القاعدة في مصر.. وإمكانية الوجود تنظيمي?ٍا
يكاد يجمع الباحثون وعدد من الجهاديين السابقين ومسؤلون أمنيون على نفي أي وجود تنظيمي للقاعدة في مصر? لكن لم يستبعدوا إمكانية وجود خلايا أو بعض عناصر يمكن أن تستقبل رسائل القاعدة وتوجهاتها وتتفاعل معها في وقت من الأوقات أو في ظل أحداث ما. وقد كان للقاعدة عدد من المحاولات التي سعت من خلالها إلى إيجاد موطيء قدم لها في مصر إلا أنها لم تنجح حتى الآن? وظل التنظيم يعول على الخلايا المجهولة والعناصر ذات الاستعداد.
ومنذ تأسيس التنظيم الجهادي العالمي "الجبهة الإسلامية العالمية لقتال اليهود والنصارى" في أفغانستان عام 1998 ومصر في عيون القاعديين? وذلك لعدد من الأسباب: فهي من أولى بلدان العالم التي نشأت فيها جماعات العمل الإسلامي? وفي عقود لاحقة ظهر فيها الفكر الجهادي? والعمل المسلح? والخروج على النظام السياسي الحاكم فيها. وكانت ومازالت مصر إحدى أهم البلاد المنتجة للجهاديين? وقد خرج منها عدد كبير من القيادات الجهادية? فهي تحظى بنصيب الأسد من بين جنسيات قادة القاعدة في العالم وربما عناصرها أيض?ٍا. فضلا عن موقعها في قلب صراعات العالم العربي والإسلامي.
ولقد اعتمدت القاعدة في تأسيسها وانطلاقتها الأولى على نتاج الحالة الجهادية المصرية التي برزت أوائل ثمانينيات القرن الماضي? وخرج قادتها من البلاد عقب الصدام مع نظام الرئيس حسني مبارك. فقد شارك في عملية التأسيس الأولى للقاعدة عدد كبير من المصريين على رأسهم زعيم تنظيم "الجهاد" الدكتور أيمن الظواهري? الرجل الثاني في القاعدة? منظ?ر التنظيم وعقله الإستراتيجي? والرجل الأكثر تأثير?ٍا حتى في شخص زعيمها (أسامة بن لادن) وأفكاره. ورغم خروجه من مصر بما يزيد عن عقدين إلا أن الظواهري (وهو طبيب جراح) يعد متابع?ٍا دقيقا لكل ما يجري في البلاد? أصدر ـ وما يزال ـ عددا كبيرا من التسجيلات التي تناقش أدق القضايا المصرية? الداخلية والخارجية? وتواترت خطاباته في نقد الحكومة وسياساتها? ساعي?ٍا لأن يكون حاضر?ٍا في كل الأحداث والمجريات.
ومن بين من شهد الإنطلاقة الأولى للقاعدة من المصريين: رئيس مجلس شورى الجماعة الإسلامية السابق (رفاعي أحمد طه) ومسؤل جناحها العسكري? الموجود حالي?ٍا في السجون المصرية. و(محمد إبراهيم مكاوي) الشهير باسم "سيف العدل" الذي تعتقد المصادر الإعلامية وأجهزة استخبارات غربية أنه مسؤول عن جهاز الأمن في التنظيم? وأنه تولى معظم مهام القيادي الراحل في القاعدة (محمد عاطف) وهو مصري أيضا قتل مع عائلته في غارة جوية قرب العاصمة الأفغانية كابل? ويعتقد أن عاطف الذي عرف باسم "أبو حفص المصري" كان القائد العسكري للتنظيم. و(مصطفى أبواليزيد) عضو مجلس شورى القاعدة? ورجل الاقتصاد الأول فيها? وهو الرجل الثالث بعد بن لادن والظواهري? وكان يمثل همزة الوصل بين الأول وحركة طالبان في أفغانستان? كما كانت له يد في كل شئ من الشؤون المالية إلى تخطيط العمليات.
بذلت القاعدة عددا من المحاولات التي سعت من خلالها إلى إيجاد نواة تنظيمية لها داخل البلاد? ففي أوائل أغسطس من العام 2006 أعلن أيمن الظواهري? في تسجيل له أن جناحا?ٍ في "الجماعة الإسلامية" المصرية قد انضم إلى القاعدة. وكان حريص?ٍا في إعلانه على التوضيح أن الذين انضموا يمث?لون فقط "جناحا?ٍ" في الجماعة التي كانت قيادتها في مصر متمسكة بالمبادرة السلمية التي أعلنتها منذ سنوات وأصدرت لها تأصيلات شرعية دانت فيها بشدة أفكار القاعدة وممارساتها. ذكر الظواهري "من هذه الكوكبة الثابتة المرابطة" أبو جهاد المصري محمد خليل الحكايمة? وهو أحد قيادات الصف الثالث السابقين بالجماعة الإسلامية في صعيد مصر? وقد ظهر في الشريط بجوار الظواهري يقرأ بيان الانضمام. وكان مما قاله الحكايمة: إن للجماعة الإسلامية "أدبيات وأبحاثا?ٍ حددت أصولها الشرعية وعرضت تلك الأبحاث علي بعض هيئة كبار العلماء بمكة المكرمة عام 1988 حيث أقروها". منتقدا أعضاء الجماعة الذين تراجعوا عن أفكارهم من داخل السجون المصرية? إذ "لا يصح للأخوة أن يبدلوا هذا المنهج الذي اتفقت عليه الجماعة"? واعتبر ذلك الرجوع ينطوي على أخطاء شرعية وانه ناجم عن ضغوط أمريكية وحكومية.
وفي محاولة لتأكيد هذا الانضمام? صدر بيان منسوب لبعض العناصر السابقة في الجماعة الإسلامية يصفون أنفسهم بـ "الثابتين علي العهد" يكرر أن الجماعة انضمت لتنظيم قاعدة الجهاد? وأن قطاعا?ٍ ضخما?ٍ منها "لا صلة له بما قامت به فئة من الجماعة"? في إشارة إلى مبادرة وقف العنف? التي "بدلت منهجها تحت مكر وضغط كبيرين