ملتقى الجزائر الدولي من ينتصر لمن?
في يومي الخامس والسادس من شهر كانون الأول/ديسمبر القادم ينعقد في الجزائر ملتقى عربي دولي لنصرة الأسرى والمعتقلين في سجون الاحتلال ويشارك فيه المئات من الأسرى المحررين ومن شخصيات سياسية وحزبية ونقابية وثقافية وإعلامية وقانونية ونشطاء حقوق الإنسان من كل القارات? ومن كل التيارات والاتجاهات.
قد يبدو الحدث للوهلة الأولى عاديا?ٍ لولا دلالات هامة يحملها مكان انعقاد الملتقى وزمانه وجدول أعماله وطبيعة المشاركين فيه . انه في المظهر دعوة لنصرة الأسرى والمعتقلين لكن في الجوهر سعي لتحرير أنفسنا من أسر العجز والتقوقع والمراوحة.
فانعقاد الملتقى في الجزائر? بلد المليون ونصف المليون شهيد? هو تجديد عهد لم ينفصم يوما?ٍ بين ثورة التحرير في الجزائر وحركة التحرير في فلسطين? بين بلد عربي عانى على مدى أكثر من 130 عاما?ٍ شرور الاستعمار الاستيطاني الفرنسي ووحشيته وإرهابه وإجرامه? وبين بلد عربي يعاني منذ أكثر من مئة عام شرور الاستعمار الاستيطاني الصهيوني وجرائمه ومجازره وانتهاكاته لحقوق الإنسان? كيف لا وقد احتضنت الجزائر بالأمس وبعد فترة وجيزة من استقلالها في أوائل الستينات أول مكتب لحركة التحرير الوطني الفلسطيني (فتح) وكان على رأسه آنذاك الشهيد خليل الوزير يعاونه المناضل محمد أبو ميزر الذي يشغل اليوم عضوية الأمانة العامة للمؤتمر القومي العربي.
وكيف لا وقد بات رجال الجزائر ونساؤها اليوم في طليعة رواد كسر الحصار على غزة? بحرا?ٍ وبرا?ٍ? منتزعين بمساهماتهم الكبيرة? عددا?ٍ وعدة ? الدور البارز في تلك المبادرات.
وانعقاد ملتقى عربي ودولي للدفاع عن الأسرى والمعتقلين في سجون الاحتلال في احد أقطار المغرب العربي هو تأكيد على العمق العربي والإسلامي لقضية فلسطين بكل عناوينها? بل هو رسالة واضحة في غير اتجاه ان هذه القضية بكل معانيها التحررية والأخلاقية والإنسانية? ما زالت قضية الأمة وستبقى? كما هي قضية المغرب العربي الكبير بكل أقطاره ? والذي ما نادت فلسطين ولبنان والعراق? وكل بلد جريح? يوما?ٍ إلا ولبى أبناؤه في ليبيا وتونس والجزائر والمغرب وموريتانيا النداء بالمهج والأنفس والأموال….
وزمان الانعقاد لا يقل أهمية في مدلولاته عن مكانه? فلقد جرى اختيار موعد يقع بين مناسبتين مهمتين أولهما يوم التضامن العالمي مع الشعب الفلسطيني في 29/11 من كل عام وثانيهما ذكرى إعلان الشرعة العالمية لحقوق الإنسان في العاشر من كانون الأول/ ديسمبر كل عام.
فإذا كان الملتقى بالتعريف فعل تضامن مع شعب فلسطين? بل مع كل شعب يعاني شرور الاحتلال والاغتصاب? فان انعقاده عشية الذكرى 62 للشرعة العالمية لحقوق الإنسان هو تذكير للعالم بأسره? والذي يتلاقى أحراره في الجزائر? بالجريمة اليومية التي يرتكبها المحتل سواء في فلسطين أو في العراق أو في كل ارض محتلة? وبالانتهاك المتصاعد لكل مبادئ حقوق الإنسان? في ظل صمت مريب ومعيب يكشف حجم الانحدار الأخلاقي والإنساني المريع الذي يسود عالم اليوم? ولا سيما نظامنا الرسمي العربي? الذي لا يكلف نفسه بأبسط المهام دفاعا?ٍ عن مئات الآلاف من أبناء الأمة القابعين في سجون الاحتلال? وبعضهم لعقود طويلة أو رعاية لذويهم وعائلاتهم.
كما إن انعقاد هذا الملتقى مع تصاعد المسعى الأمريكي لإعادة تحريك ما يسمى المفاوضات الفلسطينية – الإسرائيلية يكشف عن عقم ما سمي بمسار التسوية السياسية للصراع العربي – الصهيوني الذي لم يستطع أن يحرر المعتقلين من السجن والتعذيب والمعاناة? بل إن السجون تمتلأ يوما?ٍ بعد يوم بالمناضلين والمواطنين فيما تدور المفاوضات حول نفسها وتتحول إلى مجرد ستار لكي يواصل العدو مخططاته.
ومع تعثر المصالحة الفلسطينية? وسط الضغوط الأمريكية – الصهيونية المعروفة? يأتي هذا الملتقى ليذك?ر بوثيقة الأسرى والمعتقلين التي تحولت إلى وثيقة للوفاق الوطني فيؤكد على أهمية المصالحة على قاعدة تلك الوثيقة? ويشير إلى أن الأسرى والمعتقلين باتوا أكثر حرية من القابعين في الخارج? لأنهم أكثر قدرة على صون الوحدة بينهم.
ويتميز الملتقى بجدول أعماله الذي لن يكتفي بأوراق ودراسات وأوراش عمل حول الجوانب السياسية والقانونية والإنسانية والأخلاقية والتاريخية لقضايا الأسرى? بل سيكون منبرا?ٍ للاستماع إلى شهادات حية من أسرى محررين عما واجهوه في سجونهم? كما إلى تجارب حي?ة لشعوب واجهت الاحتلال? كما واجهت معتقلاته وسجونه? فيخرج المشاركون في الملتقى? لا سي?ما أحرار العالم? بمادة غنية يسعون إلى استخدامها في نضالهم المجدي لدعم قضايانا لا سي?ما مع تصاعد التحو?ل الايجابي لصالح هذه القضايا على امتداد العالم.
أما المشاركون فهم دائرة تتسع عاما?ٍ بعد عام? كما?ٍ ونوعا?ٍ? دورا?ٍ وتنوعا?ٍ? فبعد أن تلاقوا في اسطمبول حول القدس? وفي دمشق حول حق العودة? وفي الخرطوم حول الوحدة? وفي القنيطرة حول الجولان? وفي بيروت حول المقاومة ? ثم حول ملاحقة مجرمي الحرب الأمريكية في العراق? ها هم يلتقون في الجزائر حول عنوان آخر من عن