الو .. تفضل معك رئيس الجمهورية على الخط !!
كان سعيد يحمل موبايله في الظلمة ويحاول ان يتصل بزميله في العمل كي يطلب منه ان يحصل على اجازة مرضية غدا, لم تكن عيناه ترى اي من الارقام ولكنه حاول ان يعثر على الارقام الصحيحة باللمس , رن التيلفون عدة مرات حتى رد الطرف الاخر وقال :
– الو من انت وماذا تريد ?
انزعج سعيد من هذه النبرة في الحديث وقال :
– طيب قول السلام عليكم الاول من تكون انت ? انا طالب صديقي وحيد
جاءه الرد :
– انا رئيس الجمهورية ياولد وانت من تكون ?
ارتعب سعيد وقال :
– رئيس الجمهورية مرة واحدة ? ياويلي ? انت رئيس الجمهورية حقا ام تمزح معي ?
رد عليه الصوت :
– الا تعرف صوت رئيسك ياولد ? الا تسمع خطاباتي في التلفزيون والاذاعة ليلا نهارا ? انا صوتي اصبح اشهر من عبد الحليم حافظ وام كلثوم .
ركز سعيد قليلا على الصوت واتضح له ان الصوت حقا يشبه صوت الرئيس , لم يدري ماذا يفعل هل يقفل الموبايل ام يستمر بالكلام ام يعتذر واخيرا قال :
– فخامة الرئيس والله انا احبك وهذه فرصة خيالية بالنسبة لي ان اكلم سيادتك واود ان اسال سؤالا واحدا اذا سمحت لي ?
رد عليه الرئيس :
– طيب سؤال واحد بس
فكر سعيد عن ماذا سيسأل فخامة الرئيس فهذه فرصة لاتأتي سوى مرة واحدة في العمر أن يكلم مواطن عادي مثله لايحظى بفرصة حتى التحدث وجها لوجه مع اصغر مدير في اصغر مؤسسة حكومية رئيس الجمهورية شخصيا فيجب ان يكون سؤاله مهما وحيويا , هل يسأله عن الغلاء والاسعار التي اصابها السعار واصبحت تنهش لحم المواطن مثل الكلاب المتوحشة ? ولكنه عدل عن ذلك فالرئيس سيقول حتما ان التجار هم من يرفعون الاسعار وليس الدولة وبما ان الاقتصاد اصبح عالميا وحرا فليس من حق الحكومة ان تتدخل في تنظيم الاسعار حتى لو مات المواطن جوعا , طيب هل يسأله عن البطالة وهجرة الشباب الى الخارج ومايصاحبها من مشاكل اقتصادية واجتماعية ناهيك عن فقدان خيرة عقول شباب البلد لصاح الدول الاخرى ? لا , لا قال سعيد لنفسه الرئيس سيقول لي وهل انا من اجبرتكم على التوالد والتكاثر مثل الارانب ? من اين سأجلب لكم وظائف ? حتى ابني عاطل عن العمل ولم استطع ان اجد له وظيفة وربما اضطر ان اعطيه وظيفتي وأمري لله . نعم هذا ماسيقوله فخامة الرئيس بالتأكيد , ماذا سأسأله اذا ? اها , لم لا أسأله عن ازمة السكن والمساكن والمواطن الذي يقضي عمره يحلم بقطعة ارض صغيرة يبني عليها بيتا ثم تتقلص مساحة هذه الارض التي يحلم بها حتى تصبح ارضا يبني فيها قبرا , بينما تمنح الشركات الاستثمارية ملايين الامتار المربعة مجانا بحجة اقامة مشاريع تنفع البلد ثم تبيعها هذه الشركات مرة ثانية للمواطنين باضعاف سعرها دون اقامة اي مشاريع عليها ? ها, هذا سؤال جميل , اليس كذلك ? ولكنه عدل عن طرحه فالرئيس سيقول له ان المستثمرين هم من اقربائه والاقربون اولى بالمعروف وسيكون هذا السؤال وكأنه نابع من حسد وعيب ان يتصور فخامة الرئيس اني احسده في ماله ومال اقربائه .
بينما كان سعيد غارقا في افكاره محاولا العثور عل السؤال المناسب جاء صوت الرئيس ليعيده الى الواقع وهو يقول :
– إسأل سؤالك وخلصني فليس لدي الليل بطوله هناك مواطنات إإإ اقصد مواطنين اخرين بجانبي ينتظروني كي اقوم بواجبي الرئاسي معهم .
رد سعيد لا اراديا :
– سلامتك فخامة الرئيس فقط احببت ان اعرف هل تعشيت ام لا ? وتصبح على خير واسف جدا على الازعاج
اقفل الرئيس الموبايل ونام سعيد ليلته مرتاحا بعد ان حصل على اجابات من الرئيس شخصيا لكل تساؤلاته .