بروين.. اللاجئة الإيرانية التي قتلها نوري المالكي
الله وحده يعلم فيما كانت تفكر فيه هذه السيدة في لحظاتها الأخيرة? لعلها كانت تحلم بالوطن وربوعه الخضراء? بالأهل? بالجيران? لعلها كانت تتمنى أن تكون نسمات الوطن هي آخر نسمات تستنشقها? ولعلها تمنت وهي على فراش الموت أن تمسك بكفها حفنة تراب من أرض بلادها? فمدت يدها وأمسكت بالهواء? لكن المؤكد أنها رحلت غير نادمة على اختيارها سبيل الكفاح ضد من ظلموا شعبها وقتلوا كل شيء جميل? رحلت راضية عن كل ما فعلته لأنها تؤمن بأن شعبها يستحق كل سنوات عمرها التي قدمتها له على طريق الخلاص من العبودية. رحلت (بروين) إلى بارئها الذي هو أرحم بها من العميل الجلاد نوري كامل المالكي الذي منعها من تلقي العلاج في المستشفيات التخصصية بأمر من ملالي إيران? رحلت المجاهدة الشهيدة الى جوار ربها شاكية ظلم الإنسان لأخيه الإنسان? رحلت وملائكة السماء تقول (بأي ذنب ق?ْتلت?). وبروين واحدة من 3400 لاجئ إيراني لايزالون حتى لحظة كتابة هذه السطور يعيشون تحت وطأة أقسى وأبشع حصار فرضته قوات المالكي على مخيم أشرف الذي يؤويهم في قضاء الخالص بمحافظة ديالى? حصار منعوا بموجبه إدخال أبسط مستلزمات الحياة الإنسانية ومواد الإغاثة. كان من الممكن معالجة بروين في المستشفيات العراقية التخصصية فيما لو تم السماح بنقلها خارج المخيم? كان من الممكن تفادي الكارثة قبل وقوعها? لكنها السياسة القذرة والسعي وراء المناصب وجشع النفوس الذي جعل المالكي يتنكر لكل شعور إنساني وينفذ أوامر الولي الفقيه الإيراني بمواصلة محاصرة هؤلاء الأبرياء العزل. كنت أتمنى (في لحظات سذاجتي) أن أسمع خبر?ٍا مفاده أن المالكي أوعز بمعالجة بروين وجميع مرضى مجاهدي خلق على نفقته الخاصة في المستشفيات التخصصية? كنت أحلم كبقية الحالمين أن يقول المالكي في صحوة ضمير (تبا?ٍ للمنصب? لنرفع الحصار عن أشرف ولننهي هذه المهزلة)? لكن نظام الملالي الفاشي يعرف جيد?ٍا كيف يجند عملاءه ومرتزقته في العراق? بل ويعرف أيض?ٍا كيف يختار ذوي النفوس الضعيفة ويصنعهم من العدم ويضعهم كما يضع قطع الشطرنج في المناصب الحكومية العراقية التي يختارها لهم? فالمالكي قام أو قعد ليس سوى دمية يتلاعب فيها الولي الفقيه كيفما يشاء. ولطالما كانت منظمة مجاهدي خلق الإيرانية المعارضة تصدر البيانات تلو البيانات التي تؤكد فيها تدهور الحالة الصحية لمرضاها المحاصرين في أشرف? والمنظمات الدولية المعنية في حقوق الإنسان تغط في سبات وكأن الأمر لا يعنيها? بل وكأن صيانة أرواح البشر ليست من اختصاصها? حتى بدأ هؤلاء بتشييع الجثة تلو الجثة. لقد قدمت العشائر العراقية القاطنة قرب أشرف ما تمكنت من تقديمه من مناشدات متكررة لإنهاء الحصار الوحشي المفروض على مجاهدي خلق? كما أن الشارع العراقي أعلن أمام الملأ مساندته للاجئين المحاصرين في وثيقة تضمنت 480 ألف توقيع? ولكن ما النتيجة التي ترتجى من حكومة لا تمثل إرادة شعبها ولاتكترث أساسا لرأي الجماهير?! لقد ماتت بروين مظلومة بأرض العراق? ماتت ونحن نطرق برؤوسنا خجلا?ٍ لأننا أصحاب شهامة وعزة ونخوة? نعيش في ظل حكومة ظالمة لا قيمة للإنسان عندها? لم نتمكن من تقديم العون لأختنا المسلمة الحرة? ولم نتمكن من مواجهة مرتزقة المالكي الأوباش المجرمين الذين لا يعرفون إلا لغة الدم. هكذا انطفأت شمعة بروين? لتوقد مليون شمعة تستلهم ضياءها من المسيرة الكفاحية لهذه المناضلة الشهيدة? فكأن بروين برحيلها تقول للسائرين على الدرب إيرانيين كانوا أو عراقيين: (تقدموا ولا تتراجعوا? فبيننا وبين النصر خطوات? تقدموا وحافظوا على ثورتنا التي رويناها بدمائنا)? فالسلام عليك أيتها الشهيدة.