قمة سرت الاستثنائية.. ولا عزاء للعرب
انعقدت قمة سرت العربية الاستثنائية ( 8-10/10/2010 ) على خلفية جملة من المآزق العربية أوصلت الوضع العربي إلى حالة انسداد مطبق تتعدد عناوينها وتتقاطع على غير صعيد..
فعلى الصعيد الإسلامي .. فإن الأمة أمام تحد حضاري حقيقي يتجلى في سلسلة من حروب واحتلالات وصراعات دموية .. وجهتها عالمنا الإسلامي وبؤرتها عالمنا العربي .. حيث أوطان دمرت .. وشعوب باتت قيد الاستئصال من ديمغرافيا البشرية!! ..
ويفرض هذا التحدي الحضاري نفسه في سلسلة من الافتراءات وحملات التضليل تتواكب مع حملة واسعة متنامية من التحريض والكراهية يقودها رجال دين وسياسة وأصحاب قرار .. وأحزاب ومنظمات ومؤسسات وإعلام واقتصاد ضد الإسلام والمسلمين.. وضد الأمتين العربية والإسلامية!!
أما على الصعيد العربي فحدث ولا حرج.. أمتنا العربية اليوم أمام “سايكس بيكو2” .. حيث معادلات الفك والتركيب? ورسم خرائط جديدة بالدم والحرب على مدى الجغرافيا العربية والإسلامية .. من فلسطين فالعراق فالسودان والصومال واليمن.. وليس انتهاء بأفغانستان وباكستان واندونيسيا .. والحبل على الجرار !!
ليس هذا فحسب ? بل إن الأمة في حالة انقسام مزرية في غير مكان .. فلا تكاد تخلو ساحة عربية أو إسلامية من ترددات انقسامية تجعل الأمة الواحدة أمما شتى.. !!
ففي العراق تفوقت حالة الانقسام والتشظي على كافة نظيراتها.. أودى بالعراق التاريخي الذي تعارفنا عليه!!
وفي فلسطين هناك انقسام أفقي وعمودي- سياسي وفكري – وهناك صدام حقيقي بين مشروعين أو أكثر ..
وفي لبنان هناك انقسام- سياسي واجتماعي ومذهبي – فحيث تتسع الشروخ ..وينحرف الجدل بالقضايا الكبرى نحو الهوامش ..وحيث تتنقل طلقات الاتهام من سوريا .. فالضباط الأربعة.. لتصوب اليوم نحو نحر المقاومة ..وكل ذلك تحت عنوان ملف “شهود الزور” .. فهذا الملف – رغم جزئيته- تسبب في انحراف الخطاب السياسي نحو الهوامش والجزئيات .. وأشعل الصراع حتى بات يهدد السلم الأهلي من جديد في كل لبنان – وربما في المنطقة- !!
وأما في السودان فحالة التشظي وضعت السودان على كف عفريت الاستفتاءات واستباحة الأمم !!
في حين – يقابل ذلك – على الجانب الآخر “الصهيوني” .. هناك تواصل في الاستيطان .. واستعار في التهويد – وخاصة في مدينة القدس- .. وهناك خطاب سياسي وإعلامي متشنج ومستكبر على لسان رموز هذا “الكيان” من أكبر حاخام وحتى أصغرهم .. ومن رؤوس النظام من “بيريز و”نتنياهو” و “ليبرمان” و “ألداد” .. وحتى أصغر كاتب أو معلق صحفي.. بل حتى أصغر طفل يرسم صورة للعربي المنشود ..
هذا الخطاب الصهيوني بات شعارا?ٍ للمرحلة وناطقا?ٍ “صادقا?ٍ ” بكل عناوينها .. !! فمن على منصة ( الشرعية الدولية !!) أعلن ليبرمان بوضوح لا لبس فيه “أن اقامة دولة فلسطينية أمر بعيد المنال )..!!!
الاشتراطات الصهيونية لم تتغير .. قاعدتها الأساسية “اعتراف فلسطيني أولا?ٍ – وقبل الاتفاق – بـ “يهودية دولة اسرائيل”.. وهذا الاعتراف لا بد أن يتم سواء بالتزامن أو بالتتابع – لاضير- مع اعتراف عربي إسلامي شامل!!
أما على الجانب الأمريكي – الذي أودعناه طوعا?ٍ كل رقابنا وأوراقنا- هناك تبن كامل للخطاب الصهيوني – بقضه وقضيضه وكافة اشتراطاته- . وهذا التبني متصل وممتد في كل الإدارات الأمريكية المتعاقبة .. فمثلا?ٍ هناك تبن لكافة التحفظات الصهيونية الأربعة عشر لـ”حكومة شارون” على “خارطة الطريق البوشية” .. بل إن “إدارة بوش ” تعهدت بتسويق هذه التحفظات وتمريرها على قيادات العرب في القمة الأمريكية العربية المصغرة في شرم الشيخ في (3/6/2005) .. ومن ثم تمريرها على كل العرب في “مؤتمر أنابوليس” (نوفمبر / تشرين الثاني 2007) .. ونستذكر في هذا السياق .. أن “كونداليزا رايس” جاءت للفلسطينيين – حينذاك – ببيان استهلته “بـ(التأكيد على ضرورة “قيام دولة فلسطينية تكون وطنا?ٍ قوميا?ٍ للفلسطينيين إلى جانب إسرائيل الوطن القومي لليهود”)… كما نستذكر ما أعلنه “إيهود أولمرت” في خطابه أمام المؤتمر الذي قال فيه بأنه [ يتطلع إلى ” دولة فلسطينية تنشد السلام .. خالية من الإرهاب .. ودولة “إسرائيل “الوطن القومي للشعب اليهودي.. الدولة اليهودية الديمقراطية التي تعيش بأمن وتخلو من التهديدات الإرهابية!!]..
أمام ذلك وغيره .. بات خطاب التهويد متصاعدا?ٍ وتراكميا?ٍ ومتواكبا?ْ مع إجراءات التهويد على الأرض والإنسان واللسان..!! إلى أن وصلنا إلى قبول إدارة أوباما بشرط الاعتراف بـ”يهودية إسرائيل ” قبل الموافقة – لا على اتفاق التسوية الشاملة ? بل على تجميد جزئي للاستيطان لا يتجاوز الشهرين في أحسن الأحوال- .. فما أغلى سعر تلك البضاعة المزجاة – التي يسمونها زورا?ٍ – عملية السلام- … التي أوصلت “محمود عباس” ( نفسه ) إلى الاعتراف بـ”فشل الجهود الرامية إلى إقامة دولة فلسطينية مستقلة” ..بل وصلت به حد التشكيك في “جدوى بقاء السلطة الفلسطينية!!
في ظل هذا الحال العربي/ الإسلامي الاستثنائي بكل ما فيه من هوا