وماذا تقول ويكيليكس في إبليس?!
أثارت الوثائق التي سربتها ويكيليكس جدلا?ٍ سياسيا?ٍ واسعا?ٍ في الشارع العربي? وأججت فوضى عارمة في العالم العربي? تماما?ٍ كما يثير الحجر الملقى في الماء الراكد الأوساخ المتراكمة فيه? فالعالم العربي يشبه الماء الراكد? الذي إذا تركته أسن وتلوث? وإذا حركته تكدر. ولا أتوقع من تسريب ويكيليكس للوثائق أكثر من إثارة الفوضى في منطقتنا العربية والإسلامية بهدف تشتيت الرأي العام العربي? إضافة إلى خلق أجواء فوضوية مواتية لتنفيذ أجندة الولايات المتحدة والكيان الصهيوني في مرحلة ما بعد الفشل العسكري الصهيوأمريكي في إعادة صياغة المنطقة العربية والإسلامية.
وقد يرى كثير ممن يحسنون الظن بأهداف ويكيليكس أن تسريبها للوثائق يساعد على التغيير المنشود في منطقتنا? وكأن التغيير في منطقتنا يحتاج إلى مبررات إضافية بمساعدة ويكيليكس! وأقول لهؤلاء المتفائلين إن مبررات التغيير والإصلاح في العالم العربي متوفرة? ولكن أبواب التغيير مغلقة بأقفال الاستبداد الرسمي وضعف الوعي الشعبي وغياب القيادات الشعبية القادرة على القيادة نحو التغيير? ولن تكسر ويكيليكس هذه الأقفال. ويجب علينا أن لا نغفل المرحلة التي بدأت فيها ويكيليكس بتسريب آلاف من وثائقها? وأقصد بذلك المرحلة التي وصلت إليها الولايات المتحدة في مشروعها لإعادة صياغة منطقتنا العربية والإسلامية. فأمريكا اليوم ليست أمريكا القرن الماضي? بمعنى أن القوة العسكرية لم تعد قادرة على تحقيق أهداف الولايات المتحدة في منطقتنا وتشكيل شرق أوسط جديد. ولذلك فإن الفوضى والدبلوماسية وتكنولوجيا المعلومات والإعلام هي كل ما تملكه الولايات المتحدة اليوم لتحقيق أهدافها في منطقتنا? أو على الأقل في إبقاء منطقتنا مسرحا?ٍ لكل أنواع الصراعات. وتحرص الولايات المتحدة دائما على تأجيج الصراعات والانقسامات الداخلية في بلادنا? وعلى زعزعة الأنظمة السياسية الحاكمة? من أجل ابتزاز الرؤساء والملوك والزعماء السياسيين? ولإجبارهم على تنفيذ الأجندة الأمريكية? ودفع الأموال الباهظة للأمريكيين.
نوع الوثائق التي تسربها ويكيليكس بشكل انتقائي? والآلية التي تستخدمها لفحص صحة الوثائق التي تصل إليها من مصادر مجهولة الهوية? يجعلني أرى أن ويكيليكس هي محرك للفوضى في منطقتنا? وربما في العالم كافة? وذلك عبر نشر البلبلة السياسية التي تؤدي إلى تأجيج الصراع والانقسام في بلادنا? وتشتيت الرأي العام العربي? وصرف اهتمام العرب عن دوائر الاهتمام الحقيقية التي يجب أن تشغلهم وتستحوذ على اهتمامهم? إضافة إلى تحويل الصراع من عربي – صهيوني إلى عربي – إيراني? وتمكين الولايات المتحدة من ابتزاز الرؤساء والملوك العرب من خلال نشر فضائحهم وإفشاء أسرارهم. ولذلك فإن معظم الوثائق التي تسربها ويكيليكس تتعلق بمنطقتنا العربية والإسلامية وتستحوذ على اهتمام ويكيليكس في الوقت الراهن? مع تفجير فقاعات سياسية في مناطق أخرى من العالم للتغطية على أهدافها الحقيقية من وراء تسريب الوثائق. وقد أكد مؤسس موقع ويكيليكس “جوليان أسانج” هذه الحقيقة في مقابلة أجراها معه أحمد منصور في 27/11/2010 عندما قال: “بالنسبة للعالم العربي معظم المواد التي نشرناها هي من الولايات المتحدة أو من دول غربية تتحدث عن انخراطها في العالم العربي”.
ولذلك يجب ألا نثق في ويكيليكس? ببساطة لأن الجهات التي تديرها غير معروفة وغير موثوق بها بالنسبة لنا? ولأن الآلية التي تتبعها ويكيليكس في عملها تعتمد على أطقم من الصحفيين والرياضيين والمحللين السياسيين وغيرهم? إضافة إلى أنها تستخدم التكنولوجيا في التجسس على الدبلوماسية الأمريكية? وذلك للوصول إلى استنتاجات سياسية معينة وتحديد مدى صحة الوثائق التي تحصل عليها من مصادر مجهولة الهوية. وتؤكد ويكيليكس في موقعها أن تحديد صحة الوثائق التي تسربها يعتمد على مدى اقتناع القارئ لها بالدليل الذي تقدمه ويكيليكس? فالقارئ لهذه الوثائق هو الذي يحدد مدى مصداقيتها من خلال الدليل الذي تقدمه ويكيليكس.
وبعبارة أخرى? لا توجد جهة رسمية تتحمل مسؤولية ما تنشره ويكيليكس من الوثائق التي تصل إلى موقعها من جهات مجهولة الهوية? فكل شخص يستطيع تسليم وثائقه لويكيليكس عبر موقعها بطريقة آلية ودون تقديم الدليل أو إعلان هويته… وهنا أتساءل: ما الذي يجبرنا على أن نصدق الوثائق التي تسربها ويكيليكس?? ولماذا لا نعتمد على مصادرنا الخاصة في كشف الأسرار ومعرفة الحقائق?!
وهنا أنوه إلى أن الولايات المتحدة تهاونت كثيرا?ٍ في التعامل مع ويكيليكس وخصوصا أن “هيلاري كلنتون” أعلنت عن أسفها العميق على تسريب ويكيليكس لوثائق تضر بالدبلوماسية الأمريكية وحلفاء الولايات المتحدة العرب? بحسب ما ذكر موقع واشنطن بوست? وأن الإف بي آي قد وجه اتهاما?ٍ لمؤسس ويكيليكس بالتجسس مع التأكيد على عدم اتخاذ الإف بي آي أي إجراء قانوني ضد ويكيليكس.
وإذا كانت ويكيليكس قد سربت وثائق تفضح شخصيات رسمية عربية من النوع الثقيل? وتكشف وسوستهم ونفاقهم وتواطئهم? فل