى محاولة دنيئة ومكشوفة للمزايدة على المملكة العربية السعودية والحصول على رضائها وريالاتها التى ستذهب كالعادة الى جيوب الفاسدين».
ويقول المحلل السياسي السوداني «عبدالله رزق» إن مشاركة السودان في الحرب السعودية علی الیمن كانت عملية حتمية، وتمت بضغوط على السودان من قبل السعودية. هذه المواقف المنددة بمشاركة السودان من قبل الاحزاب والمثقفين السودانيين تاتي في ظل اتساع الجدل الدائر في المواقع الإجتماعية مثل تويتر وفيس بوك، حيث يلقي السودانيون باللائمة علی عمرالبشير بسبب ارساله قوات الجيش للدفاع عن النظام السعودي في حربه علی الیمن.
إذن بعد هذا الخطأ الإستراتيجي الذي ارتكبه عمر البشير من خلال قرار إرسال قوات الجيش السوداني لدعم النظام السعودي في سفك دماء الشعب الیمني، فقد جعل البشير من نفسه متهما من الطراز الاول، متهم هذه المرة بارتكاب جرائم حرب ضد شعبه وشعوب المنطقة وسرعان ما ستطالب شعوب المنطقة بتقديمه لمحكمة العدل الدولية، بعد أن كانت هذه الشعوب تعتبره داعما لفلسطين ومحور المقاومة وتسانده في قضايا السودان الداخلية ضد الإنفصالیين. كما يجب علی البشير أن يعلم أن الدعم السياسي والإقتصادي المؤقت من قبل السعودية له لا يمكن أن يستمر طويلا، وسرعان ما ستغيير الرياض منهجها تجاهه بعد إنتهاء الحرب الیمنية وسيعود النظام السعودي الی منهجه السابق المعادي لنظام عمر البشير والمطالب بتسليمه الی محکمة العدل الدولية في لاهاي.