ليس بالضرورة أن تكون لاحس أحذية ليحترموك
عندما أعلن أخر استطلاع أن شعبية الرئيس البرازيلي السابق لويس ايناسيو لولا دي سيلفا وصلت إلى 90%? وهي أعلى نسبة بتاريخ البرازيل? فهي لم تأتي نتيجة تزييف او خوفا جماهيريا من نظام الحكم القائم? وإنما جاءت من دولة ديمقراطية لكل مواطنيها? وجاءت هذه النسبة بالضبط لتعبر عن موقف جماهيري واسع لرئيس برازيلي استطاع بإيمانه وإخلاصه لشعبه ووطنه ان ينتزع حب شعبه? حيث جاء هذا الاستطلاع ليفند بكل تأكيد كل المحاولات التي بذلها خصومه السياسيين على مدار 8 سنوات من الحكم لتشويه صورته أو المساس من مواقفه? فكل المحاولات فشلت لأنه اثبت بأنه ليس رئيسا للفساد والاستغلال والعنصرية والعبودية? وإنما رئيسا لكل البرازيليين? ولا فرق بين غني وفقير? طويل وقصير? اسود وابيض? رجلا وامرأة? قال نحن بدولة يحكمها القانون وكلنا متساوون أمام القانون.
عندما سئل عن سبب خسارته ثلاث مرات لانتخابات الرئاسة قبل فوزه عام 2002? قال لويس ايناسيو لولا دا سيلفا? بالواقع أن الطبقات الفقيرة والكادحة والتي تشكل الأغلبية كانت غير مقتنعة بأنه يمكن لإنسان فقير وعامل أن يعمل وينجح من اجل الفقراء والكادحين ليخرجوا من وضعهم الاجتماعي السيء? وكانت السنوات الماضية لفترة الحكم دليلا ساطعا بان الفقير والعامل رئيس البرازيل قد حقق للفقراء والكادحين ما لم تحققه البرجوازية على مدار مئات السنين? وكانت هذه النجاحات الكبيرة التي حققها الرئيس البرازيلي السابق سببا بإعادة انتخابه للمرة الثانية وسببا اساسيا لفوز مرشحته ديلما روسيف برئاسة البرازيل خلفا له.
لولا لم يدافع عن فاسد واحد بالبرازيل? فترك الأمور كلها لأجهزة الأمن ومراكز التحقيق المتخصصة والقضاء? فسقطت شخصيات من حزبه وأخرى تم تبرئتها من القضاء? لم يدافع عن آخيه الذي لم تثبت التحقيقات تورطه بالفساد? وأكد على مواجهة ومحاربة الفساد ومحاسبة الفاسدين مهما كانوا وأينما كانوا? فطالب كافة الأجهزة الأمنية ومدها بكل ما يلزم من جاهزية وإمكانيات لملاحقة الفساد ومقاومة الجريمة بالبرازيل وتوفير الأمن للمواطن البرازيلي.
ملايين العائلات خرجت من تحت خط الفقر وملايين أخرى انتقلت إلى الطبقات الوسطى? ووفر أكثر من عشرة ملايين فرصة عمل خلال فترة حكمه? ووصلت نسبة البطالة بالبرازيل إلى ادني مستوياتها نهاية العام الماضي? وهي ادني نسبة منذ عام 2000? وحرر تقريبا 33 ألف برازيلي من الرق? وكان له الفضل بنهضة اقتصادية لم تشهد لها البرازيل اطلاقا? ورفع نسبة احتياط البرازيل من 38 مليار دولار عند استلامه الحكم إلى أكثر من 285 مليار دولار نهاية العام الماضي? ليفوق الاحتياط البرازيلي ديون البرازيل الخارجية? وتتحرر من قيود البنوك الدولية وصندوق النقد الدولي.
احترم لولا معارضيه? واعتبر المعارضة أساسية من اجل بناء الدولة? رغم إدراكه أن معارضته هي طبقيا أكثر من كونها معارضة شكلية? برجوازية تريد أن تواصل احتكار السوق واستغلال واستعباد البشر لتزيد من إرباحها? فعرف كيف يتحالف مع البرجوازية وكيف يقاومها ويخاصمها? فاحترمته ايضا البرجوازية التي رأته زعيما وطنيا? ونائبه جوزيه الينكار هو من كبار البرجوازيين ومن أصحاب النفوذ الكبرى? والذي كان ايضا عنصرا مطمئنا للطبقة البرجوازية ورجالاتها لنزع خوفهم وبعث الطمأنينة بقلوبهم بان الحكومة لا تشكل خطرا على إي طبقة مهما كانت? وما دام الاستغلال والعبودية والانتهازية بعيدة عن المجتمع? والقانون هو السائد? فعلاقاته كانت مع البرجوازية قائمة على قاعدة الصراع والتحالف على مدار 8 سنوات من حكمه.
لقد فرض لولا احترام العالم للبرازيل ولسياساته? ونقل البرازيل من موقع التبعية لسياسات دولية الى موقع ان تلعب البرازيل دورا اساسيا بالسياسة الدولية? وكسب الاحترام من الدول المتقدمة? فيقول من خلال إحدى مقابلاته التلفزيونية باليوم الثاني بعد تركه الرئاسة? “لقد عاملونا بأننا ادني منهم? ربما لأننا كنا أول بلد مستعمر من قبل البرتغال? ومن ثم انجلترا وبعد ذلك من الولايات المتحدة الأمريكية? ونحن بقينا على هذا نقول أن الآخرين أفضل منا” ويضيف لولا “يقول نيلسون رودريغيز: أنت بالواقع بمستوى أدنى? فأنت جيد عندما تتكلم الانجليزية وأنت جيد عندما تتكلم الفرنسية” ويختم لولا حديثه قائلا: يريدوننا أن لا نكون من الأمم الرائدة? ولكن نحن امة رائدة”? وتحدث لولا عن حادثة حصلت معه أثناء مشاركته مع مجموعة الدول الثمانية الكبرى? عندما امتنع عن الوقوف إلى جورج بوش أثناء دخوله القاعة? حيث قال عندما دخلت القاعة لم يقف لي احدا ولم يصفقوا? فلماذا مطلوب مني أن أقف إلى بوش? فجاء بوش وصافحني رغم إني لم أقف له أثناء دخوله القاعة” فيختتم لولا إجابته بهذا الجانب قائلا ليس بالضرورة ان تكون لاحس أحذية…. وليس بالضرورة ان تكون خادما من اجل أن يحترموك”.