نجاد في لبنان.. اين المشكلة?
يحط الرئيس الايراني محمود احمدي نجاد الرحاg في مطار بيروت صباح اليوم في زيارة تثير الكثير من الجدل في اوساط اللبنانيين بسبب توقيتها? حيث تشهد البلاد حالة من التوتر على ارضية قرب اعلان القرار الظني عن المحكمة الدولية بشأن اغتيال الرئيس الراحل رفيق الحريري? والتداعيات التي يمكن ان تترتب عليها على صعيد موازين القوى السياسية اللبنانية الداخلية.
زيارات المسؤولين العرب والاجانب الى لبنان لم تتوقف ولن تتوقف? فقبل اسابيع زارها معا العاهل السعودي الملك عبدالله بن عبدالعزيز والرئيس السوري بشار الاسد? وقبلهما السيدة كوندوليزا رايس وزيرة الخارجية الامريكية السابقة? وتوني بلير رئيس وزراء بريطانيا عندما كانت طائرات بلاده تقصف بغداد? كما زارها الرئيس الايراني في حينه محمد خاتمي? ولم تحدث مثل هذه الزيارات اي انقسام في الشارع السياسي والطائفي اللبناني? مثلما هو حادث حاليا بالنسبة لزيارة السيد نجاد? فأين المشكلة?
المشكلة الاساسية تكمن في العداء الامريكي ـ الاسرائيلي للرئيس الايراني وبلاده? وهو العداء الذي جرت ترجمته الى حصار اقتصادي خانق? وممكن ان يتطور الى ضربات جوية لتدمير منشآت نووية وبنى تحتية ايرانية? وربما مئات الآلاف من القتلى الابرياء على غرار ما حدث في العراق.
الادارة الامريكية ليست مثل بعض العرب? تعادي الزعماء بسبب مذهبهم? وانما بسبب موقفهم من اسرائيل? فامريكا لم تغز العراق وتحتله الا بسبب طموحات قيادته لامتلاك اسلحة تقليدية? او غير تقليدية? يمكن ان تخل بالتوازن الاستراتيجي المائل بقوة لمصلحة الدولة العبرية.
حزب الله اللبناني الذي سيحل السيد نجاد في ضيافته لا يحتل المرتبة الاولى على قائمة العداء الامريكي ـ الاسرائيلي لانه ‘شيعي’ المذهب? وانما لانه حرر لبنان من الاحتلال الاسرائيلي? وصمد لاكثر من ثلاثين يوما في مواجهة عدوان جرى استخدام احدث انواع الاسلحة والدبابات الاسرائيلية والامريكية فيه? وضرب العمق الاسرائيلي باكثر من اربعة آلاف صاروخ? وما زال يشكل تهديدا للغطرسة الاسرائيلية في المنطقة.
بوصلتنا دائما وطنية? وننظر الى الامور بمنظار المصالح القومية والاسلامية العليا? ولا نسمح لانفسنا بان نظل اسرى ‘زواريب’ السياسات والحساسيات الداخلية القطرية الضيقة. وهي البوصلة نفسها التي اهتدينا بها عندما عارضنا بشدة العدوان الامريكي على العراق? لتبصرنا مسبقا بالنتائج الكارثية التي يمكن ان تترتب عليه وعلى المنطقة والامة بأسرها? ولم تكن ولن تكون هذه البوصلة طائفية او مذهبية.
* * *
السيد احمدي نجاد اثار قلق اسرائيل وامريكا من بعدها? لانه كشف مسبقا عن عزمه الذهاب الى بوابة فاطمة في جنوب لبنان على الحدود مع الجليل الفلسطيني ليلقي حجرا على المحتل الاسرائيلي. حجر احمدي نجاد هذا لن يشق رأس بنيامين نتنياهو ولا وزير دفاعه ايهود باراك? ولكنه خطوة رمزية لها معان كثيرة فهمها الاسرائيليون جيدا? مثلما فهمها الشارع العربي في معظمه ايضا.
نسأل بكل براءة: هل كانت اسرائيل ستعبر عن قلقها لو ان السيد نجاد قرر ان يذهب الى البوابة نفسها حاملا باقة زهور? ومؤكدا امام عدسات التلفزة بانه يعترف بوجود اسرائيل? ويعتز بديمقراطيتها الحضارية? ويؤيد حقها في العيش بأمان في دولة مستقرة عاصمتها القدس?
الدكتور ادوارد سعيد المفكر الفلسطيني ـ الامريكي الجنسية والنشأة? ذهب الى بوابة فاطمة والقى اكثر من حجر على الجانب الآخر من الحدود الجنوبية اللبنانية? فقامت قيامة اسرائيل وانصارها اليهود في العالم بأسره ضده? وحاربوه في كل مكان حل? فيه حتى وفاته? وادوارد سعيد لم يكن شيعيا?ٍ ولا ايرانيا?ٍ? ولم يحمل بندقية في حياته? ولكن خطوته هذه استمدت اهميتها من رمزيتها? ومكانة الرجل.
انا شخصيا كنت اتمنى لو ان العاهل السعودي عبدالله بن عبدالعزيز والرئيس السوري بشار الاسد قد توجها الى البوابة نفسها عندما زارا لبنان معا?ٍ? ويا حبذا لو القيا حجرا?ٍ مشتركا?ٍ لتأكيد التزامهما بتحرير الارض المحتلة بكل الطرق والوسائل بعد ان تبين فشل الخيار السلمي العربي? واحتقار ‘الشريك’ الاسرائيلي لمبادرة السلام العربية على مدى السنوات الثماني الماضية.
ويا حبذا لو اقتطع الرئيس حسني مبارك بضع ساعات من وقته وفعل الشيء نفسه? اي القى حجرا?ٍ على اسرائيل? لحمله اهل الجنوب اللبناني بمختلف طوائفهم على الاعناق? تماما?ٍ مثلما فعلوا مع الرئيس الراحل جمال عبد الناصر? واحتضنوا المقاومة الفلسطينية ‘السن?ية’? وانخرطوا في صفوفها بالآلاف? وتسابقوا إلى التسلل عبر الحدود لتنفيذ عمليات فدائية تحت رايتها طلبا?ٍ للشهادة.
***
نشهد حاليا?ٍ عملية تجييش مذهبي من قبل بعض الانظمة العربية ضد ايران? نرى ارهاصاتها في لبنان بوضوح? لان امريكا تعاديها? واسرائيل تستشعر الخطر منها? ولكن ماذا لو عقدت امريكا واسرائيل ‘صفقة ما’ مع ايران كيف سيكون حال هؤلاء? ونذهب الى ما هو ابعد من ذلك ونسأل عن حالنا كعرب لو تعاون بعضنا مع اي ضربات جوية امريكية او