مقترح لتطوير المدارس الأهلية
• أعرف تماما?ٍ أن الفساد المالي والإداري الذي نعيشه قد ابتلع جميع النظريات والاستراتيجيات والنوايا الإصلاحية لأوضاعنا السياسية والاقتصادية والثقافية والتعليمية والصحية وكل مناحي حياتنا ومجالاتها.
• وأعرف جيدا?ٍ أنه مهما أبدع المفكرون والعلماء في اختراع نظريات تربوية وتعليمية لتطوير مؤسساتنا التربوية والتعليمية والأكاديمية ? ومهما أنفقنا على ذلك من أوقات وأموال وجهود فإن الأدوات التنفيذية التي يوكل إليها تنفيذ مخرجات وإجراءات تلك النظريات لا ترتقي إلى مستوى الجدية والمهنية التي تتطلبها تنفيذ تلك الإبداعات ? لأن أغلب أدواتنا التنفيذية إما جاهلة ( لا تفرق بين الكوع والبوع ) تربعت على كراسي مواقعها بسبب المحسوبية والرشوة والولاءات الضيقة ? وإما غير متخصصة ( الإنسان المناسب في غير مكانه ) ? وإما فاسدة ترى في المناصب مغانم و( هبرات ) وفرص لا تعوض لها ولذريتها وليذهب الوطن والمجتمع إلى الجحيم ? وإما محبطة يائسة قانطة من إصلاح الأوضاع وتغييرها ? وإما محدودة الأفق لا ترى أبعد من أرنبة أنفها وليس بالإمكان أفضل مما كان ? وإما منشغلة عن مهامها إلى مهام أخرى ? وإما .. وإما ? وهناك من هم حريصون على وطنهم ومجتمعهم ومصالحه { و?ِق?ِل?يل?َ م?ِا ه?ْم? } يبذلون جهدهم ويتفانون في خدمة مجتمعهم وإصلاح واقعهم وأداء مهامهم ? مستشعرين عظمة مسؤولياتهم ومواقعهم وأدوارهم .. لهؤلاء نكتب ? ولهؤلاء نقترح فهم أملنا وأمل أمتهم وأوطانهم ? وسينتصرون بفضل الله ? وإصرارهم على الإصلاح والتغيير ? أسوتهم في ذلك محمد بن عبد الله صلى الله عليه وآله وسلم ? وقدوتهم المهاتما غاندي ونلسون مانديلا ومهاتير محمد وأوردوغان وغيرهم من المصلحين قديما?ٍ وحديثا?ٍ في كل أمة ومن كل دين وثقافة.
• ولأن واقع أغلب مدارسنا الحكومية لا يسر صديقا?ٍ فقد اتجه الناس إلى المدارس الأهلية عل??ِهم يجدون فيها قليلا?ٍ من التعليم ? وأقل القليل من التربية ? وبصيص جذوة من التأهيل والتطوير لأبنائهم وبناتهم الذين تدفن مهاراتهم وإبداعاتهم وعقولهم على مرأى ومسمع من المجتمع كله ( رئيسا?ٍ ووزيرا?ٍ ونائبا?ٍ وأسرة و.. ).
• ولتزايد احتياج الناس وفرارهم من المدارس الحكومية انتشرت المدارس الأهلية في كل حي??ُ وشارع وزقاق ? وبقدر ما في ذلك من فرص عمل للمعلمين والمعلمات الذين يتقاضى بعضهم فتاتا?ٍ من هذه المدارس ( ولا البطالة التي تقود الشباب إلى دهاليز خطرة ) إلا أن هذه الظاهرة ( المدارس الأهلية ) تحتاج إلى تقييم وتقويم ومتابعة مستمرة ? تقودها إدارات نظيفة عفيفة ? لا تسترزق من ورائها ? ولا تبتز بها خلق الله ? وإنما لتطوير أدائها ? وتحسين مخرجاتها ? أسوة ببعض دول العالم من حولنا ? الذين ارتقوا بالتعليم فنهضت مجتمعاتهم وشعوبهم واستقرت أحوالهم ? فتخلصوا من الإرهاب والكباب ? وحدوا من التخلف والفقر والجهل والمرض التي عشعشت في مجتمعنا وباضت وف?ِر??ِخت ? وكل ذلك بفضل انتشار التعليم وجودة مخرجاته.
• على كل حال .. لا أطيل عليك حبيبي القارئ وعزيزتي القارئة ? وبعيدا?ٍ عن الخوض في التعليم ورداءة مؤسساته ? وعن ضعف مخرجاته ? وعن الغش الذي يقوده علية القوم من مشايخ ووجاهات ومسؤولين ونواب ومتنفذين في مناطقهم ودوائرهم ? وعن .. وعن .. ? المقترح الذي أضعه بين أيديكم للنقاش والإثراء هو: أن تصنف المدارس الأهلية كما تصنف الفنادق ? خمسة نجوم وأربعة وثلاثة وهكذا ? بموجب معايير دقيقة مهنية وموضوعية ( وأكرر: تقودها إدارات نظيفة عفيفة ? لا تسترزق من ورائها ? ولا تبتز بها خلق الله ? وإنما لتطوير أدائها ? وتحسين مخرجاتها ) تتعلق بـ: أولا?ٍ: المبنى والإمكانات وتوفر وتناسب الملاعب والمعامل والفصول الدراسية والقاعات والأجهزة والمكتبات ? وثانيا?ٍ: الإدارات والمدرسين والاختصاصيين والمشرفين من حيث المؤهلات والخبرات والتفرغ للمدرسة ( لأن الكثير من المعلمين في هذه المدارس خاصة ذوي الجودة اللابأس بها منهكين في متابعة جداولهم وحصصهم من مدرسة إلى أخرى بنظام الساعات والحصص ) ? وثالثا?ٍ: العملية التعليمية والسياسات التربوية والتقييمية والمنهاج والأنشطة المصاحبة الصفية واللاصفية ? ورابعا?ٍ: من حيث الإبداع والتطوير .. وهكذا. مع ملاحظة عدم التفريط بالحد الأدنى من مواصفات هذه المدارس التي تبقي العملية التعليمية في غرفة الإنعاش.
• حينئذ?ُ سيكون أمام أولياء الأمور أكثر من خيار حسب قدراتهم واهتماماتهم ومخططاتهم ? ( وهذا قدرنا بعد أن تخلت الأنظمة والحكومات عن مهامها وأدوارها بموجب هيمنة ثقافة وأدوات وسياسات الليبرالية والرأسمالية ) ? وحينئذ?ُ سيفرق الناس بين الحابل والنابل من هذه المدارس ? وحينئذ?ُ سنخلق فرص تنافس بين تجار هذه المدارس ? وحينئذ?ُ ـ ربما ـ تتحسن أوضاع هذه المدارس.
• تنبيه .. عندما طرحت هذا المقترح لأحد الحبايب ? اعترض عليه بشدة مبررا?ٍ تخوفه من أن الكثير من هذه المدارس سيكون مستواها بحسب التصنيف الفندقي أقل من ( لوكندة ) في باب اليمن.