بالأرقام …اليمن تجر السعودية إلى كارثة اقتصادية وتحولها الى غنيمة
تقرير ــ رشيد الحداد
مهما حاولت السعودية التخفي عن خسائرها المالية الناتجة عن عدوانها على الشعب اليمني واستخدام مختلف أنواع الأسلحة الفتاكة والمحرمة دولياً ، إلا ان الأرقام والبيانات الدولية أكدت بما لايدع مجالاً للشك بان المال السعودي تحول إلى غنيمة لمختلف دول العالم وان فاتورة العدوان على اليمن ارضاً وانساناً وتاريخاً وحضارة باهضة الثمن ولن تستطيع الرياض تجاوزها خلال سنوات . ففي حين حذر البنك الدولي الرياض من مغبة الاستمرار في السحب المالي من الاحتياطي النقدي الأجنبي بعد سحب 60 مليار دولار من الاحتياطات الأجنبية و67 مليار دولار من الاستثمارات الخارجية للملكة لتغطية العجز المتفاقم في الموازنة العام للعام الجاري الذي بلغ 150 مليار دولار نتيجة انخفاض أسعار النفط في الأسواق العالمية الى أدنى المستويات وفشل كافة الحلول التي قدمتها اوبك ، توقع صندوق النقد الدولي الرياض استنزاف الاحتياطي النقدي الاجنبي للسعودية خلال عامين ونصف مالم تعمل السعودية على ايجاد حلول سريعة لوقف الانهيار الاقتصادي . البنك الدولي مؤخراً طالب السلطات السعودية بسرعة اتخاذ إجراءات تقشفية سريعة لوقف الانهيار المتسارع وحث البنك الدولي السعودية برفع الدعم على المشتقات النفطية وتقليص النفقات العامة وتخفيض دعم الطاقة لتوفير 50 مليار دولار ، وجائت مطالب البنك الدولي عقب فشل الرياض في إدارة أزمتها المالية عبر العودة الى الدين العام الداخلي لأول مرة منذ ثمان سنوات .. الا ان الحلول التي اتخذتها السعودية والممثلة باللجؤ الى الدين العام الداخلي وبيع سندات تنموية للحصول على 9,3 مليار دولار من البنوك والمصارف المحلية تسبب بانهيار أسعار الأسهم في البورصات السعودية ” تداول ” وفقدات 130 مليار دولار من قيمتها السوقية خلال الثلاثية أشهر الماضية ، الشهر الماضي أعلنت مؤسسة النقد العربي السعودي اعتزامها إصدار سندات نقدية بقيمة 5 مليار دولار للحصول على تمويل بقيمة 20 مليار ريال سعودي من البنوك السعودية الاهلية ، وهو ما قوبل بموجة بيع كبيرة للأسهم للإفراد في البورصات مما تسبب بتراجع القيمة السوقية لأسهم 166 شركة وعودة البورصات الى النطاق الأحمر لتفقد الأسهم 14 % من قيمتها الشرائية . انهيار أسعار الأسهم في البورصات السعودية ضيق خيارات مؤسسة النقد السعودي العربي التي كانت تعتزم الحصول على 50 مليار دولار كدين عام داخلي حتى نهاية العام الجاري كما دفعها الى التوقف عن إصدار سندات تنموية بصورة إجبارية والسحب من الاستثمارات المالية الأجنبية للمملكة لسد العجز . فشل إدارة السعودية أزمتها المالية دون العودة إلى الإصلاحات فشلت وهو ما دفعها إلى الإعلان عن اعتزامها اجراء إصلاحات اقتصادية ، الأسبوع الماضي أعلنت وزارة البترول السعودي نيتها تحرير اسعار المشتقات النفطية دون ان تتطرق الى الحديث عن رفع الدعم عن الكهرباء والمياه الذي يؤكد خبراء اقتصاد ان رفع الدعم عن الخدمات سيكون له تداعيات سلبية بسبب العدد الكبير من السعوديين أصحاب الدخل المنخفض. مصادر اقتصادية خليجية أشارت الى ان تحرير أسعار الوقود يأتي في إطار خطة إصلاحات اقتصادية قد تطال عدداً من القطاعات كالضرائب والجمارك والتحويلات المالية بالنسبة للأجانب، وزيادة بعض الرسوم على تجديد الإقامات ورخص القيادة والخدمات البيروقراطية الرسمية الأخرى ، امس الاول اعلنت وزارة المياه والكهرباء السعودية عن رفع أسعار المياه للقطاعات غير السكنية بنسب تتراوح ما بين 50 % لحدود معينة من الاستهلاك، وبين 125 % ، في مستويات الاستهلاك القصوى ليرتفع سعر المتر المكعب من المياه للمستخدمين الصناعيين والحكوميين والشركات الكبيرة من 4 ريالات إلى 9 ريالات ، وأشارت الى ان تطبيق القرار سيبدأ منتصف ديسمبر المقبل . ونقلت رويترز عن مصادرها أن وزارة المالية السعودية أصدرت تعليمات للجهات الحكومية لإعادة ما لم تنفقه من أموال مخصصة لمشاريعها في ميزانية هذا العام وذلك في إطار سعيها لترشيد الإنفاق في ظل هبوط أسعار النفط. والأكثر من ذلك أن صحيفة “الغارديان” البريطانية نشرت مؤخراً ما قالت إنه مضمون رسالة سرية بعث بها العاهل السعودي الملك سلمان إلى وزير المالية في سبتمبر/ أيلول الماضي. وتنص على ضرورة اتخاذ إجراءات تقشفية لتقليص الإنفاق الحكومي في الأشهر الثلاثة الأخيرة من ميزانية العام الحالي، من بينها إيقاف جميع مشاريع البنى التحتية الجديدة، ووقف شراء أي سيارات أو أثاث أو تجهيزات أخرى، بالإضافة إلى إجراءات أخرى. وعلى الرغم من التدهور المتسارع للاقتصاد السعودي بسبب انخفاض أسعار النفط وارتفاع الإنفاق العسكري على حملته العدوانية على اليمن ، الا ان الرياض لاتزال تبرم عدد من صفقات السلاح مع عدداً من الدول الكبري فخلال الشهر الماضي أبرمت السعودية عدد من صفقات شراء السلاح مع أمريكا وفرنسا بأكثر من 20 مليار دولار لشراء بوارج عسكرية من الدولتين ، يأتي ذلك عقب ابرام عشرات الصفقات لشراء السلاح من روسيا بـ 12 مليار دولار وبريطانيا بـ 500 مليون دولار بالإضافة الى شراء طائرات عمودية من نوع بلاك هوك الأمريكية التي وافق عليها البنتاجون مؤخراً بقيمة 500 مليون دولار بالإضافة إلى شراء سفن وبوارج بحرية بقيمة 11مليار دولار كما وقعت الأسبوع قبل الماضي مع وزير الخارجية الفرنسي خلال زيارته للرياض صفقة سلاح بقيمة 10 مليارات دولار . ولم يتوقف انفاق المملكة على عدوانها في تبديد 60 مليار دولار لشراء اسلحة بل سعت الى شراء مواقف عدد من الدول العربية والأجنبية وبلغت المبالغ المالية التي حصدتها السنغال من السعودية مقابل المساهمة في 2000 جندي 2 مليار دولار بمعدل مليون دولار عن كل جندي ، كما دفعت مليار دولار للسودان و6 مليارات دولار كاستثمارات لمصر . وبعد ان جنت الخرطوم مليار دولار كوديعة سعودية في البنك المركزي السوداني ،عملت على رفع مكاسبها المالية من مشاركتها في العدوان على الشعب اليمني فمما يبدوا ان البشير شعر بان نصف مليون دولار مقابل مشاركة كل جندي سوداني لاتكفي وعلية ان يعزز مكاسبه ويتجاوز السنغال التي كانت تعاني من أزمة مالية كبيرة وتجاوزتها بعد حصولها على ملياري دولار من السعودي لقاء مشاركتها في عاصفة الحزم . امس الثلاثاء وقعت السعودية والسودان، في الرياض على أربع اتفاقيات بين الحكومتين بحضور العاهل السعودي والرئيس السوداني الذي وصل الرياض اليوم نفسه بعد ان تلقي وعود اقتصادية مغرية ، وتتعلق الاتفاقية الأولى، بحسب ما أوردته وكالة الأنباء السعودية (واس)، بمشروع اتفاق إطاري بشأن المشروع الطارئ لمعالجة العجز الكهربائي محطة كهرباء البحر الأحمر 1000 ميجاواط مع الخط الناقل. فيما تتعلق الاتفاقية الثانية بمشروع اتفاق إطاري بشأن الإسهام في خطة إزالة العطش في الريف السوداني وسقيا الماء للفترة من 2015م إلى 2020م ، أما الاتفاقية الثالثة، فتتعلق بمشروع اتفاق إطاري بشأن تمويل مشروعات سدود، (كجبار والشريك ودال). بينما تتعلق الاتفاقية الرابعة بالشراكة في الاستثمار الزراعي بين وزارة الزراعة السعودية ووزارة الموارد المائية والكهرباء في السودان في مشروع أعالي عطبرة الزراعي. وجائت الاتفاقيات المبرمة بين السودان والسعودية والتي تتجاوز تكلفتها المليارات من الدولارات، بعد أسبوعين من حصول فرنسا على صفقات تجارية تحت مسمى عقود تجارية واستثمارية بـ 11 مليار يورو وقعها وزير الخارجية الفرنسي مع وزير الجانب السعودي في الرياض في زيارته الأخيرة . وحسب تقديرات محللين اقتصاديين فإن فاتورة عدوان السعودية على اليمن اثقل كاهل الاقتصاد السعودي وفي حال استمرارها فان نفقات العدوان المباشرة ستفوق الـ 100 مليار دولار بعد ان تجاوزت الـ 50 مليار دولار في ستة أشهر، بالإضافة إلى ان متوسط ماتنفقة على المليشيات الموالية لها في الداخل اليمني يتجاوز المليار ريال ماليا من دون تكاليف السلاح والعتاد والمشتقات النفطية والتكاليف الأخرى ، يضاف الى تكفل الرياض بنفقات العشرات من المسئولين اليمنيين الموالين لها والمتواجدين في الرياض منذ سبعة أشهر . بوادر انهيار الإمبراطورية المالية للسعودية باتت واضحة ، كما أكدت تقارير كبريات مؤسسات التصنيف الائتماني ” فيتش “و “ستاندرد آند” التي خفضت تصنيف الديون السعودية الطويلة الأجل بالعملة الصعبة والمحلية درجة واحدة بسبب ما قالت إنه “تحول سلبي كبير” في الميزانية الحكومية. ولذات السبب تضاعفت المخاوف تكلفة التأمين على ديون الرياض السيادية بسبب المخاوف من خطر التخلف عن السداد امس الثلاثاء إلى أعلى مستوى لها منذ يونيو حزيران 2009 عندما كانت الأزمة المالية العالمية مشتعلة ، وبحسب بيانات لماركت ارتفعت تكلفة التأمين على الديون لخمس سنوات إلى 154.2 نقطة اليوم من 84 نقطة في منتصف سبتمبر ، وتجاوزت التكلفة هذا الأسبوع ذروة يناير كانون الثاني 2012 البالغة 147 نقطة والمسجلة في أعقاب انتفاضات الربيع العربي عام 2011 التي بدا لبعض المستثمرين أنها تنطوي على مخاطر سياسية كبيرة لأكبر بلد مصدر للنفط في العالم ، وبحسب بيانات لتومسون رويترز تشير أحدث أسعار التأمين على الديون إلى أن احتمال تخلف السعودية عن السداد يبلغ 10.27 بالمئة على مدى الأعوام الخمسة المقبلة. وأعلن امس الثلاثاء تراجع مؤشر الإمارات دبي الوطني لمديري المشتريات بالسعودية الذي يقيس نمو القطاع الخاص غير النفطي إلى 55.7 في أكتوبر تشرين الأول بعد التعديل في ضوء العوامل الموسمية مسجلا أدنى مستوياته منذ إطلاقه في أغسطس آب 2009. لكن المؤشر ظل فوق مستوى الخمسين نقطة الفاصل بين النمو والانكماش. واستهلك البنك المركزي السعودي 90 مليار دولار من الأصول الأجنبية منذ أغسطس آب 2014 مع قيامه بتدبير السيولة لتغطية عجز الميزانية المتوقع أن يتجاوز 150 مليار دولار العام الجاري. وعلى الرغم من امتلاك البنك المركزي السعودي 647 مليار دولار الا ان كافة المؤشرات تؤكد ان الرياض امام ازمة اقتصادية خانقة ، وفي حال عدم إقرار خطة تقشف واسعة النطاق فان كافة الاحتياطات المالية للسعودية مهددة بالزوال في حال استمرار العدوان على اليمن وانخفاض أسعار النفط في الأسواق العالمية ،الا ان خبراء يرون بان اقرار السعودية لخطة تقشف قد تنعكس على حياة المواطن السعودي برمته وقد تتسبب باضطرابات سياسية في ظل تصاعد الخلافات في اوساط الاسرة الحاكمة مؤخراً .
نقلا عن صحيفة الوسط