تحليل الاتجاهات على مدى أربعين عاما?ٍ: البلدان الفقيرة تحقق أسرع المكاسب في التنمية
حققت معظم البلدان النامية في العقود القليلة الماضية تقدما?ٍ كبيرا?ٍ? لم يقد?ر بقيمته الحقيقية في الكثير من الأحيان? في الصحة والتعليم والمستوى المعيشي. وقد سجلت البلدان الفقيرة أسرع المكاسب. وهذا ما يبي?نه مضمون التقرير الذي نطلقه اليوم? وهو عبارة عن تحليل جديد لاتجاهات دليل التنمية البشرية على مدى فترة زمنية طويلة.
غير أن أنماط هذه الإنجازات تختلف كثيرا?ٍ? إذ يبي?ن تقرير التنمية البشرية 2010 أن بعض البلدان سج?لت تراجعا?ٍ نسبة إلى ما كانت عليه في عام 1970. وهذا العدد الصادر في الذكرى العشرين لإطلاق تقرير التنمية البشرية يعتمد ثلاثة أدل?ة جديدة? الهدف منها رصد حالات عدم المساواة داخل البلدان وفيما بينها? والفوارق الشاسعة بين الرجل والمرأة في العديد من المؤشرات الإنمائية? وانتشار الفقر المتعد?د الأبعاد في جنوب آسيا وجنوب الصحراء الأفريقية الكبرى.
وتقارير التنمية البشرية? التي يصدرها برنامج الأمم المتحدة الإنمائي كل عام منذ عام 1990? هي تقارير مستقل?ة في مضمونها عن برنامج الأمم المتحدة الإنمائي.
وتقرير هذا العام أطلقه الأمين العام للأمم المتحدة? بان كي مون? ومديرة برنامج الأمم المتحدة الإنمائي? هيلين كلارك? وحائز جائزة نوبل? أمارتيا سن? الذي كان له دور هام في تصميم دليل التنمية البشرية الذي رافق التقرير منذ العدد الأول في عام 1990? مع الخبير الاقتصادي الراحل محبوب الحق? مؤسس هذه السلسلة. وقد طرحت تقارير التنمية البشرية ودليل التنمية البشرية الذي هو عنصر هام فيها علامات استفهام حول صحة الاكتفاء بالمقاييس الاقتصادية لتقييم الإنجازات الوطنية وساعدت في إرساء الأسس لانطلاق الأهداف الإنمائية للألفية? التي دعت إلى وضع إطار عالمي موحد لرصد التقد?م في الصحة والتعليم والمستوى المعيشي.
واليوم قال الأمين العام للأمم المتحدة “إن تقارير التنمية البشرية غي?رت نظرتنا إلى العالم. وقد تعل?منا أن النمو الاقتصادي بالغ الأهمية? لكن الهدف الأول والأخير يبقى وهو وضع الدخل الوطني في متناول الجميع ليحيوا حياة صحية ومنتجة ومديدة”
وأطلق تقرير التنمية البشرية الأول دليل التنمية البشرية? في تجربة سب?اقة? إذ حل?ل مؤشرات التنمية البشرية في العقود الماضية? واستخلص “عدم وجود رابط تلقائي بين النمو الاقتصادي والتقد?م البشري”. ويتضمن تقرير هذا العام استعراضا?ٍ دقيقا?ٍ للاتجاهات الإنمائية على مدى فترة طويلة? إذ يتناول مؤشرات دليل التنمية البشرية لمعظم البلدان من عام 1970? ويظهر عدم وجود علاقة ترابط ثابت بين النمو الاقتصادي والتقد?م الذي تحققه البلدان في المؤشرات غير المرتبطة بالدخل في دليل التنمية البشرية? أي الصحة والتعليم.
وأشارت هيلين كلارك إلى أن “التقرير يبي?ن أن الناس اليوم أكثر من أي? وقت مضى? يتمت?عون بصحة أفضل? ويحص?لون مستوى أعلى من التعليم? ويحظون بمزيد من الموارد. ومع أن الاتجاهات الراهنة ليست جميعها إيجابية? باستطاعة البلدان أن تفعل الكثير لتحس?ن حياة شعوبها? حتى في أشد? الظروف صعوبة. وهذا يتطلب قيادة محلية شجاعة? كما يتطلب التزاما?ٍ مستمرا?ٍ من المجتمع الدولي”.
وي?ْظهر التحليل الذي يتضم?نه هذا التقرير أن جميع البلدان التي تتوفر عنها بيانات كاملة حول دليل التنمية البشرية? قد حققت تقد?ما?ٍ في متوسط العمر المتوقع عند الولادة? إذ ارتفع من 59 سنة في عام 1970 إلى 70 سنة في عام 2010? وفي معد?ل الالتحاق بالمدارس? إذ ارتفع من 55 إلى 70 في المائة من مجموع الأولاد الذين هم في سن التعليم الابتدائي والثانوي? وفي نصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي? إذ تضاعف ليتجاوز 10,000 دولار. وكان للسكان في جميع المناطق نصيب في هذا التقد?م? ولو بدرجات متفاوتة. فمتوسط العمر المتوقع عند الولادة? في البلدان العربية مثلا?ٍ? ارتفع حوالى 18 سنة بين عامي 1970 و2010? مقابل تسع سنوات في بلدان جنوب الصحراء الأفريقية الكبرى. وشمل التحليل 135 بلدا?ٍ? تضم? حوالى 92 في المائة من مجموع سكان العالم.
وقالت جيني كلوغمان “تؤكد النتائج التي توص?ل إليها تقرير التنمية البشرية? بما توفر له من بيانات وتحليلات جديدة? على فكرتين رئيسيتين ركز عليهما تقرير التنمية البشرية منذ البداية? فالتنمية البشرية لا تعني النمو الاقتصادي? والإنجازات الكبيرة ممكنة حتى في ظل بطء النمو. وقد توص?لنا إلى أفكار جديدة حول البلدان التي حققت الأداء الأفضل? وحول تنو?ع أنماط التقد?م”.
ومن أصل 135 بلدا?ٍ? حد?د هذا التقرير عشرة بلدان حققت التقد?م الأسرع في تحسين عناصر دليل التنمية البشرية. وقد حل?ت ع?ْمان في طليعة هذه البلدان? إذ استثمرت عائدات الطاقة على مدى عقود في تحسين التعليم والصحة العامة.
أما البلدان التسعة الأخرى فهي الصين? ونيبال? وإندونيسيا? والمملكة العربية السعودية? وجمهورية لاو الديمقراطية الشعبية? وتونس? وكوريا الجنوبية? والجزائر? والمغرب. وي?ْلاحظ أن الصين كانت البلد الوحيد الذي