القاص المغربي سعيد رضواني يقدم للقصة المغربية عوالمه السردية بإصدار مجموعته: “مرايا “
صدر للقاص المغربي سعيد رضواني حديثا عن دار التنوخي للطباعة والنشر والتوزيع بالدار البيضاء? وفي حلة أنيقة كصاحبها? مجموعته القصصية الأولى الموسومة ب”مرايا “.
يقع العمل القصصي في 73 صفحة? ويضم 11 نصا قصصيا? يتسم بغلافه المزخرف بمرآة لوجهين متماثلين يمثل لا – محالة – كل واحد منهما عالما متقابلا في المعنى? وفي الوقائع المتشابهة التي تخلق ندا مشابها للند الأول والثاني وباقي البقية في تجربة المبدع سعيد رضواني? المتسمة بالخروج عن المألوف في الصياغة والتأويل لوقائع الأحداث والقضايا المطروحة ?كما يزخر العمل بمفاهيم فلسفية عمد الكاتب الى تخطيطها في مرآته التي تعكس أوجها ومرايا تتماثل وتتعدد حسب طبيعة ونوعية كل “مرآة”? وكل شبه جديد استنبطه رضواني من مخيلته التي استطاعت أن تخلق لنا أوجها متعددة من كل شخصية على حدى . وقد خص شيخ القصاصين المغاربة أحمد بوزفور هذه المجموعة القصصية بمقدمة رصد فيها معالم “مرايا”? و كيفية الكتابة عن صاحب هذه المرايا ? بقوله: ” “مرايا” تتميز بخاصيتها الفريدة: (المرآة). كل قصة من قصصها تنسج في وجدان القارئ هذه الإمكانية الخارقة التي يتمتع بها خيال الإنسان: إمكانية مضاعفة العالم? إمكانية أن تخلق لكل شيء ند?ا? ولكل حيوان شبيها? ولكل إنسان قرينا. أن تخلق في السماء سماء? وفي البحر بحرا? وللصورة صورا? وللصدى أصداء لا تنتهي إلا لتبدأ من جديد. هذه الأرجوحة اللغوية تدوخ القارئ? ولكنها دوخة ممتعة إلى حد الأوركازم. أليس الجنس مضاعفة للخلق?
(مرايا) ليست مجموعة قصصية? إنها كتاب قصصي? ولكنه كتاب أ?ِزلي سرمدي لا ينتهي? لأنه يتضاعف في كل صفحة? في كل جملة? في كل كلمة? كأنه التحقيق العيني لذلك الكتاب الذي كان يحلم به بورخيس.
وربما كان مما يضاعف متعة هذا الدوار اللذيذ في(مرايا) لغة?ْ الكتاب الجميلة الكامنة خلف هذا العالم المتعاكس المتصادي? إذ? كلما تضاعفت تفاصيل هذا العالم? كلما توارت اللغة التي تعبر عنه. لغة شفافة كصباغة التشكيلي المحترف? تبرز الموضوع وتختفي وراءه. لا تهتم بالبلاغة لأنها مشغولة بالتعبير? ولا باللعب اللغوي لأنها تلعب بالأشياء وصور الأشياء. لكنها وهي تطرح مساحيق التجميل? تحرص كل الحرص على اكتمال أدواتها? حتى لا ي?ْش?ِت??ت?ِ ذهن?ِ القارئ (الملعوب به) تجميل ولا نقص.
هل يمكن أن نقول إن (مرايا) تطرح في العمق فلسفة الخلق الفني التي لم تنفد مقارباتها المتضاعفة منذ محاكاة أرسطو?
هل يمكن أن نقول إن (مرايا) تعيد إلى القصة المغربية خصوبة الخيال وألعابه الممتعة بعد أن كاد يطغى عليها اللعب الشكلاني بالألفاظ?
هل يمكن أن نفرح بميلاد كاتب حقيقي? وأن نهنئ به هذه الأم الولود المنجبة التي تفاجئنا باستمرار? بأبنائها وبناتها المتضاعفين: القصة المغربية?
أترك الجواب| الأجوبة للقارئ العزيز. ”
و لعل العنوان الطافح بالأسئلة والمشاكسات في الغوص بالاستفهامات الذي اختاره الكاتب لمجموعته القصصية “مرايا” ? فان امتاز بشدة اختزاله? فهو يحمل في طياته دلالات و انسياقات في العمق محتملة العديد من أسئلة الملاحظة و التفسير و التأويل الى كل الأشياء المتماثلة في الأفكار و التجارب و الرؤى? فهو في الحقيقة اسم لجسم حساس قبل كل شي ? يقبل كل شيئ? و يغازله القبيح و الجميل من الأشياء التي تخالطه وتخالطنا في حايتنا اليومية ? وخاصة منها التي تقع أثناء فعل الكتابة ? و هذا الاختيار ? بقدرما يثير الدهشة لدى المتلقي ? فانه يبدأ في اللحظة الأولى بولوج عمق المجموعة القصصية. فمنذ القصة الأولى الموسومة ب” مرايا الأحلام” يجد القارئ نفسه في عالم تنضح جوانبه بالتماثلات المتقاطعة ? في عالم تتماثل فيه الأفكار و الرؤى? فيصبح الانسان وليد اختلاطات و ايديولوجيات تحكمت فيها وقائع سابقة.
كما تتناول باقي المرايا القصصية في المجموعة الواقع الحقيقي? بل تشخصه في عدة أصوات تلعب أدوارها الرئيسية في كل قصة من المجموعة? والتي يمكن أن تكون شاهدة على أحداث واقعية? وأخرى ربما تخيلها الكاتب? فجعلها تمشي وتجري في فضاءات و أزمنة خاصة بالكاتب? والتي أضحت وليدة أخرى وسابقة بكيفية برع في ثمثيلها في كل قصة على حدى . هذه النمطية الكتابية التي نقش من خلالها سعيد رضواني عمله الأول? ذات أبعاد تأويلية مختزنة لمفاهيم و أبعاد متخيلة? تنبني على أسلوب يتميز بالبساطة القادرة على السيطرة على المواقف الصعبة ? التي تتشظى فيها الذات? وتصير متعددة الوجوه الى مالانهاية من المرايا… فالكتابة في المجموعة القصصية عند القاص المغربي المتميز سعيد رضواني تنطلق من مغامرة البحث عن الحدود القصوى? عن تخوم المعنى فيما وراء الذات? فالأمكنة و الأشياء البسيطة مثلا التي نسجها و لا يعيرها بقية الناس اهتماما? هي التي تمنح العالم قيمته? وتملأ فراغاته بالدلالة? ومن هذا التشظي تبرز الشخصيات ككائنات شفافة? يستطيع كل واحد منها أن ينظر الى ذاته فيرى الآخر? أو ينظر الى الأخر فيرى ذاته? مع مايتطلبه ذلك من