السفينة والشباب
• لم أجد تشبيها?ٍ للمجتمع والوطن أفضل من تلك الصورة التي شبهها به المصطفى صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم بقوله: م?ِث?ِل?ْ ال?ق?ِائ?م? ع?ِل?ِى ح?ْد?ْود? الل??ِه? و?ِال?و?ِاق?ع? ف?يه?ِا ك?ِم?ِث?ِل? ق?ِو?م?ُ اس?ت?ِه?ِم?ْوا ع?ِل?ِى س?ِف?ين?ِة?ُ ف?ِأ?ِص?ِاب?ِ ب?ِع?ض?ْه?ْم? أ?ِع?ل?ِاه?ِا و?ِب?ِع?ض?ْه?ْم? أ?ِس?ف?ِل?ِه?ِا ف?ِك?ِان?ِ ال??ِذ?ين?ِ ف?ي أ?ِس?ف?ِل?ه?ِا إ?ذ?ِا اس?ت?ِق?ِو?ا م?ن? ال?م?ِاء? م?ِر??ْوا ع?ِل?ِى م?ِن? ف?ِو?ق?ِه?ْم? ف?ِق?ِال?ْوا ل?ِو? أ?ِن??ِا خ?ِر?ِق?ن?ِا ف?ي ن?ِص?يب?ن?ِا خ?ِر?ق?ٍا و?ِل?ِم? ن?ْؤ?ذ? م?ِن? ف?ِو?ق?ِن?ِا ف?ِإ?ن? ي?ِت?ر?ْك?ْوه?ْم? و?ِم?ِا أ?ِر?ِاد?ْوا ه?ِل?ِك?ْوا ج?ِم?يع?ٍا و?ِإ?ن? أ?ِخ?ِذ?ْوا ع?ِل?ِى أ?ِي?د?يه?م? ن?ِج?ِو?ا و?ِن?ِج?ِو?ا ج?ِم?يع?ٍا. رواه البخاري
• فالوطن الذي نعيش فيه وننتمي إليه هو سفينتنا ? والمجتمع وأفراده الذين نعيش معهم ويعيشون معنا هم ونحن رك??ِاب هذه السفينة ? ولنا الآن أن نتصور الحرص الذي يجب علينا تجاه السفينة وسلامتها ? والعلاقة التي ستحكمنا مع ركاب هذه السفينة التي نعيش معهم ? ويرتبط مصيرنا بمصيرهم ? فأي خير تعيشه السفينة ومجتمعها يصيبنا منه نصيب ? وكل خطر يهدد السفينة أو يضرها ? فإننا لن نكون في مأمن من نتائجه وكوارثه ? والتاريخ والحاضر خير شاهد على أن أي سفينة غرقت في العنف والنزاع تصيب كوارثه جميع أفراده بلا استثناء.
• وسفينتنا اليوم ومجتمعاتها تعاني من مهددات ومخاطر وتحديات تستدعي أن يقف الجميع مع أنفسهم ومصالحهم ومستقبلهم بحماية السفينة وحل مشكلاتها والأخذ بيد العابثين بأمنها واستقرارها وبذل الجهد من الجميع لرخاء مجتمعات السفينة وتعزيز حقوقهم وحرياتهم ? والتعاون من أجل وضع حد للأمية والبطالة والفقر والعنف والاستبداد وتدهور القيم وانحلال الأخلاق والفساد ? لتعيش مجتمعات سفينتنا بعزة وكرامة ورخاء.
• والأمل معقود على الشباب في تصدر حماية السفينة ومصالح ركابها ? فهم م?ِع?ق?د?ْ آمال? المجتمعات? ? وسر??ْ نهضة? الأمم? ? وتقدم? الشعوب? ? ورخائ?ها ? وتنميت?ها ? فبعقولهم تتطور?ْ الحياة?ْ ? وبسواعد?هم ت?ْب?نى الحضارات?ْ ? وبهمت?هم تنتصر?ْ القضايا العادلة ? ويسود?ْ العدل?ْ والأمن?ْ والرخاء?ْ.
• والشباب?ْ طاقة?َ بناءة?َ ? إذا أحسنت المجتمعات?ْ توجيه مساراتهم ? وتأهيلهم ? وتطوير قدراتهم ? وأتاحت لهم الف?ْر?ِص للإبداع والابتكار ? باجتثاث القيود الوهمية من طريق تفكيرهم وأبحاثهم وتجاربهم [ التي ما أنزل الله بها من سلطان ? بل رسختها عصور التخلف والاستبداد ] ? فالحضارات التي قامت قديما?ٍ وحديثا?ٍ ? والشعوب التي تطورت بعد تخلف ? إنما كان الشباب هم قادة تلك الحضارات وذلك التطور.
• ولهذا كان الاهتمام بهم ? وبتعليمهم ? وتنمية قيمهم ? وتطوير مهاراتهم ? وتشجيع إبداعهم ? هو استراتيجية الاستراتيجيات للأنظمة وحكوماتها ? لأن الشباب هم رأس مال الشعوب ? وثروتها الحقيقية ? ومن هنا يتنادى المخلصون لهذه الأمة من مفكرين وسياسيين وعلماء وناشطين إلى عقد الفعاليات والمؤتمرات وإقامة الندوات وورش العمل لمناقشة قضايا الشباب وتقييمها وتقويمها والخروج برؤى ومعالجات تعود بالنفع والأمن والرخاء على الأمة وشعوبها ومجتمعاتها والأسرة الدولية جميعها ? لأن العالم اليوم بتواصله ومصالحه وعلاقاته ? أضحى أصغر من قرية ? وأكثر ارتباط من جسد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد.
• أن الغالبية العظمى من شبابنا اليوم يثبتون أنهم أهل للثقة بهم ? والأمل المعقود عليهم ? والمسؤولية الموكولة إليهم ? فلازال شبابنا بخير ? بولائهم لربهم ودينهم ? وإخلاصهم لشعوبهم ومجتمعاتهم ? وحرصهم على أمن أوطانهم ورخائها وتنميتها ? رغم المؤامرات التي تستهدفهم بمعتقداتهم وأخلاقهم وولائهم لشعوبهم ? لتحولهم إلى معول هدم يهدد الأمن ? ويشعل الفتن والحروب ? ويعيق التنمية ? وينشر الرعب والتخلف ? بمبررات ومعتقدات يغرر بها عليهم أعداء الحياة والإنسانية ? فوجد من شبابنا ـ رغم محدودية عددهم ـ من يروج للمخدرات والسموم ? ومن يتاجر بالأعراض ويهدم الأخلاق ? ومن يشارك في إقلاق مجتمعه ? ومن يقتل الأبرياء ويقطع الطريق ? ويعيث في الأرض فسادا?ٍ وإفسادا?ٍ.
• إن هذه القلة من الشباب [ الضحية ] الذين اصطادتهم عصابات الانحراف والضلال ? فجرتهم إلى دهاليز الانحلال والعنف وأنفاق الجريمة ? مستغلة أوضاعهم التعليمية والمعيشية والاجتماعية والنفسية ? وعازفة على بعض الاختلالات السياسية والاقتصادية ـ مع عدم رضانا عن الاستبداد السياسي الذي ي?ْم?ِارس ? والفساد الاقتصادي والمالي الذي أهدر ثرواتنا ? والارتهان المذل الذي حرمنا استقلالنا وسيادتنا ـ إلا أننا نملك من الوسائل السلمية ? والنضالات الحقوقية ما ن?ْص?ل?ح?ْ بها أحوالنا ? ون?ْق?ِو??م بها أوضاعنا ? دون أن نرجع [ كفارا?ٍ ] يضرب بعضنا رقاب بعض ? ودون أن ن?ْق?ِط??ع?ِ أرحامنا ? ونسفك دماءنا ? فتزداد بذلك معانات?ْنا وشعوب?ِنا ? وين