عندما تمطر الارض على السماء
احس سعيد بالضيق من مشكلاته فقرر ان يخرج من البيت ويتمشى قليلا فيضرب عصفورين بحجر واحد , يروح عن نفسه قليلا ويمارس رياضة المشي , ظل يمشي حتى وصل الى حديقة عامة فاخذ يتمشى فيها حتى تملكه التعب فجلس على مصطبة يجلس على طرفها رجل اخر وبعد السلام والتعارف بادره الرجل بالقول :
– مالذي اتى بك ليلا الى المتنزه ?
اجابه سعيد :
– احسست ان ننفسي ضاقت بمشكلاتي فقررت ان اغير الجو واخرج من البيت كي لاتلاحظ عائلتي حالتي النفسية, وماذا عنك ?
اجاب الرجل :
– والله انا ايضا نفس الشئ احاول الهرب من مشاكلي واخذ استراحة قصيرة من همومي , اخبرني ماهي مشكلتك ?
اجاب سعيد وهو يتنهد :
– مشكلتي ? قل مشاكلي التي لاحصر لها ولا عد ومشاكلي غير واعية في تحديد النسل وتتزاوج مع بعضها لتنجب مشكلات اخرى وهكذا دواليك .
ضحك الرجل وقال لسعيد :
– المشاكل هكذا دوما اجتماعية وتحب اللمة والكثرة !!!
ابتسم سعيد وقال :
– نعم هي كذلك وعندها حب ومعزة خاصة لشخصي ولاتريد مفارقتي ابدا اصيلة !! مثلا ذهبت اليوم لمقابلة رب عملي كي اطلب منه زيادة راتبي الذي لم يعد يكفي لاي شئ فإذا به يفاجئني بان الشركة قررت تقليص عدد الموظفين بسبب الازمة العالمية وانني يجب ان اعمل ساعات اضافية مجانا كي اسد عن الذين تم الاستغناء عنهم .
اجابه الاخر :
– معك حق والله وانا ايضا اعاني من نفس المشكلة فقد افتتحت 3 فنادق 5 نجوم جديدة وبسبب الازمة العالمية فليس هناك زبائن لها لذلك اضطررت لادارتها بنفسي توفيرا لنفقات المدراء .
اجابه سعيد :
– وفوق ذلك صاحب البيت الذي اسكن فيه يرفض اجراء تصليحات فيه كي نضطر لترك البيت ويتحجج بالازمة العالمية , واصبحنا نعيش في بيت شبه خرابة لا حمامات تعمل ولا ابواب تغلق وقد يسقط علينا في اي لحظة ولكن مالعمل ? فبراتبي هذا لن اتمكن من استئجار خيمة فمابالك ببيت.
رد الرجل وهو يهز رأسه موافقا :
– والله يا اخ سعيد معك حق انا عندي نفس المشكلة فسبب الازمة العالمية اضطررت لالغاء مشروع بناء بركة سباحة في فيلتي واطفالي المساكين مجبرين على الذهاب الى فندق الشيراتون للسباحة , ناهيك عن عماراتي الفارهة التي بقيت بدون مستأجرين بسبب الازمة العالمية .
استمر سعيد بالكلام :
– ولكي يزيد الطين بلة فقد تعطلت سيارتي القديمة والميكانيكي لايستطيع العثور على قطع غيار لها لشدة قدمها تاركة اياي تحت رحمة المواصلات العامة لاني بالطبع غير قادر على شراء سيارة اخرى .
اجابه الرجل بنظرة متفهمة ومتضامنة :
– نعم ياصديقي نعم , مشكلتك نفس مشكلتي فشركة مرسديس لم تضع الاضافات التي طلبتها في سيارتي الجديدة وسببت لي الحرج امام اصدقائي ومعارفي تصور مدى الحرج ان تسوق سيارتك بدون شاشات عرض تلفزيون في المقاعد الخلفية ,وبالتالي انا مضطر لاستعمال احدى سياراتي العشرة من موديل السنة الماضية المرمية في المرأب , تصور !! حسبي الله ونعم الوكيل عليهم .
ثم اردف :
– نحن يا أخ سعيد مثل التوأم لدينا نفس المشاكل ونعاني من نفس الضغوط ونلجأ الى نفس الحلول لمشاكلنا وكلانا ضحية الازمة المالية العالمية , ومع أن اي منا لا يستطيع مساعدة الاخر في حل مشاكله الا اننا نرفع من معنويات بعضنا , واجتمعنا هنا اليست هذه صدفة غريبة ?
نظر سعيد وابتسم بسخرية وقال :
– نعم وضعنا واحد ومشاكلنا متطابقة ونعاني من نفس الضغوط ومعك حق فمما ذكرت لي لاتستطيع ابدا مساعدتي في اي من مشاكلي فلا وظائف شاغرة ولابيوت فارغة ولاسيارات مرمية دون استعمال ولكني على عكسك استطيع حل جزء من مشاكلك .
تعجب الرجل وقال :
– حقا ? كيف ? اخبرني ?
مد سعيد يده واخرج من محفظته ورقة نقدية وضعها بيد الرجل وقال :
– اذا كانت امريكا بكل اقتصادها واموالها التي سببت الازمة العالمية تطلب من دولنا بكل بجاحة ان تساعدها للنهوض من الازمة العالمية, فما الذي يمنع ان نضطر نحن الفقراء ان نساعد الاغنياء من امثال حضرتك على حل مشكلاتهم , خذ لاتخجل !! .
ثم نهض ومشى عائدا الى بيته