عمر المختار (1862 – 1931) شيخ الشهداء و ليث الصحراء.. سيرته وتاريخ حياته
ناهز الخمسين من عمره عندما شرعت ايطاليا في احتلالها لليبيا? والسبعين عندما اع?ْدم. فسيرة
الشيخ عمر المختار حافلة بالكثير .. وتعجز أقلام الك?ْتاب أن تكتب عشر معشار مناقبه أوجهاده أوأثره لعدة أسباب منها كثرة المعارك التي خاضها. فيقول غراتسياني "وقعت بين جنودنا وعمر المختار اكثر من 277 معركة في مدة لا تتجاوز 21 شهرا?ٍ.
وهي المدة التي تبتدئ بتولي غراتسياني القيادة في برقة وتنتهي باستشهاد عمر المختار. ومجمل المعارك التي شهدها عمر المختار خلال العشرين سنة من القتال العنيف تفوت 1000 معركة.
ولد عمر المختار سنة 1862م بمنطقة البطنان الصحراوية القريبة من الحدود المصرية. وتربى تربية البدوفي مضارب قبيلة المنفة. وقبيلته هذه من قبائل المرابطين? الذين عرفوا تاريخيا?ٍ برباطهم على ثغور دار الإسلام وحمايته. ويتم في صغر سنه? ولكن كفله الشيخ حمد الغرياني الذي رباه مع ابنه الشارف الغرياني في ظل تعاليم الطريقة لسنوسية. وكذلك تربية البدوالتي كان لها الأثر الأكبر في تكوينه الشخصي? فنشأ في بيت عز وكرم بعيدا?ٍ عن أخلاط المدن ونقائصها? تحوطه شهامة العرب وحرية البادية? وحوله من مظاهر الفروسية ودواعي الاعتزاز بالنفس ما بعث في تلك النفس الكبيرة حب التضحية والأنفة من الخضوع إلي من لم يجعل له دينه سلطانا?ٍ عليه. وتلقى تعليمه الأولي بمعهد الجغبوب على كبار علماء ومشايخ السنوسية في مقدمتهم الإمام السيد المهدي السنوسى قطب الحركة السنوسية? فدرس اللغة العربية والعلوم الشرعية وحفظ القرآن الكريم عن ظهر قلب? ولكنه لم يكمل تعليمه كما تمنى. وظهرت عليه علامات النجابة ورزانة العقل?? فاستحوذ على اهتمام ورعاية أستاذه السيد لمهدي السنوسى مما زاده رفعة وسمو? فتناولته الألسن بالثناء بين العلماء ومشايخ القبائل وأعيان المدن حتى قال فيه السيد المهدي واصفا?ٍ إياه "لوكان عندنا عشرة مثل عمر المختار لاكتفينا بهم. فقد وهبه الله تعالى ملكات منها جشاشة صوته البدوي وعذوبة لسانه واختياره للألفاظ المؤثرةالمؤثرة في فن المخاطبة وجاذبية ساحرة لدرجة لسيطرة على مستمعيه وشد انتباههم? فيصفه عدوه اللدود غراتسياني وقد ظهرت عليه في هذه الفترة علامات الشدة والصراحة? فكان كلامه قويا?ٍ كأنه آمر يلقي أوامره لتابعيه
أناطه السيد المهدي بكثير من المهام? أبرزها مشيخة زاوية القصور في عام 1895م? وهذه الزاوية تقع في ارض قبيلة العبيد ببرقة الحمراء? وعرفت هذه القبيلة بتمردها وصعوبة مراسها وعدم خضوعها لأي سلطان? ولكن سرعان ما نمت عنده مهارات منها معرفة أنساب القبائل وسبر كل واحدة منها في التقاليد والعادات وألم بمواطنها وأجاد فض المنازعات ووأد ثاراتها التاريخية في كياسة وفطنة? مما اكسبه شبكة من الارتباطات مع شيوخ ووجهاء قبائل برقة التي كان لها الدور الحاسم في تسلمه قيادة الجهاد فيما بعد. والشيء بالشيء يذكر? فقد استطاع عمرالمختار أن يقود قبيلة العبيد التي لعبت دورا?ٍ رئيسيا?ٍ في الجهاد? وضحت بكثير من شبابها وشيبها في مسيرة الجهاد الخالدة سطرها لها تاريخ ليبيا? وفي مقدمة هذه القبيلة شيخها سعيد جربوع الذي لم يكتف بقتال الطليان في ليبيا ولكن عندما هاجر الى مصر لم يقعد هنالك مهاجرا?ٍ بل توجه والتحق بكتائب المجاهدين في فلسطين الحبيبة يقارع مع عدد من الليبيين والفلسطينيين عصابات اليهود الصهاينة. إن نجاحه في زاوية القصور وانصياع القبائل لسلطانه الاجتماعي والسياسي سلط عليه مزيدا?ٍ من الأضواء? فعندما قرر السيد المهدي نقل عاصمته الروحية والسياسية إلي قروفي تشاد اصطحب معه عمر المختار من بين قادته ومستشاريه الأفذاذ سنة 1899م? وعندما اعتدت فرنسا على تشاد انتفضت الزوايا السنوسية للجهاد ضد الصليبية الفرنسية لا سيما بعد اعتدائها على هذه الزوايا وتدميرها? وكان الشيخ عمر المختار قد عين شيخا?ٍ لزاوية كلك? فبدأ شيخنا في شحذ الهمم وكان ممن لبى ونادى بالجهاد ضد فرنسا وأبلى بلاء?ٍ حسنا?ٍ ? ويقول المؤرخون إن تصدى المسلمين الليبيين والتشاديين لفرنسا عطل مخططها الاستعماري وأعاقه حتى شوهه. ومن القبائل الليبية التي قاتلت الفرنسيس بضراوة الزوية وأولاد سليمان والمجابرة والمغاربة والقذاذفة وورفلة التي ربطتها وشائج العقيدة والدم مع اخوتهم في تشاد. ولكن بعد تراجع المجاهدين في تشاد أمام الزحف الفرنسي الجارف? وبيعة السيد احمد الشريف على سجادة الإمامة للحركة السنوسية اثر وفاة عمه السيد المهدي? ك?ْلف عمر المختار أمر زاوية القصور للمرة الثانية عام 1906م لإدارة شؤون قبيلة العبيد التي قابلت طلب الحكومة العثمانية في جباية الضرائب بالرصاص. وبالفعل انصاعت القبيلة لقيادة عمر المختار وبذلك تحاشى الصدام مع السلطة المركزية في طرابلس الممثلة للخلافة الإسلامي