لبنان فوق بركان
أستغرب اللامبالاة العربية بما يدبر للبنان ويجهز لتفجيره من الداخل?
وأستغرب أكثر أن يكون أبرز المعنيين الإقليميين بما يجري هناك هم الأتراك والإيرانيون والإسرائيليون ولا تسأل عن اللاعبين الغربيين بطبيعة الحال.
– 1 –
رأس حزب الله مطلوبة بشدة? ليس فقط لإلحاق لبنان بقطار التسوية وتعميده في معسكر «الاعتدال»? ولكن أيضا?ٍ لتأمين ظهر إسرائيل قبل توجيه الضربة العسكرية إلى إيران? لكي يهدأ بال الدولة العبرية وتنصب «القبضاي» الأوحد في المنطقة? ومن ثم يتم تركيعها بالكامل.
هذا منطوق يلخص المطلوب باختصار شديد? وهو يحتاج إلى بعض الشرح? ذلك أنه بعد توقيع اتفاقيات كامب ديفيد في عام 1979 بما أدى إليه من خروج مصر من ساحة الصراع? ومن ثم انكسار العمود الأساسي في البنيان العربي? أصبحت التطلعات الإسرائيلية بغير حدود? لكن فرحتها آنذاك بإنجازها الذي اعتبرته «التأسيس الثاني لدولة إسرائيل» لم تكتمل? نظرا?ٍ لانتصار الثورة الإسلامية بإيران في العام ذاته ومساندتها لمعسكر الصمود الذي وقفت فيه سورية آنذاك لتحالفه مع فصائل المقاومة الفلسطينية.
وشاءت المقادير أن ينقلب السحر على الساحر بعد الغزو الإسرائيلي للبنان في عام 1982? لأن حزب الله خرج من رحم تلك المغامرة? وتحول إلى شوكة في خاصرة إسرائيل.
وبرزت خطورة دوره حين أجبرها على الانسحاب بليل من جنوب لبنان? وحين تحداها وفاجأها بقدرته على التصدي لها في محاولة الاجتياح التي قامت بها في عام 2006? وهي التجربة التي لم تكن موجعة لإسرائيل فحسب? وإنما كانت مهينة لها أيضا?ٍ ولم يقف دور حزب الله عند ذلك الحد? وإنما أهلته قدرته وإنجازاته لأن يتحول بمضي الوقت إلى لاعب مهم للغاية في الحياة السياسية اللبنانية? نجح في أن يوقف مخططات إلحاق لبنان بمعسكر التطبيع مع إسرائيل.
إزاء ذلك أصبح حزب الله عقبة كأداء يتعين إزالتها. وكانت إسرائيل ومعها الولايات المتحدة الأمريكية بطبيعة الحال? أكثر الأطراف التي ألحت على ذلك?
وتضاعف ذلك الإلحاح حين برز المشروع الثوري الإيراني في الأفق? واعتبرته إسرائيل خطرا?ٍ يهدد نفوذها ووجودها? فقررت منذ اللحظة الأولى ان ذلك المشروع ينبغي أن يدمر? كما فعلت من قبل مع المفاعل النووي العراقي? وإنجاز ذلك يتطلب تأمين الجبهة المحيطة بإسرائيل? خصوصا?ٍ حزب الله? لعلمهم أن لديه أسلحة وصواريخ تستطيع الوصول إلى تل أبيب? وهو ما أعلنه صراحة السيد حسن نصر الله في إحدى خطبه.
– 2 –
يوم الخميس الماضي 1/25 نشر موقع «كاونتر بانش» الالكتروني الأمريكي فقرات من حديث لمساعد وزيرة الخارجية الأمريكية والسفير السابق في لبنان جيفري فيلتمان إلى السفيرة الحالية في بيروت مورا كونيلي التي كانت مساعدة له?
قال فيه? لقد حاصرت حزب الله وستشاهديننا ونحن نمزقه ونقضي عليه بضربات بطيئة من خلال استخدامنا لقرار الأمم المتحدة 1757? وستكون تلك هديتي إلى لبنان بمناسبة عيد الميلاد».
بطبيعة الحال تم نفي هذا الكلام وتكذيبه? على الرغم من أن شواهد الواقع لا تستبعده? وفي هذا السياق نقلت صحيفة الشرق الأوسط في 11/26 عن بلال فرحات النائب عن حزب الله قوله إن فيلتمان ذكر أمام الكونغرس أنهم خصصوا 500 مليون دولار لضرب صورة حزب الله? وتبين لاحقا?ٍ ان الرقم تخطى المليار دولار».
كانت قضية اغتيال الرئيس رفيق الحريري هي الكمين الذي نصب لاصطياد حزب الله والانقضاض عليه من خلال قرارات مجلس الأمن والمحكمة الدولية?
وكانت الوسيلة التي اتبعت في ذلك هي محاولة اثبات ضلوع قيادات حزب الله (مثل الشهيد عماد مغنية وأربعة آخرين ترددت أسماؤهم) في ترتيب عملية القتل التي تمت في عام 2005? وشكلت على إثرها لجنة دولية للتحقيق تمهيدا?ٍ لنظر الموضوع أمام محكمة دولية لمعاقبة الفاعلين. وهو الإجراء الذي لم يتخذ مثلا?ٍ في حالة تسميم الرئيس ياسر عرفات وقتله قبله بعام واحد (2004)? على الرغم من أن الجريمة كانت أخطر وأثرها في خرائط المنطقة أهم بكثير.
ما أثار الانتباه في هذا الصدد أن المحكمة التي شكلتها الأمم المتحدة لمحاسبة المسؤولين عن قتلة الحريري تمت تحت الفصل السابع من ميثاقها الذي تجيز بنوده استخدام القوة المسلحة لتنفيذ ما تقضي به? كما أنها تسمح بمقاطعة الدولة التي تمتنع عن تنفيذ الحكم.
خلال السنوات الخمس التي مرت لم تتوقف التحقيقات التي أثارت لغطا?ٍ كبيرا?ٍ? سواء في اتجاهها صوب سورية التي كانت أول من اتهم في العملية أو في اعتمادها على افادات شهود زور تسببت شهاداتهم في توقيف أربعة من كبار الضباط اللبنانيين ثبتت براءتهم لاحقا?ٍ.
وتضاعف اللغط أخيرا?ٍ حينما تسربت أنباء عن اتجاه لجنة التحقيق إلى اتهام قيادات في حزب الله بالضلوع في العملية? على الرغم من أن الحزب لم يعرف عنه في تاريخه أنه لجأ إلى تصفية خصومه السياسيين? علما?ٍ بأن الرئيس الحريري لم يكن مصنفا?ٍ ضمن أولئك الخصوم? ولأن الساحة اللبنانية تعج بالصراعات السياسية فإنها انقسمت في نهاية المطاف إلى فريقين 14 و8 آذار.
وبدا ال