احنا دافنينه سوا !!
الكل تقريبا سمع المثل الشعبي المصري (احنا دافنينه سوا ) ولكن قد يكون هناك من لايعرف قصة هذا المثل وهي ان شخصين كان لديهما حمار يعتمدان عليه في تمشية امورهما المعيشية ونقل البضائع من قرية الى اخرى , وأحباه حتى صار كأخ لهما يأكلان معه وينام جنبهما وأعطياه اسما للتحبب هو ابو الصبر , وفي أحد ألأيام وأثناء سفرهما في الصحراء سقط الحمار ونفق , حزن الأخوين على الحمار حزنا شديدا ودفناه بشكل لائق وجلسا يبكيان على قبره بكاء مرا , وكان كل من يمر يلاحظ هذا المشهد فيحزن على المسكينين ويسألهما عن المرحوم فيجيبناه بأنه المرحوم أبو الصبر و كان الخير والبركة و يقضي الحوائج ويرفع الإثقال ويوصل البعيد, فكان الناس يحسبون انهما يتكلمان عن شيخ جليل او عبد صالح فيشاركونهم البكاء وشيئا فشيئا صار البعض يتبرع ببعض المال لهما ومرت الايام فوضعا خيمة على القبر وزادت التبرعات فبنيا حجرة مكان الخيمة والناس تزور الموقع وتقرأ الفاتحة على العبد الصالح الشيخ الجليل ابو الصبر وصار الموقع مزارا يقصده الناس من مختلف الأماكن وصار لمزار ابو الصبر كرامات ومعجزات يتحدث عنها الجميع فهو يفك السحر ويزوج العانس ويغني الفقير ويشفي المريض وكل المشاكل التي لاحل لها, فيأتي الزوار ويقدمون النذور والتبرعات طمعا في أن يفك الولي الصالح عقدتهم , واغتنى الأخوين وصارا يجمعان الأموال التي تبرع بها الناس السذج ويتقاسمانها بينهما . وفي يوم اختلف الاخوين على تقسيم المال فغضب احدهما وارتجف وقال :
– والله سأطلب من الشيخ ابو الصبر (مشيرا إلى القبر ) ان ينتقم منك ويريك غضبه ويسترجع حقي .
ضحك اخوه وقال :
– اي شيخ صالح يا أخي ? انسيت الحمار? دا احنا دافنينه سوا !!
ودون ذكر كم من حمار دفنناه بايدينا ثم تحول بقدرة قادر الى شيخ صاحب كرامات وكم من هذه المزارات الوهمية موجودة في عالمنا العربي والتي تثبت براعتنا في خلق الاوهام وتخليد ذكرى ابطال لاوجود لهم على ارض الواقع, فقد تذكرت هذا المثل عندما رأيت كيف تتناقل المواقع قصة من خيالي كتبتها لغرض العبرة والتذكير اسميتها (هنيئا لك الحج ياسعيد) التي ما أن نشرتها حتى صارت تتداول بشكل واسع , وكان أول مافعله المتداولين هو حذف اسمي من القصة !!! ومن ثم شيئا فشيئا صارت القصة تتداول على انها واقعة حقيقية وحصلت وصار البعض يضيف عليها من عنده انه يعرف بطل القصة سعيد !! وان الرجل مبروك ومكشوف عنه الحجاب كما يقال !!
ومازالت القصة الى يومنا تتداول على هذا الاساس ولأ ني لا ارغب بأي شكل ان أكون قد ساهمت في بناء مزار( لأبو صبر) اخر ونصبح وقد صار لدينا مزار لسعيد وحيد فريد , فأني اعلن على الملأ ان قصة( هنيئا لك الحج ياسعيد) ليست قصة حقيقية وأن لاوجود لشخص اسمه سعيد وحيد فريد وأن الغرض من القصة كان التشجيع على عمل الخير وليس خلق كرامات وهمية لشخص ليس له وجود !! وهذه حقيقة مؤسفة تثبت مدى خطورة الرسائل التي تتداول عبر النت وتحمل صورا او حوادث او كرامات وتحاول تصويرها للقارئ على أنها أشياء حقيقية والكثير منها فيه شرك وكفر وتحريض وتضليل للأفكار .
و أخيرا أوجه كلامي للصوص الكلمة أنا بعرضكم تسرقون قصصي بكل وقاحة وقلة أدب وشرف وضمير وفهمناها, تنسبوها لأنفسكم المريضة الخالية من كل إبداع ومشيناها , ولكن بالله عليكم لاتجعلوني شريكا في دفن حميركم النافقة وبناء مزارات وهمية عليها .