عاشوراء يوم النصرين
في صحيح البخاري “ع?ِن? اب?ن? ع?ِب??ِاس?ُ ر?ِض?ي?ِ الل??ِه?ْ ع?ِن?ه?ْم?ِا? ق?ِال?ِ: ل?ِم??ِا ق?ِد?م?ِ الن??ِب?ي??ْ ص?ِل??ِى الله?ْ ع?ِل?ِي?ه? و?ِس?ِل??ِم?ِ الم?ِد?ين?ِة?ِ و?ِج?ِد?ِ الي?ِه?ْود?ِ ي?ِص?ْوم?ْون?ِ ع?ِاش?ْور?ِاء?ِ? ف?ِس?ْئ?ل?ْوا ع?ِن? ذ?ِل?ك?ِ? ف?ِق?ِال?ْوا: ه?ِذ?ِا الي?ِو?م?ْ ال??ِذ?ي أ?ِظ?ف?ِر?ِ الل??ِه?ْ ف?يه? م?ْوس?ِى? و?ِب?ِن?ي إ?س?ر?ِائ?يل?ِ ع?ِل?ِى ف?ر?ع?ِو?ن?ِ? و?ِن?ِح?ن?ْ ن?ِص?ْوم?ْه?ْ ت?ِع?ظ?يم?ٍا ل?ِه?ْ? ف?ِق?ِال?ِ ر?ِس?ْول?ْ الل??ِه? ص?ِل??ِى الله?ْ ع?ِل?ِي?ه? و?ِس?ِل??ِم?ِ: ن?ِح?ن?ْ أ?ِو?ل?ِى ب?م?ْوس?ِى م?ن?ك?ْم?? ث?ْم??ِ أ?ِم?ِر?ِ ب?ص?ِو?م?ه?” (كتاب المناقب? باب إتيان اليهود النبي صلى الله عليه وسلم حين قدم المدينة).
فإلى جانب دلالات أننا أولي بسيدنا موسى عليه وعلى نبينا أفضل الصلوات والسلام من يهود ? أكرم الله سبحانه وتعالى نبيه وكليمه سيدنا موسى على نبينا وعلى آله أفضل الصلاة والسلام في يوم عاشوراء بالنصر على عدوه ? وكلنا نعرف قصة سيدنا موسى عليه وعلى نبينا أفضل الصلاة والسلام ? إلى حين أمر الله تعالى رسوله بأن يسري ببني إسرائيل خروجا?ٍ من طغيان فرعون الذي تملكه الكبر والكبرياء ? والكبر إذا تمكن من القلب مع وجود سلطة ما من قوة أو مال أخذه إلى معاني الطغيان ? والطغيان يخرج الإنسان عن الثبات وإتزان التصرف.
حتى إذا وصل بنو إسرائيل إلى حد البحر وتلاقى الجمعان وأدركوا أنهم قد أحيط بهم من البر والبحر و أسقط في أيديهم إذ لم يعد لهم من الأسباب من شيئ? فها هو فرعون يلاحقهم ويطبق عليهم بكل كبريائه وجبروته? قالوا :” إ?ن??ِا ل?ِم?ْد?ر?ِك?ْون?ِ”? فما كان جواب سيدنا موسي إلا قوله :” ك?ِل??ِا إ?ن??ِ م?ِع?ي?ِ ر?ِب??ي س?ِي?ِه?د?ين? ” ? فالهداية والنجاة التي كان يرتقبها عليه السلام لم تكن من التخطيط ولا التدبير ? فهذا كله من قبيل الأخذ بالأسباب التي تعبدنا الله بضرورة الأخذ بها ? لكن اعتماده عليه السلام كان على مسبب ورب الأسباب ? فإذا توقفت الأسباب الدنيوية وانتهت إلى حصار البر والبحر وإطباق فرعون وجنوده عليهم من كل جانب ? فإن رب الأسباب ومسببها باق سبحانه وتعالى.
وهذا يورث في قلوب المؤمنين حقيقة اليقين وعدم الاهتزاز ? وعندما يمتلئ قلب المؤمن بأن الله معه تظهر عجائب آيات وقدرات الله تعالى في التثبيت والنصر? فما ظنكم بطائفتين دخلتا بقعة واحدة من البحر فينجى الله تعالى بفضله الأولى ويغرق الثانية ? لأن الأولى دخلتها باعتماد على الله عز وجل وثقة بموعوده ونصره ? ودخلتها الثانية باعتماد على الطغيان وآلة الحرب وعدم تكافؤ العدد والعتاد.
فهذا من معاني يوم عاشوراء فيما يتصل بالنصر الأول ? والتي جعلها نبينا عليه وآله الصلاة والسلام مناسبة خاصة بنا تستوجب شكر المنعم سبحانه وتعالى بصوم يوم عاشوراء ? إذ نحن أولى بموسى من اليهود.فعن ابن عباس رضي الله عنهما قال :” أ?ِن??ِ الن??ِب?ي??ِ ص?ِل??ِى الله?ْ ع?ِل?ِي?ه? و?ِس?ِل??ِم?ِ? ل?ِم??ِا ق?ِد?م?ِ الم?ِد?ين?ِة?ِ? و?ِج?ِد?ِه?ْم? ي?ِص?ْوم?ْون?ِ ي?ِو?م?ٍا? ي?ِع?ن?ي ع?ِاش?ْور?ِاء?ِ? ف?ِق?ِال?ْوا: ه?ِذ?ِا ي?ِو?م?َ ع?ِظ?يم?َ? و?ِه?ْو?ِ ي?ِو?م?َ ن?ِج??ِى الل??ِه?ْ ف?يه? م?ْوس?ِى? و?ِأ?ِغ?ر?ِق?ِ آل?ِ ف?ر?ع?ِو?ن?ِ? ف?ِص?ِام?ِ م?ْوس?ِى ش?ْك?ر?ٍا ل?ل??ِه?? ف?ِق?ِال?ِ : أ?ِن?ِا أ?ِو?ل?ِى ب?م?ْوس?ِى م?ن?ه?ْم?? ف?ِص?ِام?ِه?ْ و?ِأ?ِم?ِر?ِ ب?ص?ي?ِام?ه? ( صحيح البخاري? باب وهل أتاك حديث موسى) ? بل ووصفه عليه الصلاة والسلام بقوله :” إ?ن??ِ ع?ِاش?ْور?ِاء?ِ ي?ِو?م?َ م?ن? أ?ِي??ِام? الله?”( صحيح مسلم? باب صوم يوم عاشوراء).
ومن فضل يوم عاشوراء أن قريشا?ٍ والعرب في الجاهلية كانت تعظم هذا اليوم وتصومه? فعن عائشة أم المؤمنين رضي الله عنها قالت:” ك?ِان?ِ ي?ِو?م?ْ ع?ِاش?ْور?ِاء?ِ ي?ِو?م?ٍا ت?ِص?ْوم?ْه?ْ ق?ْر?ِي?ش?َ ف?ي الج?ِاه?ل?ي??ِة? و?ِك?ِان?ِ الن??ِب?ي??ْ ص?ِل??ِى الله?ْ ع?ِل?ِي?ه? و?ِس?ِل??ِم?ِ ي?ِص?ْوم?ْه?ْ? ف?ِل?ِم??ِا ق?ِد?م?ِ الم?ِد?ين?ِة?ِ ص?ِام?ِه?ْ? و?ِأ?ِم?ِر?ِ ب?ص?ي?ِام?ه?? ف?ِل?ِم??ِا ن?ِز?ِل?ِ ر?ِم?ِض?ِان?ْ ك?ِان?ِ م?ِن? ش?ِاء?ِ ص?ِام?ِه?ْ? و?ِم?ِن? ش?ِاء?ِ لا?ِ ي?ِص?ْوم?ْه?ْ”( صحيح البخاري? باب أيام الجاهلية)? مع حثه عليه الصلاة والسلام على فضل صوم يوم عاشوراء بقوله :”و?ِص?ي?ِام?ْ ي?ِو?م? ع?ِاش?ْور?ِاء?ِ? أ?ِح?ت?ِس?ب?ْ ع?ِل?ِى الله? أ?ِن? ي?ْك?ِف??ر?ِ الس??ِن?ِة?ِ ال??ِت?ي ق?ِب?ل?ِه?ْ” ( صحيح مسلم? باب استحباب صيام ثلاثة أيام من كل شهر).
لكن هناك معاني أخرى للنصر وإن لم يظهر بادي الرأي للناس معنى النصر فيها? فهل نعد على سبيل المثال ما جرى في غزوة أحد نصرا?ٍ ? وكيف نسميه نصرا?ٍ رغم ما به من قتلى وجرحى وتمثيل بالأجساد ? إن وجه النصر في هذا الموقف هو ما تعلمه الصحابة رضي الله عنهم أجمعين من أن النصر قرين الثبات على المنهج والثبات على أمر رسول الله صلى الله عليه وعل